مقالات
مستخدمون بلا هوية
شيخة الشحية
في فترة من الفترات قد يخيل إلى المرء أنه هو محور الكون، وكأنه هو الشيء الوحيد المهم في هذا العالم. وعادة ما يكون هذا التفكير قريبا للأطفال أكثر، لأنهم يريدون أن يكونوا شخصية مبهرة وملفتة ليحظوا بالاهتمام والعناية الأكبر.
منذ فترة من الزمن ظهرت مواقع التواصل الإجتماعي لتكتسح العالم، فرشت بساطها داخل كل بيت، ولا زالت تسعى للمزيد من القوة والسلطة اللتين اكتسبتهما. ومع ظهور برامج التواصل الاجتماعي، زاد ظهور المستخدمين من مختلف الأعمار والشخصيات، الذين يشعرون بأنهم محور الكون واهتمامه، فكثر اللغط حولهم وتنوعت الانتقادات التي تنصب عليهم كاللهيب، ولكن الغريب في الأمر تماديهم، فهل هم في الحقيقة لا يقرأون تلك الانتقادات، أم أنهم لا يولونها اهتماما، إذ يرون أنفسهم أعظم من ذلك كله؟
تكون البدايات باحتراف الأدب والأخلاق، ومن ثم تنساق البدايات إلى أسوأ ما يمكن أن يقدمه الفرد، بالطبع ليس المقصود جميع المستخدمين إنما البعض وقد يكونون الفئة الأغلب للأسف، والمؤسف أكثر متابعة المراهقين والمراهقات لهم. يبدأون في عمليات التغيير والتأثير والتحول بلفتة سريعة وفي لمح البصر حتى تكاد تشك أن هذا الشخص نفسه الذي شاهدته منذ يومين، بسلوك تحترمه! يجهلون أنه يتوجب عليهم السير في خطوات موزونة ومتأنية، وبأن القمة يسهل السقوط منها بنفس السرعة التي وصلوا بها.
مستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي منهم من لا يمتلك ما يقدمه من محتوى، أغلبهم لا يعي مفهوم الانفتاح/ التقدم الحقيقي الذي ينص على تقبل الأفكار المختلفة والعلوم الجديدة والنظريات الحديثة. هناك الكثير منهم يعتقد أنه يكمن في اللباس القصير والعاري، والألفاظ البذيئة والإيحاءات التي يصفونها إذا ما لامهم الآخرون بـ «لا حياء في الدين أو العلم» ويعقبونها بـ التباكي من تنمر الناس وكرههم لهم، نسوا بأنهم صدموا الناس مسبقا بملابسهم وأفعالهم، كما نسوا، وبشكل قطعي، أن مواطني الدول المتقدمة، ومنذ سنوات طويلة، يحترمون المجتمعات التي ينتمون أو يعيشون فيها.
أما مجموعة المقلدين والمقلدات الذين يقودون مواقع التواصل الاجتماعي، ويجري خلفهم المراهقون فهم جميعا بلا هوية واضحة، ينقصهم الذكاء، ويفتقرون للثقافة والعلم، ويسعون جميعا لكسر الممنوعات فقط.
والكثير من المستخدمين، مثل الفاشينستات مثلا، غالبيتهم يستنسخون بعضهم في كل شيء، تجد مرورك على حساباتهم وكأنك تتصفح نفس الصفحات فقط يختلف المتحدث، لذلك لنرتق ولو قليلا.. ولا نجعل آذاننا وعاء يصب فيه المعقول واللا معقول. ونحن من نصنع من الحمقى نجومًا ومن التافهين علامات فارقة ومشاهير نستقبلهم استقبال الفاتحين والأبطال.