العام

د. زينب البلوشية.. أحببت التميّز فاخترت الطب وكنت أول عمانية في “الجراحة”

 

 

بابتسامة نجاح وثقة، واسلوب راقٍ وكلمات لطيفة استقبلتنا، بثقافتها واتساع قلبها كانت التحية أطيب، هي المرة الأولى التي ألتقي بها في حوار وكم تمنيت أن لا ينتهي الحوار ويمتد الوقت أطول، في سطور، قد لا تكفي، نروي مسيرتها ومكانتها المشرفة، نحكي ونفخر بإنجازاتها ونتحدث عن مشوارها التعليمي والوظيفي. تميزها واجتهادها وحبها للتفرد كان سببا في ما هي عليه الآن، فخورة جدا بما قدمت وفخورون نحن أكثر بأنها تنتمي لهذا الوطن المعطاء كعطائها. الدكتورة زينب بنت ناصر البلوشية، استشاري أول جراحة أطفال في مستشفى جامعة السلطان قابوس، ورئيس وحدة جراحة الأطفال في المستشفى، ونائب رئيس قسم الجراحة في المجلس العماني للإختصاصات الطبية لقسم الجراحة، وفي مايو الماضي حصدت د. زينب البلوشي نجاحا آخر في مسيرتها المهنية، فكانت أول امرأة تتولى منصب رئيس للجمعية العمانية للجراحة العامة، تطل علينا في حوار جميل كجمال روحها التي استقبلت بها التكوين.. بصفاء قلب وروح وثّابة طموحة.

حوار: شيخة الشحية

البداية..

عندما تكون البدايات جميلة تتوالى عليك اللحظات الأجمل فالأجمل، الدكتورة زينب بنت ناصر البلوشية ولدت في ولاية المصنعة وترعرت فيها. متزوجة وأم لابنتين وولد، أكملت دراستها في مدرسة أم حبيبة الثانوية، درست الطب في جامعة السلطان قابوس وأكملت الدراسات العليا في الجراحة في جامعة مكغيل في مونتريال في كندا من عام 2002 إلى 2007. درست تخصص الزمالة في جراحة الأطفال في نفس الجامعة والتي تتحدث باللغة الفرنسية من عام 2007 إلى 2009. عادت بعد التخرج إلى السلطنة في 2009 لتجهيز وحدة جراحة الأطفال  في المستشفى الجامعي.

يختار الإنسان كل ما يحب وأين يمكن أن يجد نفسه في كل شي في الدراسة والوظيفة وفي امتلاك الأشياء أيضا، تقول الدكتورة: “جاء اختياري لدراسة الطب بعد التخرج من الثانوية، وكان التشجيع من أهلي كبيرا، ولكن في تلك الفترة واجهت الرفض والاستغراب من المجتمع، فالسائد كان أن الفتيات يدخلن عالم التربية وكان الجميع يصنفون بمعلمين ومعلمات. أحببت أن أكون مستقلة ومختلفة ففرضت رأيي بتشجيع من أهلي رغم الصعوبات التي يمكن أن يواجهها الأهل في تعليم فتاة ماديا وفي الطب والإبتعاث ولسنوات طوال، ولكن الحمد لله مضت الأيام سريعة وجميلة، وكنت الفتاة الوحيدة من الدفعة التي دخلت الطب حينها. اختياري للتخصص كان حبا وشغفا به، وكنت أسعى إلى إيجاد شيء جديد في المجتمع بين كثرة المعلمين والمعلمات، فأنا أحب أنا أكون مميزة حتى في امتلاكي للأشياء قبل الآخرين”.

التحديات..

كل الأحلام والأمنيات تتحقق ولكن لابد من عثرات تقوي إرادتك وتشد على يديك وترفعك لتكمل مشوار النجاح الذي لا يمكن أن يكون له حد. تقول الدكتورة زينب: “واجهت صعوبات وتحديات وهي كثيرة فعندما أنتهي من تحدي أجد نفسي وقعت في آخر، من بعد التحدي الذي قادني إلى الطب كان الدخول في عالم الجراحة هو التحدي الثاني وفي عام 1996 العام الذي تخرجت فيه من الطب كانت الجراحة محصورة للرجال فأحببت أن أكون أول فتاة تدخل هذا المجال وكنت قلقة هل سأستطيع أن أكمل وأقاوم في مجتمع رجالي أم لا والحمدللة نجحت، ولكن كنت طبيبة جراحة للنساء فقط كنت لا أتعامل إلا مع المرضى من النساء..

واستمر الوضع هكذا لمدة أسبوعين وبعدها استطعت أن أكوّن سمعتي الخاصة التي فتحت لي المجال في معالجة جميع المرضى من الجنسين”. وأضافت: “بعد زواجي بـخمسة أشهر كنت قد حصلت على الإبتعاث فكان التحدي أصعب وأصعب في أنني أكمل التدريب في الجراحة وأنا قد أصبحت أم ولوحدي هناك ولكن دعم أهلي وزوجي وثقتهم بأنني أستطيع أن أكمل المشوار الذي بدأته كان حافزا كبيراً لي، كافحت وكافحت معي طفلتي (مريم) التي ولدت هناك”.

ومن التحديات التي واجهتها الطبيبة أيضا هو تحدي اللغة الفرنسية التي كان لابد أن تتعلمها لدراسة تخصص جراحة الأطفال وكان التحدي أكبر لأنها لا تتقن اللغة وبعيدة كل البعد عن اللغة الإنجليزية، إذ وصلت إلى مرحلة إلى أنها قد لا تكمل هذا المشوار وتقف عند الحد الذي وصلت إليه ولكن أبى الإجتهاد والتميز إلا إن يكملان المشوار معها، تقول: “تكاتف الأطباء وأخي وزوجي وابنتي الصغيرة معي كان الدافع الذي أمدّني بالقوة والطاقة للمواصلة، فأنا بدأت بتحقيق هدف بأن أكون متخصصة في جراحة الأطفال ولابد لي أن أكمله وأن لا أقف عند هذا الحد، فتعلمت الحروف وطريقة نطقها وبعض الكلمات من ابنتي مريم التي كانت في الخامسة من عمرها وبحكم أنها ولدت هناك كانت تتحدث الفرنسية، وأيضا ساعدتني في ذلك صديقة مقربة وعندما أصبح الهدف أعمق قررت أن أدرس اللغة مع معلمة خاصة تعلمني لمدة أسبوعين والحمدلله خلال هذه الفترة البسيطة كنت قادرة على الكتابة والتحدث والتعامل مع المرضى باللغة الفرنسية وتخرجت بعدها والحمدلله بتخصص جراحة أطفال وبدرجات عالية.

وأستطيع اليوم أن أقول أن اختيار هذا التخصص بحاجة إلى دعم أسري كبير جدا وبعد العمل فيه نكون بحاجة أكبر إلى ثقة المريض وتشجيع الزملاء في العمل والحمد لله نعيش هذا المشهد اليوم في قسم الجراحة فكلنا أخوة ومتعاونين فنحن في قسم الجراحة نعيش في مجتمع أسري مترابط”.

هناك الكثير من المواقف التي تبعث لخواطرنا أحاسيس ومشاعر لا نعرف كيف نعبر عنها، تقول البلوشية: “في يوم تخرجي أهداني رئيس قسم جراحة الأطفال منحوتة عبارة عن أم وابنتها، والبنت تقبل أمها وكانت هذه أول منحوته له بعد التقاعد و قدمني في حفل التخرج بكلمة شكر للأم المغتربة والناجحة لذا فهذه المنحوته لها وقع خاص في قلبي”.

وفي الحديث عن التحديات الخاصة بقسم جراحة الأطفال أوضحت الدكتورة قائلة: “بعد عودتي من الدراسة لاحظت الكثير من التغيرات بالنسبة لقسم الجراحة وكيفية التعامل مع الأهل أيضا لأننا هنا لا نتعامل مع الأطفال بل مع أهاليهم بشكل أكبر، وجدنا الأهل أكثر ثقة بنا فنحن نتكلم اللغة نفسها فكان من الضروري أن نضع الأهالي على دراية تامة بالمرض الذي يعانيه أطفالهم وطريقة العلاج منه فأصبحنا نشرح لهم على الورق وبالرسم والصور وإطلاعهم على كل ما نقوم به، ونتيجة لهذه الثقة أصبح الأهالي لا يطالبون بالسفر للعلاج إلى الخارج كما كان في السابق”.

وأضافت: “يمكنني القول أننا اليوم والحمدلله لا نعاني من تحديات كبيرة تذكر فقد تغلبنا على أكبر التحديات وهو عدم وجود لعمليات المناظير الخاصة بالأطفال سابقا، والتي تعد اليوم من أفضل وأنجح العمليات فبدلا من أن نقوم بعمليه يكون فيها الجرح بطول  5سم أصبحنا اليوم وبفعل المناظير نعمله بطول 5 مل، كما وأننا أصبحنا اليوم نرسل الأطباء لكندا وفرنسا لدراسة تخصص جراحة الأطفال حتى لا يقتصر التخصص على شخص أو شخصين فقط، كما وأننا اليوم لدينا أكثر من خمسة وعشرون طبيبة في قسم الجراحة في المجلس العماني للإختصاصات الطبية وهذا شيء مشرف والحمدلله”.

وأوضحت الدكتورة في ما يخص العلاج خارج عمان بالقول: “لابد ومن الضروري فهم أن الطب في عمان متطور وبشكل كبير جدا وهناك عدد كبير من الأطباء العمانيين الذين يشار إليهم في كفاءتهم ولابد من أن نثق فيهم فمنهم من درس هنا وسافر ليكمل في الخارج ومنهم من درس في الخارج وتخصص هناك، لذلك في ما يخص العلاج في الدول الأخرى خارج عمان تبقى هذه المستشفيات تجارية فهي تحاول أن تكسب ثقتك لأنك في النهاية تدفع من أموالك وقد يصيب ما تقوم به وقد يخيب في أحيان كثيرة”.

وفي حديثنا عن أصعب العمليات التي كانت كالتحدي بالنسبة لها قالت الدكتورة زينب: “خلال يومين من وصولي لعمان بعد التخرج جاءني إتصال من زميلة تخبرني عن طفلة بعمر ثلاث سنوات قد شربت مادة حارقة حرقت معها المرئ بالكامل فكانوا بحاجة إلى من يتكلم مع الأهل ليطمئنهم، وكذلك لإيجاد علاج وبشكل سريع لهذه الحالة، ومن بعد ما اطمأننت على الطفلة قمت بعمل فتحة للتغذية وكان التحدي أن أغيّر المرئ بشيء آخر كالإستعانة بالمعدة أو الأمعاء الغليظة، وكان هناك نوع من القلق والخوف لأنني لم يسبق لي أن قمت بهذه العملية حتى في فترة التدريب والدراسة، فكان الخوف من نجاح العملية أو فشلها فاستعنت بدكتور مصري (رحمة الله عليه) كان يقوم بهذا النوع من العمليات بكثرة وغيرناه بالأمعاء الغليظة والحمد لله الطفلة اليوم أصبحت كبيرة وتنعم بصحة وعافية”. وقالت في ما يخص العمليات وهل الأهل يحبذون بالطبيب أم الطبيبة ليقوم بالعملية: “ليس هناك فرق، كلنا تعلمنا وفهمنا وهدفنا واحد، ولكن تبقى الثقة عاملا أساسيا في ذلك فهناك مرضى من خارج السلطنة ولله الحمد يطلبونني بالاسم لكي أقوم بتشخيص حالاتهم فسمعة الطبيب وإخلاصه في عمله تعزز من ثقة الناس به”.

تقييم وتميز..

بالإنجازات والعمل الدؤوب يمكن أن يقيم الإنسان نفسه بين ناجح أو فاشل ويمكن أن يقيم ما حوله أيضا، فالإنجازات علامة من علامات النجاح والتفوق، تقول الدكتورة: “الحمدلله أصبحنا اليوم نقوم بالعديد من العمليات المختلفة عن طريق المنظار بدلا من عمل الجروح وتشويه الجسم كعمليات الفتاق، وعمليات تنزيل الخصية، وعمليات الزايدة، والمرارة، والطحال، وأكياس المبايض وارتفاع الحموضة لدى الأطفال وذلك عن طريق تشكيل صمام من المعدة، والحمدلله نجحنا وبشكل جدا ملحوظ في هذه المهمة”.

وفي سؤالنا هل فشل العمليات أو عدم نجاحها يعد مؤشرا لفشل الدكتور أو عدم خبرته، أوضحت بأن الطبيب الذي يقول بأن عمليته مضمونة هو غير صريح مع نفسه ولا مع الناس لأن العمليات جميعها لها تأثيرات ومضاعفات تبدأ من إلتهاب الجرح والنزيف مثلا فلابد أن يخبر الطبيب الأهل بهذه المضاعفات بالكامل لأنها لا تدخل ضمن تقييمه في نجاح أو فشل العمليات، هي تحدث مع الجميع ولكن بمستويات، وعلى كل ذلك يبقى هدف كل الأطباء واحد وأسمى وهو أن المريض يقوم بخير وعافية ويعود لأهله بالسلامة وأن المضاعفات أعراض طبيعية ومتوقعة، والطبيب بشكل عام لا يمكن أن يقوم بعملية إلا وهو واثق أنه على دراية كاملة بهذه العملية وملم بالمضاعفات التي قد تحصل وتكون لديه عدة طرق في عمل العملية أساسا.

أما في سؤالنا هل من الممكن أن تقبل عمل عمليات لأحد أقاربها أم لا قالت: “نعم بالطبع وقمت بعمل عملية بعد رجوعي من كندا لأختي الصغيرة كانت معها الزائدة الدودية وكنت مناوبة يومها فأعتقد في بعض الأحيان تكون أنت أمام الأمر الواقع ليس هناك طبيبا مناوبا إلا أنت ولكنني بعيدا عن هذا السبب ليس لدي أي مانع في أن أقوم بعمل العمليات لأقاربي”.

انجازات وجوائز..

جميل أن يكرم المرء على ما يبذل من جهد ويقدم من عطاء، والدكتورة زينب كان عطاءها كبيرا، وتميزها فريدا، وجهدها عظيما، وبذلك فهي تمثل رابطة جراحة الأطفال العالمية في المناظير للشرق الأوسط في السلطنة، كما أنها حصدت العديد من الجوائز ومنها جائزة أحسن طبيب متدرب في قسم الجراحة بين الأطباء العرب والكنديين في 2007 في كندا، وجائزة دكتور كيت من في جراحة الأطفال عام 2009، وجائزة أفضل طبيب مدرّب في قسم الجراحة في المجلس العماني للاختصتصات الطبية في 2017، وحصلت على جائزة أحسن طبيبة وتم تكريمها في يوم جامعة السلطان قابوس في سنتين على التوالي. كما أن لها العديد من المشاركات في المؤتمرات داخل السلطنة وخارجها، فقد شاركت في مؤتمر طب الأطفال للأطفال الخدج لمدة سنتين متواصلات والذي يعقد في 17 نوفمبر من كل سنة، وشاركت في مؤتمرات طبية حول العالم في أمريكا، وكندا، وإيران، وتركيا، ومصر، وتمت دعوتها في مؤتمر طبي في الكويت وقدمت ورقة حازت على قبول وتشجيع كبيرين لدى زملائها وكافة الحضور، كما أن لها دعوات  لحضور مؤتمرات في الأشهر القادمة في تركيا شهر اكتوبر  وفي مصر شهر نوفمبر وفي الهند شهر فبراير. كما أن تم اختيارها لتكون طبيب زائر تختبر الأطباء الجراحين ليوم تخرجهم في شهر يوليو الجاري في الكلية الملكية للجراحين في بنجلاديش.

ويذكر أن من إنجازات الطبيبة أنها أكملت ما يقارب المائة والخمسون عملية في المناظير لإستئصال الطحال في العام 2017 – 2018، ويعد  الطحال عضوا في الجسم ويبدأ في التضخم وامتصاص كميات كبيرة من الدم خاصة لدى الأطفال الذين يعانون من أمراض وراثية كالأنيمياء المنجلية والثلاسيميا. وجدير بالذكر أنه تم تعيينها رئيسا للجمعية العمانية للجراحة العامة منذ شهرين وقالت عن توليها للمنصب: “المنصب الجديد جاء عن طريق الأنتخابات  فأنا قد رشحت نفسي لهذا المنصب وتمت عملية الانتخابات خلال يوم واحد في مقر الجمعية بالخوير وبلغ عدد  الجراحين المترشحين 10 وكنت المرأة الوحيدة بينهم والحمدلله حزت على أصوات كفاية تدخلني مجلس الإدارة تم اختياري لأكون رئيسة الجمعية كأول إمرأة تشغل هذا المنصب، ولا زلت أقوم بعمل العمليات في المستشفى فالمنصب هذا بعيد كل البعد عن المستشفى وعمله”.

وفي سؤالنا هل هناك فرق في ما إذا تولى المنصب رجل أم إمرة قالت: “ليس هناك فرق بالطبع فالهدف واحد سواء مع الرجل أو المرأة والحمدلله لا يوجد هناك فرق بين الرجل والمرأة، إضافة إلى أن مجتمع الجراحين اليوم يعترف بأن الفتاة الجراحة هي من ضمن مجموعتهم ويفتخرون بها، والدليل كمية التهاني التي وصلتني عندما أعلن المنصب في تغريدة على تويتر من قبل المرضى وأشخاص لهم مكانتهم في الدولة وكذلك إخواني الجراحين”.

وعن إجتهاداتها التي يمكن أن تبذلها من خلال توليها لهذا المنصب قالت: “لاحظت أن ليس كل الجراحين في عمان يندرجون تحت مظلة الجمعية العمانية للجراحة العامة، لذلك قررت جمعهم تحت هذه المظلة وعملت اتصالاتي مع رؤساء أقسام الجراحة في كل محافظات السلطنة ليكون الهدف واحد وتتوالى بعده الخطط في عمل الأنشطة المختلفة من ورش الأعمال والمؤتمرات ومناقشة بحوث وتبادل خبرات من خلال الدخول في مستشفيات هذه المناطق ودخولهم في مستشفياتنا والعمل معا، كما وأننا نسعى إلى استقدام أطباء من كندا وغيرها لعمل كورسات تدريب”.

يذكر أن من أهداف الجمعية هو جمع كل الجراحين العمانيين والغير عمانيين في السلطنة تحت مظلة واحدة وهي الجمعية العمانية للجراحة العامة وأيضا عمل منتديات ومؤتمرات وورش عمل لجميع المستشفيات بدون تفرقة لتبادل الخبرات بين الجراحين وكذلك أيضا التواصل وتبادل الخبرات مع المؤسسات والهيئات على مستوى الخليج و الدول العربية والشرق الأوسط والمؤسسات والهيئات العالمية أيضا وكذلك الوقوف مع الأطباء في حال تعرضهم للإساءة أو أي شي آخر.

الحياة بعيدا عن الطب..

العمل والوظيفة من شأنهما أخذ الوقت والجهد مما يؤدي إلى الإبتعاد عن الأسرة في بعض الأحيان، أكدت الدكتورة زينب على التشجيع والدعم من زوجها الذي وصفته بالمتفهم كونه طبيباً أيضا ومدرك للأوضاع وقالت أيضا: “في كثير من الأحيان أجده ينتظرني حتى في أوقات متأخرة من الليل، كما وأنه يساعدني في تعليم الأطفال ومتابعتهم والمذاكرة لهم بالرغم من أن البنات يحبون أن أكون أنا من يذاكر لهم، لذلك عندما لا يكون لدي مناوبات وفي الإجازات يكون وقتي بالكامل لأسرتي محاولة بذلك إستغلال كل الفرص لأكون معهم لكي لا يشعرون أن والدتهم غير موجودة والحمدلله هذا شيء ملاحظ من أقاربي أيضا بأنني قادرة على أن أوفق بين عملي وأسرتي”.

وفي كلمة وجهتها لكل من يراها نموذج عماني ناجح ويريد الإقتداء بها قالت: “شكرا لكل من يراني نموذجا عمانيا ناجحا، وأنصح الجميع بتحديد أهدافه التي سيخطو عليها فتمضي به نحو النجاح والتميز، وأن يكون واثقا تماما بقدراته وبأن لا شيء يمكن أن يعيق طموحه، وفي ما يخص مجال الطب أنصح الطلبة والأطباء أيضا أن يكونوا على إطلاع واسع بما يطرأ في هذا المجال لأنه متجدد وواسع، وأن يستمروا في عمل البحوث وحضور المؤتمرات وورش الأعمال والتعرف على خبرات من دول أخرى وكل ذك أيضا بحاجة إلى أن يتمتع الشخص بأخلاق طيبة وأسلوب جميل فنحن اليوم نمثل نموذجا للطبيب المخلص لعمله والمحب لوطنه بالنسبة لهؤلاء الطلبة”.

وأضافت: “حضرة صاحب الجلالة كان له الفضل الأول والأسمى في تمكين المرأة العمانية وإبراز قدراتها وإعطاءها الثقة لتدخل في جميع المجلات لتحقق الإبداع والإبتكار، فالغرب كانوا يعتقدون وكنت أرى هذا الشيء واضحا بأننا نحن النساء لا نستطيع أن نتكلم ولا أن نواجه ولا أن نتعامل مع الرجال ومع الجراحة كتخصص ولكننا والحمد لله استطعنا أن نثبت عكس ذلك، فنحن نستطيع أن نسافر وأن نعمل في مختلف الوظائف وأن نحفظ اسم عمان واسم عائلاتنا في كل مكان يمكن أن نكون فيه ونثبت للجميع بأننا على قدر عالي من المسؤولية ويمكننا تحملها وأنا فخورة اليوم لما وصلت له المرأة العمانية على كافة المستوايات”.

وعن هواياتها قالت: “أنا أحب الموسيقى وأعزف بعض المعزوفات البسيطة على البيانو وأعشق الأغاني العربية القديمة، وأحب والشعر أيضا، ولدي العديد من الجوائز في الإلقاء الشعري أيام المدرسة وكتبت عددا من الخواطر، كما وأنني عرف عني غنائي للكثير من الموشحات الأندلسية، كما وأنني أحب التمثيل، وأشعر اليوم أن كل هذه المواهب ساعدت في صقل شخصيتي وتقويتها، وأتعامل مع أبنائي بنفس الطريقة التي تربيت عليها فأهلي كان يروق لهم أن تكون زينب موجودة في كل مكان وتواجه كل شيء بكل ثقة وهذا ما أعلمه بناتي اليوم وسأعلمه ابني غدا بحكم صغر سنه، وأشجع أخوتي أيضا على التعامل بنفس الأسلوب مع أبناءهم. أيضا أحب القراءة وأقرأ الكتب التاريخية والقصص والروايات”.

وأضافت: “نحن عشنا في مجتمع مغلق جدا ولكن بالرغم من ذلك نجحنا وتفوقنا، وأطفالنا اليوم على قدر عالي من الذكاء فهم يتعاملون مع الإنترنت أي مع عالم مفتوح لذلك لابد من إعطائهم الفرصة والثقة ليكونوا أفضل وأذكى وأكثر تفوق”.

أمنيات وأحلام..

وعند سؤالنا هل تتمنى الدكتورة أن يتشارك معها أبنائها نفس هذا الطموح قالت: “نعم أتمنى، وأعتقد أن هذا الحب تولد فيهم فإبنتيّ مريم ذات الخامسة عشر من العمر ومايا إبنة  ثماني سنوات يودون الدخول في هذا التخصص، مريم تريد جراحة تجميل ومايا تريد جراحة أطفال، كما أتمنى من جميع الطلبة في كلية الطب أن يسعون ويستمرون ويحبون ما يقومون به، وأن يركزوا على البحوث لأن ذلك من شأنه أن يزيد فرصتك في التفوق ونطمح أن يعود المبتعثين ليغطوا النقص الذي نعاني منه في عدد الجراحين والذين نفخر بنتائجهم التي تصلنا والحمدلله. كما وأتمنى أن تكون بناتي محبات لهذا المجال كما أحببته فعلا”.

وأضافت: “أمنية أتمناها دائما أن يحفظ الله حضرة صاحب الجلالة ويمد في عمره بالصحة والعافية دائما، كما وأتمنى أن تصافح يدي يده الكريمة لأقول له شكرا على كل الثقة التي أعطاها للطفلة والفتاة والمرأة العمانية وبأننا أهل لثقة جلالته، وثانيا أتمنى العافية لي ولأسرتي وعائلتي وأن يوفق الله أبنائي في دراستهم وأكون فخورة بهم ويشرفوني ويشرفون بلدنا الغالية عمان. أما على المستوى العلمي والوظيفي فأتمنى أن يكون هناك مستشفى مهتم بصحة الأم والطفل وأن يكون هناك مستشفى خاص بالأطفال والعناية بهم، وأن تأسس وحدة عناية بالأطفال منذ الولادة وبها كافة الأجهزة الطبية الحديثة ووحدة خاصة بالمناظير وأن نكون دائما متطورين في هذا المجال”.

كلمة شكر..

وفي كلمة شكر وجهتها الدكتورة عبر مجلة التكوين قائلة: “شكر جزيل لوالدي وأمي وأخواني وزوجي وأهل زوجي وبناتي وولدي الذين صبروا وعاشوا معي كل هذه الفترة من الدراسة والتعب، شكرا على الثقة التي أعطوني إياها والتي ساعدت في دعم وتشجيع أخواتي أيضا فلدي أختين في الطب واحدة في الأذن والأنف والحنجرة والثانية لا زالت طالبة في السنة الثالثة في إيرلندا والحمد لله كنت أنا من فتح الباب بتشجيعهم ودعمهم الكبير ووقفتهم القوية معي واليوم هذا ما أقوم بتعليمه لإبنتي الكبرى فهي قدوة لأخوتها. والشكر الأكبر لحضرة صاحب الجلالة على الثقة التي أولانا إياها والتي نتمنى أن نكون قد كنا على قدر منها، والذي بفضل من الله تعالى وفضله أصبحت المرأة العمانية تتقلد المناصب وترتفع في المستويات، شكرا للمجتمع والشكر موصول أيضا لقسم الجراحة العامة ممثلة في رئيسها الدكتور هاني القاضي وجميع الموجودين في القسم”.

نشر هذا الحوار في العدد (33) من مجلة التكوين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق