العام

«الفجما» يسبب صدمة كهربائية للأسماك

بإطلالته المسائية، يخرج من منزله بعد صلاة العصر متجها الى قاربه الذي أخذ حيزاً من موقع ميناء الصيد بقريات، أكثر من ثلاثة أيام ينتظر تلاشي الانواء المناخية وعينه على البحر يتأمل زرقته وتارة اخرى يمسح بيده على قاربه، يتأمله، يزيل عنه عوالق البحر، يتأكد من سلامة معدات الصيد.

قريات : راشد البلوشي

علاقته بالبحر لم تكن وليدة الامس بل هي علاقة ورثها عن جده وأبيه وتشارك أخوته الذين عشقوا البحر، تمرس على فن طلوع البحر، وعرف أنواع الأسماك ومواعيد اصطيادها وعالم الرياح ومتغيراتها ومدى تأثيرها على حركة صيد الاسماك وتواجدها، علاقته بالبحر تطورت، استخدم الأجهزة الحديثة في تتبع مواقع الاسماك عبر نظام الجي بي اس، أصبح متابعا للنشرات الجوية التي تصدرها الجهات المختصة عن الاجواء.
اقتحمت عليه خلوته مع قاربه ذي العشرين مترا، إنه البحار عبدالله بن خليفة الوهيبي يحكي لنا عن أسباب توقف الصيادين عن ركوب البحر بعد أن علموا بالأنواء المناخية التي تقترب من السواحل العمانية.. فماذا قال؟
«الجميع متوقف عن طلوع البحر  ليس السبب الرئيس اقتراب العاصفة المدارية في المقام الاول . بل لأن الصيد عنده صدمة مثل الصدمة الكهربائية من أثر الروع والرهبة التي سببتها (الفجما أو الحوت الأزرق القاتل)، وما يؤكد ذلك أن بعض الصيادين ذهبوا البحر لصيد الجيذر، ولكنهم عادوا بدون صيد، بينما اتجه البعض إلى الصيد بالهيال واصطادوا .
ووضح الوهيبي قائلا: عندما تكثر الأسماك، وخاصة الجيذر والسهوة والكنعد، تظهر سمكة الفجما فجأة لتقوم بمطاردة هذه الأسماك، فبعضها يهرب إلى أعالي البحار والبعض الآخر يتجه  بالقرب من الساحل لدرجة أن سمك الجيذر تراه أحيانا  بالقرب من الشواطئ وينتهز بعض الصيادين أصحاب الشباك (الهيال) هذه الفرصة ويقوم بعملية  التدوير على السمك حتى في وضح النهار، لذلك لا يوجد موسم معين لهذه (الفجما).

مواسم كثرة الاسماك
يكثر سمك الكنعد في فصل الشتاء ويكون سمينا، ويبدأ من شهر نوفمبر وحتى شهر فبراير ايضا  أسماك القاع، مثل الشعري والعندق والكوفر والهامور وأمثالها ويكثر في فصل الصيف أما أسماك الجيذر والسهوة والصده وأمثالها، فتكثر أيضا في فصل الصيف. أسماك البياض مثل الخياط والكفتار والقشران والجولان وأمثالها يكون متواجد على مدار السنة ولكن يسمن في فصل الشتاء حيث ينزل من الجبال البحرية إلى الجبال الساحلية بسبب برودة المياه في فصل الشتاء.
علما بان معظم الأسماك متواجدة على مدار السنة ولكن في فصل الشتاء تكون الأسماك سمينة وخاصة الكنعد.

أغوار الماضي
ويسبر لنا البحار عبدالله الوهيبي عن ما استمده من اجداده والخبرات السابقة التي استلهمها من أبيه حيث يقول: في السابق وفي زمن أجدادنا وآبائنا هناك عوامل كثيرة تمنع الصياد من ركوب البحر والحصول على رزقه ورزق عياله أمثال الرياح الشمالية الغربية (الأزيب) أوالرياح الموسمية أو الأعاصير والأمطار وارتفاع الأمواج كما أن قوارب الصيد المستخدمة في ذلك الوقت لا تشجع الصياد لركوب البحر بصفة دائمة  لأنها مصنوعة من الأخشاب ولم يكن هناك محركات وإنما تستخدم المجاديف. حيث لا يستطيع الصياد المجازفة والصيد في أعالي البحار والحصول على الأسماك الكبيرة ،كما أن الشباك المستخدمة في الحصول على الطعم صعبا جدا.

القوارب الحديثة
ويسترسل عبدالله في حديثه: أما الآن فلا يوجد ما يمنع لركوب البحر في أي وقت لأن الأمور تغيرت، فالقوارب أصبحت كبيرة ومن نوع الفيبر واستبدلت المجاديف بالمحركات، كما أن بإمكان الصياد أن يصيد في أعالي البحار والحصول على الأسماك الكبيرة مثل الجيذر والسهوة وأسماك القرش. كما أنه بإمكانه تحميل الشباك الكبيرة والذهاب إلى أماكن بعيدة تصل أحيانا إلى 60 كيلو متراً. وهناك عوامل كثيرة ساعدت الصياد وسهلة له الأمور لركوب البحر. لذلك لا يوجد ما يمنع الصياد اليوم من ركوب البحر حتى في الرياح القوية.
ويختتم البحار عبدالله الوهيبي وهو من سكان قرية الساحل بولاية قريات انتقل حديثا الى قرية حي الظاهر اصبحت مهنة الصيد رفيقة حياته ومصدر رزقه حديثه حيث يقول: العواصف والرياح لها تأثير مباشر في وجود الأسماك، فهي عادة تحب البحر هادئا وذلك لخروج الأسماك الصغيرة على سطح البحر مما يشجع الأسماك الكبيرة مثل الجيذر أو الكنعد أو السهوة وحتى الأسماك الكبيرة مثل أسماك القرش والحوت الكبير (الجرام) من ابتلاع هذه الأسماك بسهولة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق