الفني

هدى العبري: الصورة إحساس يلامسنا ويحكي قصصنا

في فضاء قريتها الوادعة، المطلة على البحر، تستيقظ هدى العبري يوميا على مشاهد الحياة، لترى الشمس وهي تبزغ من وراء المياه صاعدة إلى أعماق السماء. وترى البحارة والصيادين الذاهبين إلى البحر في طلب الرزق. وتسمع أصوات الجيران وأدعية الأمهات، وضحكات أبناء الحي «الفريج». كل ذلك وغيره من مشاهد الحياة البسيطة والمدهشة أيقظت لديها الحس الإبداعي الكامن فيها، لتبدأ في تسجيل اللحظات العابرة وتوثيقها بكاميرا جوالها البسيطة لتصبح جزءا من ذكرياتها، ولتكتشف الطاقة الخلاقة الكامنة لديها كمصورة فوتوغرافية موهوبة. من هنا بدأت هدى تجربتها لتمضي في مضمار التصوير، متطلعة إلى أن تصبح في مصاف كبار المصورين. «التكوين» التقت هدى العبري وطافت معها حول هذه التجربة.

عن بداياتها الأولى مع الكاميرا والتصوير، وكيف اكتشفت هذه الموهبة تقول هدى: بدايتي كانت من خلال التصوير بالجوال، تحديدا تصوير بنات أختي، ومن ثم تعديل الصور عن طريق برنامج شركة أدوبي المشهور الفوتوشوب، ثم تطورت الموهبة بعد ذلك وتلقيت التشجيع مِن الجميع، وهو العامل الأول لي في مواصلة مسيرتي.
وفي عام 2013 بدأت التصوير بالكاميرا باحترافية أكثر، وأصبحت أخلد لعائلتي ذكريات أفراحهم ومناسباتهم بين الحين والآخر، ثم اتجهت إلى تصوير الطبيعة .
الهندسة والتصوير
هدى العبري درست الهندسة الكيميائية، ولكنها شغوفة بالتصوير الفوتوغرافي. توضح كيف كانت توفق بين دراستها وميولها الإبداعي، قائلة: في بداية دراستي لم يكن الأمر بالنسبة لي صعبا، إلا أنه بعد مرور السنوات الأولى والاقتراب من السنوات الأخيرة كانت إجازة نهاية الأسبوع هي الوقت الأنسب لممارسة هوايتي الإبداعية. كنت أبدأ صباحي بالتقاط صور لشروق الشمس وجوانب من حياة الصيادين والبحر، أو التقاط أي زاوية في المنزل أو أي شيء يروق لي ويثير انتباهي ويجعلني أعيش اللحظة.
في نهاية دراستي العام الجاري كانت تكملة تجربتي أقوى بكثير من السابق، إذ أنهيت دراستي وتيسرت لي فرص أكثر من السابق لممارسة التصوير. بدأت أشارك في مسابقات ومعارض متخصصة، مثل «معرض مظاهر العيد» وغيره.
وفيما يجذبها في المكان أو الحدث حتى تقوم بتصويره وتوثيق اللحظة تقول هدى العبري: أكثر الأماكن جلبا لانتباهي هو البحر وتحديدًا لحظة الشروق الآسرة. إن الاطلاع على هذا المشهد يمدني بطاقة روحية عالية ويمنحني إلهاما عميقا، يشعرني بعظمة الخالق وبشيء من الراحة والسكينة.
حكاية الصورة
وحول حكاية تظل الصورة وأهميتها من أجل أن تظل الذاكرة تقول هدى العبري: من الجميل ان يكون لكل صورة حكاية تظل في أرشيف الذاكرة لكن في بعض الأحيان يكون للأحداث اليومية طابع أن نلتقطها لتخلد لنا كذكريات مع مرور الأيام. الصورة هي عبارة عن إحساس يلامسنا ويحكي قصصنا. وهي تقول ما لا نقوله في كثير من الأحيان.
فالتصوير كما تقول سوزان سونتاج في كتابها عن التصوير «فهو بالدرجة الأولى طقس اجتماعي وحصانة ضد القلق وأداة للقوة».
وتحدثت هدى العبري عن الشعور الذي يراودها عندما ترجع إلى أعمالها القديمة قائلة: أشعر أني أتقدم عما كنت عليه في السابق، وأن ما زال أمامي الكثير لمعرفة المزيد وتصوير الكثير، ما يزداد شغفي بالمعرفة والإطلاع على التصوير وأعمال المصورين على نحو أكثر.
وأشارت هدى العبري أن هناك تيارا من المصورين الآن يدمجون الصور الفوتوغرافية بالفن التشكيلي، من أجل إنتاج أعمال ذات صبغة تجريدية، مضيفة أن لكل مصور له حس فني خاص بتصويره، فللتأثيرات جمال فنيا يضيفه على الصورة ويعطي انطباعا فنية مميزة للعمل.
تحديات وطموح
وحول التحديات والمعوقات التي تواجهها هدى العبري في مشروعها الفتوغرافي كونها امرأة في مجتمع تقيده العادات والتقاليد، تقول هدى: أواجه صعوبة في بعض الأحيان بحكم أني امراة لستُ قادرة على تصوير الفكرة التي تمثلني خاصة في الحياة الشخصية .
ورغم ذلك تتمسك هدى العبري بخيارها الإبداعي لمواصلة مشروعها في مجال التصوير، مؤكدة أنها تطمح لتطوير تحربتها إلى فضاءات أوسع وتقديم المزيد والأفضل من الأعمال. وتختتم هدى العبري حديثها قائلة: لست محترفة، ولكنني أطمح أن أصل إلى الاحتراف من خلال التطوير الذي يقوم بتثقيف الذات والاطلاع والمثابرة ومتابعة كل ما هو جديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق