العام

السلطنة .. تماسك وطني وجهود شاملة لمواجهة وباء كورونا 

في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا المستجد ” كوفيد – 19 ” ، وعلى نحو يثير القلق والحذر في الكثير من الدول على امتداد العالم، فإن السلطنة تنبهت منذ وقت مبكر للاستعداد والتعامل مع هذه الجائحة، واتخاذ مختلف  الإجراءات الضرورية واللازمة لاحتواء الفيروس والحد من انتشاره قدر الإمكان، والعمل في الوقت ذاته من أجل توعية المواطنين والمقيمين بمخاطر المرض، وبالإجراءات الوقائية، وبدورهم أيضا، قام المواطنون والمقيمون بالعمل على حماية أنفسهم وذويهم باتباع الإجراءات الوقائية 
والاحترازية التي تتخذها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع  التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، والالتزام بها تماما.

الاهتمام السامي وتشكيل اللجنة العليا

وبينما بادرت وزارة الصحة إلى القيام بدورها الوقائي والعلاجي والتوعوي  أيضا في التعامل مع فيروس كورونا في الأيام الأولى لاكتشاف بعض  حالات الإصابة في السلطنة، فإن الأمر السامي بتشكيل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، برئاسة معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية، وعضوية 
عدد من أصحاب المعالي والسعادة،  نقل في الواقع  مستوى التعامل مع الفيروس إلى المستوى الوطني الذي تشارك فيه مختلف الجهات والهيئات ذات العلاقة بالتصدي للفيروس والحد من انتشاره ونتائجه وتوفير الظروف الملائمة للمواطنين والمقيمين، ولأبناء السلطنة في الخارج أيضا، الذين حرصت حكومة السلطنة على ترتيب عودة معظمهم إلى البلاد، 
خاصة الطلاب والمبتعثين، وهو ما تم خلال الأيام الماضية.

جدير بالذكر أن اللجنة العليا ومنذ تشكيلها، في حالة انعقاد دائم، وتعمل  بتنسيق وتكامل بين مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة لتنفيذ الإجراءات التي تراها ضرورية للحد من انتشار الفيروس، والتعامل مع الإصابات التي يتم اكتشافها وعلاج ما يحتاج إلى العلاج منها،  فضلا عن تنظيم الإجراءات الخاصة بالعزل الصحي المؤسسي والمنزلي للحالات التي  تقتضي الأمر وضعها تحت العزل  الصحي.  وقد تم بالفعل شفاء 61 حالة  من بين الإصابات التي بلغت 298 حالة حتى اليوم الأحد، ووفاة حالتين.

ومما له دلالة عميقة، أن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه –  ترأس أحد اجتماعات اللجنة العليا، وأكد  جلالته على دعم جهود اللجنة وتوفير كل الإمكانات لها للقيام بدورها وبذل كل ما يمكن من جهود لاحتواء الفيروس والتغلب عليه ، مؤكدا جلالته  حفظه الله ورعاه” على تعاون أبناء الوطن والمقيمين على أرضه الطيبة.  

وفي حين تشكل جهود المكافحة الصحية لفيروس كورونا والإجراءات الوقائية خط الدفاع الأول لاحتواء الفيروس والحد من انتشاره، إلا أن التغلب على هذا الوباء يتطلب في الواقع جهودا كثيرة، متكاملة تمتد إلى  كل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية واللوجستية والإنسانية أيضا، خاصة وأن إجراءات العزل الصحي المنزلي والمؤسسي، والحاجة إلى الحد من  لتنقل والتجمعات البشرية، والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، وحتى إغلاق بعض الأماكن، حماية للمواطنين والمقيمين.

إجراءات وتدابير احترازية

ومن هنا تحديدا، وفي إطار حرص الحكومة على تخفيف الآثار المترتبة  إلى الفيروس والحد من انتشاره، فإن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية خلال الأيام الماضية من خلال إجراءات اللجنة العليا، التي تم إعلانها والعمل على التقيد بها على كافة المستويات. وفي حين تحرص الحكومة على توفير كل المستلزمات الطبية  للتعامل مع الفيروس 
ولعلاج الإصابات التي تحتاج إلى علاج وزيادة وتكثيف الإجراءات الوقائية، فإنه تم ويتم استيراد المواد الطبية اللازمة لذلك من خلال عدد من رحلات الطيران العماني إلى الصين، ومع توفر المواد الغذائية والاستهلاكية في مختلف محافظات وولايات السلطنة، وفي المخزون  الاستراتيجي، إلا أنه يتم توفير مختلف التسهيلات للقطاع الخاص لاستيراد 
المواد الغذائية، وتوفير أماكن التخزين اللازمة  لها، كما أن موانئ السلطنة  تعمل بكامل طاقاتها، وهى تتمتع بشبكة خطوط بحرية مع أكثر من 85  ميناءً على امتداد العالم. يضاف إلى ذلك أن الهيئة العامة لحماية المستهلك  تقوم بدورها لمتابعة الأسعار ومنع أي ممارسات احتكارية قد يستغلها  البعض في هذه الفترة.  

وبالنظر إلى أن اللجنة العليا لبحث آليات التعامل مع التطورات الناتجة عن  فيروس كورونا، قد قررت إغلاق العديد من المؤسسات والمشروعات الخدمية، وطلبت تخفيف أعداد العاملين في الجهاز الإداري للدولة والقطاع  الخاص إلى أدنى حد ممكن والعمل من المنزل لمزيد من العاملين، ليتسنى بقاء أكبر عدد من المواطنين والمقيمين في منازلهم وأماكن إقامتهم 
كإجراء وقائي، فإن هناك العديد من الإجراءات التي تم اتخاذها لتخفيف  الأضرار التي تصيب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الخدمية والاقتصاد بوجه عام، سواء عبر تقديم تسهيلات ضريبية لتلك  المشروعات، أو تأجيل بعض الالتزامات المالية عليها، أو الإعفاء من الغرامات، وجاء تشكيل صندوق خاص للتعامل مع النتائج المترتبة على “كوفيد – 19 ” خطوة مهمة تدعم الخطوات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي العماني في هذا المجال، وقد تبرع جلالته بعشرة ملايين ريال عماني لصالح الصندوق، الذي يتلقى ايضا  تبرعات تقدمها الشركات والمشروعات والأفراد أيضا لدعم جهوده خلال هذه الفترة.

وفي حين تقوم قوات السلطان المسلحة بدعم جهود مؤسسات الدولة الأخرى، وتسخير إمكاناتها الفنية واللوجستية، برا وبحرا وجوا للتعاون  مع اللجنة العليا والإسهام في تحقيق إجراءاتها وخطواتها التي تتخذها  الاحتواء انتشار فيروس كورونا، بما في ذلك تسيير سفن إلى محافظة مسندم لتوفير مزيد من المؤن والمواد الغذائية والمستلزمات الفنية لمواجهة فيروس كورونا، فإن المجتمع العماني، الذي تميز دوما بالتكافل والتضامن والتماسك، يظهر درجة عالية، مشرفة وواعية، من التماسك المجتمعي لمواجهة فيروس كورونا، سواء من خلال الأعداد الكبيرة من  المتطوعين الشباب لدعم جهود الإغاثة،  أو من خلال تعاون العديد من  الجهات والمؤسسات لتنفيذ قرارات اللجنة العليا، وحتى مساعدة المواطنين  والمقيمين الذين تم فرض حظر على تحركاتهم، لأسباب احترازية،  والعمل  على توفير احتياجاتهم الغذائية وغيرها، ليشعروا بدعم المجتمع ووقوفه معهم.

تماسك وطني

ومن خلال هذا التماسك الوطني القوي، وعبر تعاون مؤسسات الحكومة والقطاع الخاص، وكذلك الالتزام الجاد من جانب المواطنين والمقيمين بالإجراءات الاحترازية، فإنه لم يكن مصادفة أن يظل الفيروس تحت السيطرة، ومن المهم والضروري أن يستمر هذا الالتزام والتعاون على كافة المستويات حتى يتم التغلب على الفيروس بأقل خسائر ممكنة.
ولعل مما له دلالة أن تشيد شبكة المجلس الأطلسي الأمريكي بخطة  السلطنة لاحتواء كورونا، وقد وصفت الخطة بأنها “فعّالة ومثيرة  لإعجاب”. وفي النهاية فإن النجاح الذي نتطلع إليه يتوقف على تفهّم وتعاون وجدّية المواطنين والمقيمين في الالتزام الكامل بالإجراءات التي 
تقررها اللجنة العليا، حتى تنتهي هذه الجائحة، لأن الغاية في النهاية هي مصلحة الوطن والمواطن والمقيم، وهي مسؤولية الجميع أيضا حكومة وقطاعا خاصا ومواطنين ومقيمين.

المصدر: العمانية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق