العام
«العنوس» يطارد شباب اليمن
تشهد ظاهرة العنوس انتشارا كبيرا بين أوساط فتيات وشباب اليمن، الظروف المعيشية التي يعاني منها اليمن والعادات والتقاليد الموروثة في المجتمع اليمني تمثل أسباباً رئيسة في انتشار هذه الظاهرة. محمد حمدان ظل رهنا للعنوس ولم يتزوج للآن، يسرد محمد قصته بالقول إن أهالي من كان يتقدم لخطبتهن كان يطالبونه بمتطلبات خيالية لا يستطيع دفعها كون مصدر رزقه بسيطاً جدا لا يلبي احتياجات ومصاريف الزواج، يضيف محمد أن هناك عائقا آخر وقف أمامه وهو التدخل المستمر من قبل أهله في شؤون حياته المستقبلية مع شريكة حياته التي لم يحصل عليها، فظاهرة التدخل من قبل الأهل من عادات المجتمع اليمني خاصة في المناطق الريفية.
اليمن: خاص للتكوين
عبد الخالق محمد منصور
ويعزف الشباب اليمني عن الزواج نتيجة للتخوفات من المستقبل، خاصة في ظل الوضع الراهن التي يعاني منه اليمن، وهو ما يؤكده عبد الربه عباد حيث قال : رغم توفر تكاليف الزواج إلا أن معظم الشباب اليمني يعزفون عن الزواج بسبب التخوفات لما بعد الزواج، خصوصا أن فرص العمل قليلة جدا والرواتب ضعيفة لا تكفي لبناء أسرة والعيش الكريم.
يؤيده في القول طلال قاضي، حيث يؤكد أن انعدام فرص العمل للشباب والتخوفات من المستقبل المجهول أسباب رئيسة في ازدياد نسبة العنوس بين الشباب والفتيات في اليمن.
فارس مراد يذهب بعيدا عن كل ما ذكر، حيث يرى أن التفاوت الاجتماعي والثقافي، يلعب دورا كبيرا في انتشار هذه الظاهرة، مضيفاً أنه غالباً ما يرفض الأهل الزواج بسبب الوضع الطبقي و الاجتماعي لأحد الطرفين لأنه «غير مناسب للطرف الآخر»، بغضِّ النظر عن الملائمة الفكرية أو العلاقة العاطفية التي قد تربطهما؛ مما يقود إلى تلك الحجة التي تتكرر دائمًا: «مو مناسبين لبعض» ويأتي هنا دور الأهل التقليدي في منع هذا الزواج بحجة «عدم التكافؤ».
محمد العفاني له رأي آخر حول انتشار ظاهرة العنوس، حيث يرى أن المجاعة وصعوبة الحصول على حياة ولو بسيطة.. لا مرتبات ولا وظائف، ويضيف أيضا التقيد بزوجة واحدة، داعياً الشباب التوسع في حياتهم الزوجية، والبحث عن زوجه أخرى حتى تتلاشى هذه الظاهرة.
الناشط حمزه الحوصلي أضاف: أن الأسباب مرتبطة ببعضها، فالبطالة وغلاء المهور وارتباط البنت بإعالة أهلها كلها تؤدي إلى العنوس بين أوساط شباب وفتيات اليمن.
الناشطة جنات السيد ترى أن مبالغة بعض الآباء في المهور وطلب مبالغ فوق طاقة الشباب.. أحد أهم أسباب انتشار العنوس في اليمن، إضافة إلى أن بعض البنات تكون المعيلة لأسرتها وهو ما يجعل أهلها يرفضن تزويجها، إضافة إلى أن بعض البنات ترفض الزواج بحجة الطموح والعمل .. ويمشي العمر دون أن تشعر به وتدخل ضمن طابور العنوس.
ويؤيد كلام الناشطة جنان الناشط أحمد الحشر حيث يقول: إن الأهل يعدون أحد أهم الأسباب حيث يرفضون العريس لأنهم يستفيدون من البنت مثلا في أعمال المزرعة أو لخدمة شخص مريض في الأسرة، مع وجود البديل لكنهم يرفضون، أو الاستفادة من حرفة تعلمتها البنت مثلا الخياطة أو النقش أو وظيفه تدر عليها المال، مضيفاً أنه: قد يقول البعض أن الأب والأم غير متعلمين وأنا أقول: مع الاسف هذا الشي موجود عند ناس متعلمين ولكن ضعف الإيمان يجعلهم يرتكبون هذا الغلط مما تتعدد الأسباب عند البنت إما هرب أو انتحار أو انحراف.
