العام
علي الجهوري: إعادة التدوير رسالة بيئية بإحساس إبداعي
فن إعادة التدوير هو نوع جديد من الفنون التي يقوم من خلالها الفنان بتحويل المواد المستهلكة بمختلف عناصرها إلى أعمال فنية، ومجسمات تصلح لتوضع في الميادين العامة والمنازل. فمن خلال إعادة التدوير يمكن استخدام، وتوظيف جميع الخامات المستهلكة، والمصنوعة من الحديد، والألمنيوم، والنحاس، وغيرها من المعادن، وقطع غيار السيارات، ويكون اللحام هو المعالجة الفنية التي يتم تنفيذها على جميع المعادن دون استثناء، كما يمكن استخدام مجموعة متنوعة من الأكاسيد، وماء البحر كمواد معالجة للحصول على نتائج رائعة وبألوان مختلفة . التكوين التقت الفنان علي بن سعيد الجهوري، وهو فنان تشكيلي ومشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. فنان متعدد المجالات يعمل في جميع مجالات الفنون المختلفة، ولكنه تميز في مجال إعادة التدوير، واستخدام المواد المستهلكة والموجودة في البيئة، والتي يمكن الاستفادة منها وتوظيفها في إنتاج أعمال فنية رائعة. إلى نص الحوار ..
حوار: أنوار البلوشية
بداية حدثنا عن فن إعادة التدوير بشكل عام فقال: «يعتبر مجال إعادة التدوير من المجالات المهمة التي تدعو إلى الابتكار والإبداع، ودراسة العناصر وتأملها؛ للوصول بها إلى فكر رائع يمكن الاستفادة منه وتوظيفه في البيئة والمجتمع. أيضا من المميزات الثابتة والمهمة في ممارسة هذا الفن هي القدرة على المساهمة في حماية البيئة والمجتمع من مشكلة عالمية تعاني منها أغلب المجتمعات، وتسعى إلى توظيف هذه المواد للتقليل من أضرارها.»
بداية الإبداع
للفن و الإبداع لدى الجهوري بداية حيث قال عنها: «كان اختياري لهذا المجال نابعا من تجربة سابقة لي خضتها في مرحلة الدراسة الجامعية، ثم بدأ ميولي يظهر ويتجسد خلال ورشة الفن والتشكيل بالمعادن في عام 2010، والتي نظمها مرسم الشباب بوزارة التراث والثقافة، كانت هذه التجربة بداية ظهوري واهتمامي بمجال إعادة التدوير والتشكيل بالمعادن، ومما جذبني لهذا المسار هو ما أراه من جمال فني جديد ورائع في فن إعادة التدوير، فقد تميزت فيه بجدارة بسبب عدم وجود منخرطين كثر فيه، بعكس المجالات الفنية الأخرى التي اشتغلت فيها سابقا كالرسم، والتصوير، والنحت، والتشكيل، حيث نجد مجموعة كبيرة ومميزة من الفنانين في هذه المجالات، واستخدام المعادن في هذا المجال يشكل تجربة جديدة وخاصة في مجتمعنا، حيث تعمل على شد انتباه المتلقي وجذبه لنوعية الخامة، وطريقة صياغتها.»
البحث و الاطلاع
وأضاف علي: «بعد ورشة التشكيل بالمعادن والمواد المستهلكة بدأت في البحث والتجريب في جميع المواد المستهلكة، ولكن أكثر المواد المستهلكة التي تشد انتباهي وتدعوني إلى التأمل كثيرا، هي المواد المستهلكة من السيارات، ومحركاتها، والمواد الكهربائية، بسبب تكوينها المعقد الذي يدعو إلى التأمل والتفكير فيها، وكيفية إعادة تدويرها وتوظيفها فنيا وجماليا، وأبحث بشكل دائم عن الجديد في هذا الفن، والأسلوب الرائع من خلال الاطلاع على تجارب الفنانين المحترفين على مستوى العالم.
ويقول: هناك مجموعة مميزة من الأعمال الفنية المنفذة بخامة الحديد، وقطع غيار السيارات المستعملة والمستهلكة حيث أقوم بتوظيفها في إنتاج أعمال فنية مميزة كمجسمات لمجموعة من المخلوقات، والحشرات المستوحاة من الطبيعة، التي تكون أكثر رمزية وبعدا عن الواقعية، والتجسيم الواقعي كالعقارب، والسحالي، والمخلوقات البحرية، والخلايا كخلايا النحل، وخلايا جسم الإنسان.»
الفن الخطر
عندما يختار الإنسان الفن الذي يرغب به يتحدى كل الصعاب من أجل الوصول إلى مبتغاه، فقد واجه علي بشكل دائم العديد من المخاطر خلال ممارسته لفن إعادة التدوير، حيث قال: «هذا النوع من الفن يحتاج إلى مكان خاص ومهيأ، لأن الفنان يكون بحاجة إلى استخدام أدوات ومواد قد تكون خطرة نوعا ما، وتتطلب مكانًا مهيأ بشكل كلي، ومزودا بمواد السلامة وعناصر الوقاية، فقد استخدم آلة لحام، وأتعامل مع تيار كهربائي عالي الشدة، لذلك لزاما عليّ أن أكون دائما على أتم الاستعداد لأي خطر طارئ، وكذلك عامل الوقت مهم جدا، لأن العمل مع هذه المواد يتطلب فترة زمنية طويلة نوعا ما مقارنة مع الأعمال الفنية الأخرى، لصلابتها، وتعقيدها، وصعوبة المادة المستخدمة فيها، على عكس المجالات الفنية الأخرى كالتصوير، والرسم، والتشكيل حيث يمكن أن يمارسها الفنان في أي مكان لأنها لا تتطلب أدوات كبيرة أو كثيرة. فممارسة هذا النوع من الفنون يكون في أوقات الفراغ الطويلة، و فترة الإجازات، ولله الحمد أجد كل التشجيع من جميع أفراد عائلتي وأسرتي، ولهم كل الشكر والتقدير على دعمهم الدائم».
الدعم و التشجيع
يرى الجهوري أنه تلقى الدعم الجيد، والتشجيع الذي أدى إلى تحفيزه لمواصلة المشوار، حيث ذكر: «كل فنان يسعى إلى تطوير نفسه وأسلوبه، و الرقي بأدائه بحاجة إلى الدعم و التشجيع، لتعزيز قدراته، وإيصال أفكاره إلى المجتمع، لأن الفنان يحمل رسالة فكر وعلم يسعى إلى إيصالها لكافة شرائح المجتمع، في كثير من الأحيان تكون كلمة الشكر، والابتسامة، والتعبير عن الإعجاب بهذا الفن هو أجمل دعم، وأروع تشجيع. وأرى أن فكرة إعادة التدوير من الأساليب الفنية الغريبة والجديدة في مجتمعنا المحلي، ولكن بالعزم والجد سوف تصل الرسالة إلى الجميع، ولي نظرة ملؤها التفاؤل حول مستقبل هذا الفن، حيث لا أجد ما يعيق الفنان لممارسة هذا النوع من الفن، فالخامات موجودة ومتوفرة، والمواد المستهلكة في كل مكان، هي فقط تنتظر من يبحث عنها ليطورها ويعيد صيغاتها بفكر فني رائع وراقٍ.»
مشاركات و فعاليات
علي الجهوري عضو في الجمعية العمانية للفنون التشكيلية، ومنتسب لمجموعة فناني فن صحار، و له العديد من المشاركات والأعمال يقول: «كانت لي مشاركة في المعارض الفنية لقسم التربية الفنية بجامعة السلطان قابوس أثناء فترة الدراسة 2000/2001، والمعارض الفنية الخاصة بالمديرية العامة للتربية والتعليم لمحافظة شمال الباطنة وحصلت على العديد من شهادات الشكر والتقدير .وقمت بتصميم مجموعة من الشعارات الفنية، والثقافية، والعلمية، والرياضية لمجموعة من الفعاليات بالمدارس المختلفة، وشاركت بلوحات فنية في معرض أسبوع مرور مجلس التعاون الخليجي تحت شعار ( لا تتصل .. حتى تصل ) بولاية صحار 2009م، ومعرض اليوم العالمي لمكافحة التبغ الذي نظمته وزارة الصحة 2010بولاية صحار.
ويضيف علي الجهوري: نفذت مجموعة من الورش الفنية في مختلف مجالات الفنون كالرسم، والتصوير، والتصميم، والتشكيل الفني، وإعادة التدوير، و أشرفتُ على العديد من الأقسام الفنية في عدد من المنتديات الإلكترونية وأقسام التصميم الفني. و كانت لي مشاركة في معرض الفنون التشكيلية الثامن عشر للشباب بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية 2014 حيث نلت فيها الجائزة التقديرية، معرض خاص ضمن خطة 2015م،
لا حدود للإبداع
و في الختام قال الجهوري: «لا حدود للإبداع ، والفنان دائما يبحث عن التميز، والتجديد، والتطوير لتنمية قدراته الفنية والفكرية حتى تفتح أمامه العديد من الطرق للوصول إلى حد القناعة والاكتفاء، ولا أعتقد أن الفنان سيصل يوما إلى ذلك الحد من الاكتفاء.
وعبّر الجهوري عن طموحاته بأن يكون مساهما ورائدا في نشر فكر إعادة التدوير والتشكيل الفني للمواد المستهلكة، وكما يقول «لما لها من دور فعال في حماية المجتمعات والحفاظ على سلامة البيئة ونظافتها، وأن يكون قادرا على نشر هذه الثقافة خارج حدود مجتمعه داخل السلطنة والعالم أجمع لتكون رسالة سامية للحفاظ على البيئة وصونها.. وقال أتمنى أن يدرك كل أفراد المجتمع أهمية إعادة تدويرالمواد المستهلكة، والمحافظة على التوازن البيئي في المجتمع العماني.»
نشر الحوار في العدد التاسع …