العام

المبتكر زياد الغرابي: أسعى إلى إيجاد بيئة حاضنة لرواد الأعمال المبتكرين

متخــصص فـي آداب اللـغــة الإنجليزية ولكنه يرى أن حب الابتكار والميل إلى المشاريع العلمية فطرة فطرهُ الله عليها، وهي هبة لابد أن يستغلها على خير وجه. المبتكر الذي لا يزال على مقاعد الدراسة الجامعية زياد بن حمود بن حميد الغرابي، يهوى حل المشاكل والابتكار والبرمجة وكتابة القصص. التقت به التكوين في سرد شيق وجميل لتجاربه ومشاريعه وأفكاره المستقبلية في السطور الآتية.

حوار: أنوار البلوشية

حدثنا عن بداية دخولك عالم الابتكار؟
بدأت رحلة الابتكار الفعلية منذ الصغر، حيث كنت أقوم بتفكيك ألعابي ومحاولة تركيبها أو دمجها مرة أخرى، ثم أتت الفرصة لصقل موهبتي بشكل أدق من خلال المدرسة عن طريق المشاركة في النوادي والمسابقات العلمية كالتنمية المعرفية. أرى أن الابتكار جزء من شخصيتي وفطرتي، وهي هبة من الله عز وجل، وعلى أمل أن أُوفّق في استغلال هذه الهبة وتطويعها من أجل تحقيق شيء ملموس لخدمة المجتمع والوطن. ولوالدي الدور الكبير في صقل موهبتي، إذ كان أبي يشجعني على القراءة المستمرة، والبحث والتقصي عن المعلومة، مما أدى إلى تجميعي لكم كبير من البيانات والمعلومات التي سهلت علي عملي في مجال الابتكار وإيجاد الحلول، فالابتكار هو إيجاد حلول للمشاكل اليومية، بطريقة جديدة من خلال التأمل في البيئة واستنباط المعلومات المتوفرة حولنا.
تطبيقات فريدة
أولا ابتكار (Ruhhul).. حدثنا عن فكرة الابتكار بشكل عام؟
«رُحّل» هو تطبيق قيد التطوير، تقوم فكرته على تنظيم السياحة الداخلية في سلطنة عمان، التطبيق يخدم المواطن بالدرجة الأولى ومن ثم الوافد إلى السلطنة. إضافة إلى ذلك، يهدف التطبيق إلى تنمية السياحة في المناطق والقرى في سلطنة عمان، مع إتاحة الفرصة للقاطنين في القرى لتقديم خدمات سياحية للزوار.
ثانيا ابتكار (Inkom).. حدثنا عنه وما الهدف منه؟
«انكوم» هو التطبيق الأول من نوعه في السلطنة، وهو معني بالطباعة السحابية والطباعة الالكترونية، حيث يعمل هذا التطبيق على ربط الطابعات الموجودة في المطبعة بالمستخدم، عن طريق تطبيق في الأجهزة الذكية، ويمكّن هذا التطبيق المستخدم من إرسال مستنداته وأوراقه مباشرة إلى أقرب مطبعة متوفرة، لتتم طباعة طلبه على الفور، ومن ثم استلامه أو توصيله. وقمت بدمج التطبيق مع التقنيات العصرية كتقنية انترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي. يهدف هذا الابتكار بشكل أساسي إلى رقمنة قطاع الطباعة والإعلان في السلطنة، تماشيا مع التوجه الاستثماري العالمي لرقمنة الاقتصادات والقطاعات التقليدية. ونسعى أيضا إلى تقديم خدمة مستخدم فريدة من نوعها، حيث يجد المستخدم مطبعة أو مكتبة في جيبه، ويستطيع من خلاله طباعة مستنداته وأوراقه في أي مكان وزمان.
لوجستي ومعرفي
لديك ابتكارات أخرى؟ حدثنا عنها..
توجد لدي ابتكارات أخرى في مجالات مختلفة، مثل أول مشروع عملت عليه وهو «موجات زياد فوق الصوتية» حصلت من خلاله على جائزة إقليمية نلت فيها المركز الثالث في الهندسة بمسابقة «إنتل للعلوم ٢٠١٤» في العاصمة القطرية الدوحة، ويندرج هذا الابتكار تحت مجال الإلكترونيات. وتوجد لدي ابتكارات أخرى في مجال الالكترونيات والروبوتات إلا أنني توجهت حاليا لريادة الأعمال في مجال الابتكار باستخدام التطبيقات الذكية، لسهولة التنفيذ وانخفاض تكلفة الاستثمار؛ مما يمكننا ايجاد تمويل للمشاريع والأفكار البحثية التي تكون بحاجة إلى تكلفة عالية.
ما التحديات التي واجهتها في عمل هذه الابتكارات؟
من أهم التحديات التي تواجه المبتكر بشكل عام هو التمويل، إذ أن هذه الأفكار تتطلب أدوات واختبارات وتصاميم أولية تكلف الكثير من المال، لذلك توقفنا فترة من الزمن للتركيز على إيجاد مصادر دخل مستدامة لتمويل الابتكارات عن طريق الاستثمار في مجال التطبيقات الذكية وريادة الأعمال، إضافة إلى ذلك، يجد المبتكر العماني عقبة في إيجاد الدعم المناسب، ولا أشير إلى الدعم المادي فقط، وإنما يشمل الدعم اللوجستي والمعرفي كذلك، بالرغم من كل ما أسلفت في ذكره، إلا أني أرى أن المبتكر الحقيقي هو كل من يجد حلًّا لهذه التحديات والصعوبات، لأن الابتكار هو فن حل المشكلات.
تميز وإبداع
في ظل ظهور الكثير من المبتكرين والابتكارات في الفترة الحالية، ما المميز الذي يجعل من ابتكاراتك ناجحة وتتفوق على باقي المشاريع المشابهة؟
تتميز الابتكارات التي تحدثت عنها بالندرة وحاجة الفئة المستهدفة لها، ومثال ذلك، مشروع «موجات زياد فوق الصوتية» هو مشروع يقوم على دراسة تأثير الموجات فوق الصوتية لمكافحة حشرة «دوباس النخيل» والآفات الزراعية التي تهدد المحاصيل الأخرى. ومثال آخر يمكن ذكره هو تطبيق «رُحّل» الذي يقوم على حل مشكلة شائعة تعاني منها نسبة كبيرة من العمانيين، وهي مشكلة التخطيط لرحلة داخلية في سلطنة عمان، إذ نجد أن الكثير من المواطنين يشتكون بسبب عدم توفر الخدمات السياحية أو عدم التنظيم، إضافة إلى المشاكل الأخرى المهمة كازدحام الأماكن السياحية بسبب عدم التنظيم، تطبيق «رُحّل» يقوم بحل هذه المشاكل باستخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وأيضا يوفر التطبيق فرصًا استثمارية للشباب لتنشيط حركة السياحة في مناطقهم، ويوفر فرصًا سياحية للعمانيين لخوض تجربة مريحة وفريدة من نوعها. ومثال آخر على التميز في الأفكار هو تطبيق «انكوم» الذي يتميز بنظام خاص وهو «أتمتة الطابعات»، أي جعل الطابعة تعمل آليا دون تدخل بشري، فعندما ترسل الملفات آليا تستقبل في الطابعة بنفس اللحظة، وتتم طباعتها توفيرا للوقت والجهد لصاحب المكتبة والعميل.
هل وجدت من يتبنى مشاريعك ويتم تطبيقها على نطاق واسع والاستفادة منها؟
إلى الآن كل هذه الأعمال هي نتاج تمويل شخصي وبمساعدة الأهل والأصدقاء. وعلى أمل أن أصل إلى العالمية من خلال هذه الاستثمارات، فنحن نعمل على تأسيس قاعدة مستقبلية تقنية متينة من أجل كل من يأتي بعدنا من المبتكرين أصحاب الأفكار الجديدة، كما أنني أعمل على توسيع الأعمال من خلال التدرج في تقديم الخدمات.
وأضاف زياد قائلا: المبتكر الحقيقي هو من يقوم على استغلال بيئته وتطويعها للوصول إلى هدفه، فهل نحتاج الى دعم؟ نعم نحتاج.. فبالدعم من الممكن تخطي عدد من الخطوات، بالرغم من ذلك، عدم وجود الدعم لا يعني التوقف، إنما هو دافع للبحث عن الحلول والبدائل، ولله الحمد هذا ما نقوم عليه، كما أن الأهل والأصدقاء هم أكبر الداعمين لنا حتى الآن، وهذا مناسب حتى الآن للاستمرار. ما نسعى إليه الآن هو الحصول على الدعم المعرفي، وتوفير بيئة عمل لإدارة وتنفيذ المشاريع بطريقة منظمة، ففي مجال ريادة الأعمال الخاصة في سلطنة عمان ينقصنا الكثير من العمل، وأهمها افتقارنا لبيئات حاضنة لرواد الأعمال والمبتكرين، وهي من أهم أهدافنا التي نود تحقيقها بإذن الله.
أنشطة وجوائز
لديك الكثير من المشاريع والابتكارات الفريدة والمميزة، حدثنا عن مشاركاتك والمراكز التي نلتها من خلال عملك في هذا المجال؟
بطبيعة الحال على المبتكر ورائد الأعمال أن يكون ملما بالعديد من التجارب والأنشطة، وعلى هذا النهج عملت جاهدا، وكانت أبرز المشاركات والجوائز والأنشطة على سبيل الذكر، مشاركتي في تدريب وتنظيم فعالية ١٠٠ مبتكر عماني من عام ٢٠١٥ إلى اليوم، وحصلت على المركز الثالث في مسابقة انتل للعلوم ٢٠١٥ في العاصمة القطرية الدوحة في مجال الهندسة، ونلت المركز الأول في ملتقى شباب عمان ٢ في المجال الصناعي ٢٠١٦ ضمن فريق، وحصلت على المركز الثاني في مسابقة الرؤية للمبادرات الشبابية ٢٠١٧ في مجال الابتكارات، ونلت المركز الأول في ملتقى شباب عمان ٣ بمجال الطاقة المتجددة ضمن فريق ٢٠١٨، وحصلت على المركز الأول في أسبوع رواد الأعمال العماني في فعالية ستارتب ويكند عمان ٢٠١٨. وحصلت على تقييم أفضل فكرة في هاكثون صحار في المجال السياحي ضمن فريق ٢٠١٩، وحصلت على المركز الثالث في مسابقة NBO للابتكار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما أنني عضو في مجموعة مطوري جوجل مسقط، وعضو وإداري في جماعة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر في جامعة السلطان قابوس، وأحد مؤسسي جماعة إدارة المخاطر بجامعة السلطان قابوس.
طموح مستقبلي
الكثير من الأفكار والمشاريع، وغيرها الكثير من المشاركات والجوائز، ما الطموح الذي يسعى زياد إلى تحقيقه في المستقبل؟
أتمنى تحقيق الكثير من الأهداف على صعيد الابتكار والمشاريع وريادة الأعمال، منها إنشاء مؤسسة تعليمية مجانية لتعليم الشباب، وتشجيعهم على ريادة الأعمال والابتكار وتوفير البيئة المناسبة لهم، وإثراء المحتوى العربي التقني، وتوطين التقنية بتعزيز حضور اللغة العربية، وزرع روح الابتكار والتفكير الإبداعي في المجتمع، والمبادرة من أجل التغيير.
وفي الختام ذكر زياد الغرابي قائلا..
أود أن أختم حديثي بقول الله عز وجل «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، توجد الكثير من التحديات التي تعيق الشباب وتبطئ من تقدمهم، ولكن الجلوس والتحدث عن هذه العقبات دون التحرك لإيجاد الحلول المناسبة لا يفي بالغرض، بل يجب علينا المبادرة والمحاولة، ليست كل الطرق معبدة، ولكن المبتكر الناجح يستطيع تمهيد الطريق وتعبيده لنفسه ولغيره كذلك، فالتقدم والتغيير يبدأ من الذات وحب العمل والإصرار والمحاولة، لذلك من اللازم العمل لإيجاد الحلول والوصول إلى الهدف المرجو.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق