العام
المهارات التي ينميها التعلم الذاتي للتلاميذ
يعد التعلم الذاتي من أهم أساليب التعلم التي تتيح توظيف مهارات التعلم بفاعلية عالية مما يسهم في تطوير الإنسان سلوكيًا ومعرفيًا ووجدانيًا، وتزويده بسلاح هام يمكنه من استيعاب معطيات العصر القادم، وهو نمط من أنماط التعلم الذي نعلم فيه التلميذ كيف يتعلم ما يريد هو بنفسه أن يتعلمه. فامتلاك وإتقان مهارات التعلم الذاتي تمكن الفرد من التعلم في كل الأوقات وطوال العمر وخارج المدرسة وداخلها وهو ما يعرف بالتربية المستمرة.
اعداد: د. وفاء عبدالله السالم (استاذ مساعد كلية التربية / جامعة الملك سعود)
إن الفرق الجوهري بين التعلم التقليدي والتعلم الذاتي يكمن في تعليم المتعلم المهارات التي يحتاجها وتنمية مهارات الحصول على المعلومات المرتبطة بالمادة العلمية من خلال مصادر التعلم المطبوعة والغير مطبوعة، بينما يحرص التعلم التقليدي على عرض وحفظ المعلومات وتركيز طفيف على بعض المهارات واعتبار المعلم والمنهج المدرسي هما المصدر الوحيد للحصول على المعرفة والمعلومات، ومن هنا يأتي الفرق بينهما. ولا يعني ذلك أن التعلم التقليدي يهمل المهارات ولكن يعني أنها ليست محور اهتمامه، كما لا يعني أيضًا أن التعلم الذاتي يهمل الحفظ والإلقاء ولكن يركز على المهارات وتنميتها وتطويرها في شخصية المتعلم منذ الطفولة.
ويبني التعلم الذاتي عددًا من المهارات في التلميذ ليبقى متسلحًا بها مدى الحياة وعلى المعلم الاهتمام بتربية تلاميذه على التعلم الذاتي من خلال:
-
تنمية مهارة الاستماع لدى التلميذ: فالاستماع من أجل العلم أحد أهم المهارات التي يتطلبها التعلم الذاتي، فتدريب التلاميذ مثلًا على الاستماع إلى القصص واستخراج العبر واسترجاع الأحداث فيه تدريب لقدرات الطالب ولتفكيره، وكذلك تدريب التلاميذ على استماع القرآن الكريم بهدف الحفظ لتطوير هذه الملكة لديهم أو سماع الأناشيد الممتعة ذات المعاني الجيدة يمتع الطالب ويعلمه، ويمكن تفعيل ذلك خلال اللقاء الصباحي للمعلم بتلاميذه أو أثناء عرض المفهوم العلمي، ولشد انتباه الطالب للاستماع لابد من وجود ما يثيره ويغريه للاستماع،، ويأتي هنا دور المعلم المتمكن من قدرته على استثارة تلاميذه وشدهم للاستماع إليه بهدف مساعدتهم وتشجيعهم على الاستماع.
-
تنمية مهارة القراءة والكتابة: يعتقد بعض التربويين أن التعلم الذاتي لا يهتم بمهارة القراءة والكتابة إلا أنه في حقيقة الأمر نجد أن التعلم الذاتي يركز على هاتين المهارتين باعتبارهما مفتاح التعلم بل ويحرص على إعطاء المتعلم مهارات قبل وأثناء وبعد القراءة وذلك لخلق حب القراءة والكتابة عند المتعلم.
-
تنمية مهارة طرح الأسئلة: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) سورة الأنبياء: ٧ والمقصود هنا بأهل الذكر أهل العلم، وهي لفتة جليلة من الله عز وجل إلى أهمية السؤال لبلوغ المعرفة. ولا بد من تشجيع الأطفال على طرح الأسئلة المفتوحة، ذات النهايات المفتوحة أي غير المحددة الجواب وغير المغلقة وغير المحددة بإجابة واحدة، وفيها يسمح للطفل أن يعبر عن رأيه بلغته وبأسلوبه الخاص، وتأتي أهمية هذه الأسئلة في التعرف على وجهات النظر المختلفة. لذا يجب على المعلمة أن تشجع الأطفال على العصف الذهني عن طريق الأسئلة، وتعتبر الأسئلة المفتوحة مفتاحًا يؤدي إلى التعلم الذاتي عن طريق الحوار والنقاش الذي يدور بين المعلم وتلاميذه، فهي تثير الدافعية لدى التلاميذ وتخلق جو من الاكتشاف.
-
تشجيع التلاميذ على التفكير الناقد: تعددت تعاريف التفكير الناقد من قبل الباحثين، فمنهم من عرفه بأنه تفكير تأملي ومنعكس، وبؤرة اهتمامه اتخاذ القرار، ويركز على ما نعتقده وما نريد عمله، وعليه يتضمن: التوجه، والقدرات. وفي إطار تعليم المتعلم هي قدرة المتعلم على إبداء الرأي المؤيد أو المعارض في المواقف المختلفة، مع إبداء الأسباب المقنعة لكل رأي ويمكن تطبيقه وتدريب المتعلم عليه من خلال مناقشة أحداث قصة مثلًا، وسؤاله عن رأيه في إحدى الشخصيات بالقصة، وما أعجبه وما لم يعجبه فيها مع بيان سبب ذلك، كما يجب الأخذ في الاعتبار وجهة نظر المتعلم وترك الحرية الكاملة له في التعبير عن رأيه دون تعليق أو سخرية من رأي المتعلم. أيضًا ينمي التفكير الناقد عددًا من المهارات كالاستقلال في التفكير عن الآخرين، والتأكد من مصدر المعلومات، وتناول الموضوع من جميع جوانبه المختلفة، والتمييز بين المعلومات والآراء والبحث عن بدائل متعددة للأمر الواحد.
-
تشجيع التلاميذ على القيام بالتجارب الحسية: إن إجراء التجارب يساعد المتعلم على تنمية التعلم الذاتي مما يمنح المتعلم الثقة في النفس ويجعل التعلم ممتع ومشوق لأنه يستنتج المعلومات والإجابات اعتمادًا على نفسه. ولا يعني ذلك إثقال كاهل المدارس والمعلمين ماديًا بل أنه يمكن تطبيق منهج علمي عملي شامل ومتوازن، فعمليًا جميع التجارب العلمية في المراحل الأولى من التعليم العام يمكن تغطيتها بمواد وأدوات متوفرة في المنزل والمدرسة.