العام
رحمة البلوشية: الجمعيات تعمل مع الحكومة في وضع السياسات والتشريعات والمعايير المهنية
يواكب التطورات التي قطعتها السلطنة في تنظيم العمل المجتمعي
“التنمية” تبشّر بقانون جديد
وزارة التنمية الاجتماعية هي المظلة التي تجمع تحت سقفها جمعيات المجتمع المدني في السلطنة، بتسجيلها وإشهارها وتنظيمها حسب القوانين التي تنص عليها المراسيم السلطانية لتنظيم العمل المجتمعي، قابلت التكوين الفاضلة رحمة بنت منصور البلوشية، مديرة دائرة الجمعيات وأندية الجاليات بوزارة التنمية الاجتماعية، وجرى الحديث معها حول تفاصيل العلاقة القائمة بين الوزارة والجمعيات المهنية، ومدى حاجة المجتمع لهذه الجمعيات للنهوض بأعمالها، والنقاش حول القانون الذي تسير عليه الجمعيات الأهلية منذ عام 2000م وحتى الآن، والإفصاح عن مشروع قانون جديد يتماشى مع المتطلبات الحالية للمجتمع المدني، والرؤية المستقبلية التي وضعتها الوزارة في تطوير وتغيير نظام سير وآلية العمل في جمعيات المجتمع المدني.
ما تعريف الوزارة للجمعيات المهنية؟
الجمعية المهنية هي جمعية أهلية، تتألف من عدة أشخاص طبيعيين، تضم أصحاب مهنة ذات طبيعة واحدة، وتهدف إلى خدمة المهنة ومنتسبيها، وتوظيف إمكانياتها لخدمة المجتمع.
متى بدأت الوزارة الاهتمام بتسجيل وإشهار الجمعيات المهنية، وكم بلغ عددها حتى الآن؟
بدأت عملية إشهار الجمعيات الأهلية عام 1971م، بداية بإشهار جمعية المرأة العمانية في مسقط، أما بالنسبة للجمعيات المهنية فكانت الجمعية الجيولوجية هي الأولى في هذا المجال، حيث تم إشهارها كأول جمعية مهنية بتاريخ 15 ابريل 2001، والجمعيات المهنية المسجلة والتي تم إشهارها بلغ عددها حاليا 32 جمعية.
ما أهمية دور الجمعيات المهنية في المجتمع؟
تعد الجمعيات المهنية المتحدث الرسمي باسم العاملين في المجال الذي تعمل فيه الجمعية، والمعبر عن أفكارهم وطموحاتهم، كما تعمل هذه الجمعيات على مساندة الحكومة في المجال الذي تتخصص فيه من خلال مساندة المؤسسات الحكومية الرسمية المهتمة بالمجال، والتي لا تستطيع بمفردها إنجاز كافة تطلعات المنتمين للمهنة، لذلك تعمل على تفعيل الحراك المجتمعي في ذلك المجال المهني. كما تعمل هذه الجمعيات جنبا إلى جنب مع الحكومة في وضع السياسات والتشريعات والمعايير المهنية، وذلك بهدف تطوير العمل في تلك المهنة، كما أن دورها يتجسد في نشر الوعي بأهمية المهنة وتغيير وجهة نظر الجمهور إليها من خلال التعريف بها بصورة أفضل، وحماية حقوق العاملين في المهنة. إضافة إلى ذلك يوجد تواصل مع المجتمع الدولي والإقليمي بما يخدم أعضاءها ومنتسبيها، حيث يبرز دورها من خلال المشاركة في المحافل الخارجية، إلى جانب توقيع مذكرات التفاهم وتبادل الخبرات في هذا الجانب.
ما الشروط التي يجب أن تلتزم بها الجمعيات المهنية حتى يتم إشهارها؟
نص قانون الجمعيات الأهلية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (14/2000) في تأسيس الجمعيات الأهلية على وجوب أن يكون لها نظام أساسي مكتوب يتفق وصحيح قانون الجمعيات الأهلية والقوانين والأنظمة المعمول بها في السلطنة، كما أن التوقيع على هذا النظام من قبل الأعضاء المؤسسين الذي يشترط أن لا يقل عددهم عن 40 عضوا، كما يتطلب تشكيل مجلس إدارة تأسيسي مؤقت لحين إشهار الجمعية، وأيضا ينتخب المؤسّسون من بينهم مفوض ينوب عنهم لمتابعة إجراءات إشهار الجمعية، ومن ثم يتم التقدم بالطلب إلى الوزارة التي بدورها تقوم بدراسته والتنسيق مع جهات الاختصاص إن لزم الأمر حتى يتم الإشهار.
جاء المرسوم السلطاني بإصدار قانون رقم (14 /2000) الخاص بالجمعيات الأهلية، وجهة نظر الوزارة حول تحديث هذا القانون وتعديله حسب التطورات التي حصلت في البلاد خلال 18 عاما؟
تعمل الوزارة في الوقت الحالي بالتنسيق مع وزارة الشؤون القانونية على إصدار قانون جديد للجمعيات الأهلية، يتماشى مع المتطلبات الحالية للمجتمع المدني، ويواكب التطورات التي قطعتها السلطنة في تنظيم وتشجيع العمل المجتمعي، ومن المؤمّل إصداره قريبا بعد أن تتم إجازته من قبل مجلس عمان، وإصداره بمرسوم سلطاني.
للجمعيات المهنية مفهوم وأهداف تختلف عن جمعيات المرأة العمانية والجمعيات الخيرية. على الرغم من اختلافها في المفهوم والأهداف والأعمال التي تقوم بها، ولكن جميعها تتبع قانونا واحدا منذ عام 2000 وحتى الآن، ألا يجب النظر في تحديد وفصل قانون وشروط لكل فئة حسب الطبيعة والاحتياجات؟
مشروع القانون الجديد للجمعيات الأهلية قام بمراعاة هذا الجانب، حيث أفرد فصلا خاصا للجمعيات المهنية، وكذلك بالنسبة لبقية الجمعيات كلا حسب تخصصه، حيث أخذت التخصصية بعين الاعتبار، وتم ضم فصولها ببنود تشريعية تتناسب وطبيعة عمل تلك الجمعيات.
يجب على هذه الجمعيات الرجوع إلى الوزارة وأخذ موافقتها قبل اتخاذ أي إجراء أو عمل أي نشاط، مما ترتب على ذلك عدة أمور:
أولا: محدودية استقلالية هذه الجمعيات عن الوزارة، على الرغم من أنها غير حكومية. فأين تتجه مصالحها وأهدافها؟ وكيف تعمل بعيدا عن تأثير الوزارة وسياساتها؟.
علاقة الوزارة بالجمعيات الأهلية لا تتعدى عملية التنظيم والإشراف العام على أعمال الجمعية، مع أهمية التنبيه إلى أن الوزارة لا تتدخل في أنشطتها العامة أو شؤونها الداخلية، إلا في بعض الحالات التي تتطلب تدخل الوزارة سواء من الناحية الفنية أو الإدارية، تماشيا مع قانون الجمعيات الأهلية وبقية القوانين في السلطنة.
ثانيا: التزمت هذه الجمعيات بتبعيتها للوزارة وأصبحت تنتظر الدعم المادي من الوزارة، التي تعد من أبرز التحديات التي تواجه هذه الجمعيات حسب استطلاعنا.
الجمعيات الأهلية كيانات مستقلة لها تنظيماتها ولها أنشطتها، ومجلس إدارة يسيّر عملها، وأعضاؤها ينتمون إلى جهات متنوعة بين القطاعين العام والخاص، وتسير أعمالها وفق النظام الأساسي الذي أقره المؤسسون للجمعية، وبالتالي يبرز هنا دور الجمعية من خلال قيامها ببرامج وأنشطة تعينها على كسب موارد مالية متنوعة، والحكومة تقدم مساعدات مالية لبعض الجمعيات، مثل جمعيات المرأة العمانية التي يتم منحها مبلغا سنويا، بناء على التوجيهات السامية الصادرة في هذا الشأن، وكذلك بعض الجمعيات التي تُعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة حيث تقدم لها الوزارة دعما سنويا خدمة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين هم تحت رعاية هذه الجمعيات، والنظرة المستقبلية لهذا الدعم ستكون بناء على البرامج التي تضعها الجمعيات، وتكون ذات استدامة مجتمعية، تماشيا مع استراتيجية العمل الاجتماعي.
ما دور وزارة التنمية الاجتماعية للنهوض بهذه الجمعيات؟
تعمل الوزارة على تطوير عمل الجمعيات الأهلية من خلال عدة برامج نوعية تقوم بها، منها: الإشراف الفني والإداري الذي يضمن للجمعية القيام بأعمالها على أكمل وجه، وإنشاء مقار دائمة لهذه الجمعيات، ومثال ذلك المقار الدائمة لجمعيات المرأة العمانية المنتشرة في مختلف ولايات السلطنة، ومقار بعض الجمعيات المهنية كجمعية الصحفيين العمانية، والجمعية العمانية للكتّاب والأدباء، والجمعية العمانية للسينما.
كما تعمل الوزارة حاليا على إنشاء مقار لعدد من الجمعيات المهنية كالجمعية العمانية لطب القلب والجمعية الطبية العمانية، وتوفير الدعم المادي لبعض الجمعيات لتمكينها من القيام بدورها في خدمة المجتمع، كما تعمل الوزارة وبشكل متواصل على تقديم دورات متخصصة لهذه الجمعيات في عدة جوانب سواء كانت تشريعية أو إدارية أو فنية.
رؤية مستقبلية من قبل الوزارة في تطوير وتغيير نظام سير وآلية العمل في جمعيات المجتمع المدني.
الوزارة انتهت أخيرا من إعداد استراتيجية العمل الاجتماعي التي تضم محورا كاملا لمؤسسات المجتمع المدني، حيث ستعمل الوزارة مع هذه الجمعيات لتنفيذ هذه الاستراتيجية التي تضم عددا من المحاور المؤهلة حتى ترتقي بعمل هذه الجمعيات. كما أن تطبيق نظام مطور يعنى بتصنيف وتقييم وحوكمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية العاملة بالسلطنة، الذي يأتي وفقا لمعايير منظمة ومحدّدة تتسم بالثبات والصدق والملاءمة، بما يتواءم مع البيئة القانونية والتشريعية والاجتماعية في السلطنة. وسيحدث هذا المشروع تحوّلا كبيرا ونقلة نوعيّة في قطاع العمل المؤسسي الأهلي في السلطنة، حيث يهدف إلى تعزيز الحوكمة، وتوفير المساءلة والشفافية والصحة المالية، وتحقيق الالتزام، ومتابعة الأداء، والتحقق من تدفق البيانات ونتائج برامج وخدمات القطاع الأهلي. ومن المنتظر أن تبدأ الوزارة خطواتها التنفيذية نحو تطوير وحوكمة البيئة الإدارية والمالية للمؤسسات والجمعيات الأهلية خلال الفترة المقبلة، لتشمل في انطلاقتها البدء في عقد لقاءات التوعية والتثقيف للجمعيات والمؤسسات الأهلية للتعريف بذلك، كما حددتها استراتيجية العمل الاجتماعي محور المجتمع المدني. ومن الأهداف التي تم اعتمادها في الاستراتيجية إنشاء صندوق لدعم العمل الأهلي المتمثل في برامج وأنشطة الجمعيات الأهلية ولجان التنمية الاجتماعية، وقد تم الانتهاء من اعتماد هذا المشروع، وصدرت أخيرا لائحته التنفيذية بعد ما تم اعتمادها من قبل وزارة الشؤون القانونية، وسوف يقدم هذا الحساب أو الصندوق الدعم لمشاريع الجمعيات المبنية على البرامج ذات بُعد واستدامة تنموية.