وتكتفي بعض من فتيات اليمن بشهادتها، حيث تسعى جاهدة للحصول عليها لتكتفي ذاتياً في مصاريف حياتها، وهذا ما توكده الناشطة ياسمين أمين أحمد، حيث تقول: إن زيادة العنوس، هو وعي بالنسبة للمرأة، وقلة ذات اليد بالنسبة للرجل، لأن المرأة المتعلمة تكتفي بشهادتها عن الزواج لأن بها تقدر أن تعيل نفسها وغيرها فلا تحتاج إلى زوج يعيلها، فوق ذلك الأخبار التي تسمعها عن المشاكل الأسرية، وهذا بنظري لا يتم القياس عليه، فقليل ما تكون هناك مشاكل أسرية بين الزوجين، وإذا وقعت فحلها بسيط، مضيفة أن الشي الوحيد الذي يدفع البنت للزواج هو كلام الناس وهروبها من مصطلح عنوس، أما الرجل فالشيء الوحيد الذي يؤخرة عن الزواج هو قلة ذات اليد.
وزادت نسبة ارتفاع العنوسة في أوساط شباب وفتيات اليمن خلال السنوات الخمس الماضية، جراء الوضع المعاش الصعب الذي يمر به البلد وعدم توفر الأعمال، إضافة للحرب الدائرة منذ ما يقارب الخمس سنوات، واتجاه معظم شباب اليمن للانضمام للتشكيلات العسكرية في اليمن، مما يجعل تفكيرهم الوحيد هو القتال لا الزواج، وهذا ما تؤكده الناشطة ياسمين، حيث تقول: أحد أهم أسباب ارتفاع العنوس في اليمن هو بسبب ارتفاع عدد قتلى الحرب، خاصة أن معظمهم من الشباب وهو ما يؤدي لزيادة نسبة العنوس، في ظل استمرار الحرب وانخراط الشباب فيها كجزء رئيس.
بدوره، يقول سعيد سالم أحد أبناء محافظة تعز إنه قرر تأجيل حفل زفافه، بعد أن وصلت المعارك المشتعلة لمنطقته، واتجه نحو مناطق أكثر أمناً، ومع صعوبة الحياة وغلاء المهور وارتفاع الأسعار قرر سعيد مغادرة البلد والاغتراب ولم يعد بمقدوره توفير تكاليف الزواج.
وتتفاوت ظاهرة العنوس في المناطق الريفية بالمقارنة مع المدن في اليمن، وذلك يعود لأسباب عديدة، منها انخفاض المهور في المناطق الريفية، ووجود مبادرات مجتمعية في المناطق الريفية والتي تكون غائبة في المناطق الحضرية، وهذا ما يؤكده الناشط وسام المطري، حيث يؤكد أن: الزواج في القرى ليس مكلفاً مثل المدن، فمثلا: حفل الزفاف في الريف يمكن أن يقام في بيت شيخ المنطقة، ولا يكلف العريس أي تكاليف أو تجهيزات، أما في المدن فمن الصعب ذلك، حيث يستلزم من العريس استئجار صالة أفراح، وهذا مكلف جداً، إضافة إلى أنه يمكن للعروس في الريف أن تعيش في منزل أهل العريس، ولا تطلب منزلاً خاصاً كما يحدث في المدن.
ويضيف وسام: أن معظم سكان الأرياف يرغبون في ستر بناتهم وأخلاق العريس بشكل رئيس، بغض النظر عن حالته المادّية، وأن هناك سقفاً معيناً للكلفة بين أفراد القرية الواحدة أو الأسرة فقط، ويختلف الأمر إذا كان العريس من خارجها، ويرتفع المهر وتكاليف الزواج.
وتبقى ظاهرة العنوس بين شباب وفتيات اليمن في ازدياد مستمر مالم يكن هناك قوانين من قبل الدولة إضافة إلى تكاتف مجتمعي للحد من غلاء المهور، ونهاية وشيكة للحرب التي قضت على معظم شباب اليمن المنخرطين فيها، حتى يتسنى للشباب اليمني الإقبال نحو حياة زوجية سعيدة.