العام

د.فاطمة المعمرية.. عاشقة الفيزياء

بدأت بخطوات التميز منذ الصغر، بالتوكل على الله، والإيمان بأن الثمار ستأتي لا محالة. ورغم أنها لم تكن تحلم بما وصلت إليه الآن، إلا أن أقدامها كانت تقودها إليه، بعدما تيقنت بأنها تحمل روحًا «متوقدة» للنجاح والسعي إلى التفرد.
اجتهدت في دراستها جاعلةً «التفوّق» هو العنوان، فنالت ما أرادت وأصبحت هي من يُحفّز الطلبة على القيام بمثل ما كانت تقوم به؛ حيث أضحت أستاذة مساعدة في مؤسسة تُعدّ الأبرز في السلطنة، وهي جامعة السلطان قابوس.
الحروف المختصرة أعلاه عن الدكتورة فاطمة بنت علي بن سالم المعمرية أستاذ مساعد في قسم الفيزياء بكلية العلوم بجامعة السلطان قابوس، التي حاولنا سبر أغوارها عبر هذا الحوار.

خاص- التكوين
تصوير: عامر الخروصي

دكتورة لنتحدث عن البدايات، هل فكرتِ في أن تكوني أكاديمية منذ الصغر؟
لا أبدًا لم أفكّر في ذلك تحديدًا؛ لكنني كنت أطمح إلى التميّز، وإلى تكوين بصمة خاصة بي في مجال يكون قويًا ومنافسًا.
وهل كان تحقيق ذلك سهلًا؟
لا بالطبع؛ فحياتي الدراسية اتّسمت بطابع التحدي والاجتهاد، والإصرار على المجال الذي انصب اهتمامي عليه في مراحل الثانوية، وكذلك في حياتي الجامعية، حتى تخرجت بشهادة البكالوريس وهنا أقصد علم الفيزياء وتحديدًا الفيزياء الطبية.
لماذا الشغف بالفيزياء بالذات؟ وكيف حوّلت ذلك إلى حقيقة؟
كانت معلمة الفيزياء في مرحلة دبلوم التعليم العام هي الدافع الكبير لي لحب هذا العلم، بعدما بدأ شغفي به في الصف العاشر «الأول ثانوي»؛ حيث درسنا الكيمياء والفيزياء والأحياء كمواد منفصلة بعد أن كانت منهجًا موحدًا. وعند دخولي للجامعة اجتهدت وسخّرت دراستي وقدراتي للتعمق فيه حتى تحقق ذلك من خلال اختياري ضمن قائمة المتميزين في القسم، ثم التحاقي بالكادر الأكاديمي ولله الحمد.
وماذا عن حصولكِ على الماجستير والدكتوراه؟
حصلت على شهادة الماجستير في الفيزياء المكثفة من جامعة لفبرا في المملكة المتحدة، ثم حصلت على درجة الدكتوراة من جامعة ليدز بالمملكة المتحدة أيضًا في أكتوبر ٢٠١٦م، وانضممت بعد ذلك لقسم الفيزياء بجامعة ليدز كباحث زائر بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس، ثم رجعت للجامعة.
هل تفكر الدكتورة فاطمة في أن تكون بروفيسورة؟ وكيف ستسعى إلى ذلك؟
البروفيسور أو الأستاذ الدكتور هي مرحلة عليا يكون اختصاص الشخص في العلم أعمق (أعلى مرتبة علمية)، وهي رتبة تصاعدية تعتمد على إجازات وبحوث محكمة، وكذلك المشاركة في المؤتمرات والإسهام في المجلات الأكاديمية المتخصصة، والتدريس وحده لا يكفي للوصول إليها.
حدثينا عن إنجازك في المجلة العلمية «نيتشر»
بفضل من الله نشرت ثلاثة بحوث لي في هذه المجلة العالمية المرموقة التي اسمها بالإنجليزي Nature، وهي مجلة تُعدّ من أبرز الدوريات العلمية عالميًا، والمنافسة على النشر فيها كبيرة جدًا بين العلماء؛ حيث تكون الأوراق البحثية المنشورة فيها مبنيةً على معايير بحث عالية ومشهود لها دوليًا، وتخضع لفحص أولي دقيق تتبعه مراجعات، ولن يتم قبولها إلا إذا اجتازت معايير عالية.
يُقال إن العمل الأكاديمي مُرهِق، فكيف توفقين بين العمل والأسرة؟
التوفيق موجود، طبعًا للعمل حقه وللأسرة حقها، وهما جزءان لا ينفصلان؛ فقضاء إجازة أسبوعية كاملة بين الأهل هي بمثابة حافز وتجديد لأسبوع حافل بالجد والعمل.
من هم الأشخاص الذين أثروا إيجابًا في الدكتورة فاطمة؟
كل شخص مرّ في فترة من حياتي وترك أثرًا، وهم كُثر، فكل فترة كان لها أشخاصها .
متى ذقتِ طعم التعب، وطعم النجاح «من تجاربك اليومية»؟
التعب يأتي من عدم جني ثماره، بمعنى تعمل على شيء ولا تحس بأنك خرجت منه بشيء، فهو شعور متعب جدًا، أما النجاح فيكون بخلاف ذلك، وهو أي شيء يكون مقرونًا بنتيجة أنت راضٍ عنها بنفسك مهما كان التعب.
بجانب العمل، هل تفكر الدكتورة في عمل حر وخاص بها؟
بالنسبة للأعمال الحرة هي شيء مهم في الوضع الراهن، لكنني لا أحمل أي توجه لها حاليًا؛ فتركيزي ينصب على عملي الذي به طموحات لا سقف لها ومن ضمنها إنشاء مركز بحوث متكامل يختص بتقنية النانو وتطبيقاتها في السلطنة يُشارك فيه أبناء الوطن ويسهمون من خلاله في التطوير.
بعيدًا عن الفيزياء والعلوم، ما هواياتك، وكيف تمارسينها؟
أحب قراءة الروايات والانغماس في تفاصيلها، فأنا أقرأ كل ما سنحت لي الفرصة، كما أحب السفر، ومحاورة الثقافات الأخرى.
ما الشيء الذي يُزعِج الدكتورة، وما الشيء الذي يُفرِحها؟
يُزعجني الظلم أيّا كان نوعه، كما يزعجني أيضًا عدم احترام وجهات النظر المختلفة، ونقص المعرفة والوعي لدى البعض في الأمور المهمة المتعلقة بالحياة وعدم السعي إلى كسب العلم وتطوير النفس، أما ما يفرحني فهو الرضا عن نفسي خاصة بعد تحقيق الإنجازات وحصد ثمار الجهد والتعب. كما يُفرحني أيضا وجودي بين فئة تحترم العلم وتكون على قدر من المسؤولية.
لكل من يعتقد بأنه «لا يستطيع تحقيق الإنجاز» ماذا تقول له الدكتورة؟
في العادة مفهوم الإنجاز بالنسبة للأفراد شيء غير اعتيادي، وهذا في رأيي «مفهوم ضيق»؛ فالإنجاز هو تحقيق الأهداف أو الوصول إلى نتائج. وقد يكون هذا الإنجاز بسيطًا وقد يكون كبيرًا ولا يأتي أحيانًا بسهولة. وأجمل الإنجازات هي تلك التي يكون لها أثرٌ كبيرٌ.
منذ الصغر إلى اليوم، لمن تقول الدكتور هفاطمة المعمرية كلمة «شكرًا»؟
أقولها لكل شخص كانت له وقفة في إحدى محطات حياتي ولم يخرج منها كغيره، ولكل شخص علمني درسًا، والشكر الجزيل فهو لأبي الداعم الأكبر في حياتي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق