مقالات
إن لم تستحِ فاصنع ما شئت
بقلم/ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي
ما أجمل الإنسان حينما يكون بعفويته وشفافيته، فزائلة هي لحظات التصنع وسويعات النفاق، فلا تلبث حتى تسقط أقنعة الخبث، ويتلاشى الزيف ويسطع الحق ليملأ نوره الآفاق.
فيا أيها الإنسان كم تظلم؟ وكم تعق والديك، وتتظاهر بالبر وأنت تنشر الشقاق، وتنادي بالفراق، وكم تأكل الأموال الحرام؟ وكم تنافق وتسعى بين الناس بالفتن؟ فلم يسلم من جورك الأقارب ولا الأباعد وإلى أين المسير وأين هو المأوى والمصير؟
يسعى المرء بسوء تدبيره وخبث سريرته نحو الهاوية، أكل قلبه الحسد وأعماه الحقد، فيظلم بذلك الأبرياء ويحارب الشرفاء ويتجنى على الضعفاء ونسي بأن الله هو أقوى الأقوياء.
وقد ورد في الأثر عن الأنبياء والرسل عليهم السلام (إن لم تستحِ فاصنع ما شئت). فما الذي تغنيه دراهم بخس معدودة تزهق من أجلها الأرواح ويتفرق بسببها الأهل والأحباب، إنه الجشع والطمع والإصرار على الظلم والقطيعة والمضي قُدمًا نحو سبل الشر.
هل تستحق هذه الحياة كل هذا؟
وهل لهذا الحد أرواح الناس رخيصة كي نسعى بينهم بالظلم والفساد؟ هل ماتت القلوب وانعدمت الضمائر كي تتفشى طرق الظلم بين العباد؟
وقد لوحظ تفشي التفكك الأسري وتعدد أشكال الابتزاز وتنوع الظلم المجحف بين العباد، وبات القتل علنًا واصبحت المحرمات مستساغة، كشرب العصير بانعدام الرحمة وغياب الضمير.
ولو يرجع المرء بفكره قليلًا إلى الوراء لتساءل، هل كانت هذه الأمور موجودة من قبل؟ ربما نعم ولكن ليست بهذه الكثرة وهذه الصورة، ترى ما الذي حدث الآن؟ وما الذي اختلف هل؟ قل الوازع الديني؟ أم انعدم؟ هل غاب الرقيب أم تهاون الحسيب؟ ما الذي جعل الأمر يتفاقم ويتعاظم إلى هذا الحد؟ أسئلة تدور في ذهني كثيرًا وتحتاج إلى أجوبة تشفي غليلي وتطمئن خاطري، فلا أجد لها إلا جوابًا واحدًا ومخرجًا واحدًا، وهو الحياء فإذا انعدم الحياء فأبشر بالبلاء.
فما غاب الحياء إلا وهرولت الرذيلة وهاجرت العفة بغير رجعة وعمت الضوضاء، واختلط الحابل بالنابل وسُمع الأنين وكثُر البكاء، فالحياء ديدن الأتقياء وعفة الفقراء وسمت الأولياء وهي خصلة أوصى بها الأنبياء، وقد تجدها عند بعض الأغنياء فهل يا ترى لا نزال نتواصى فيما بيننا بالحق والصبر ونتمسك بالحياء؟؟