العام
«فسيلة» تنافس الأرضيات الخشبية والسيراميك الضار
يتسارع الزمن في خطواته، ويكافح البشر من أجل التطور الذي يواكب هذه السرعة، فما بات للأفكار البالية مكانا على هذه الأرض، فكل يوم هناك أفكار جديدة وخلابة تظهر في شتى مجالات الحياة، منها الاقتصادية والتكنولوجية والتعليمية، والصحية وغيرها. لذلك لا يتوانى الشباب العماني في البحث عن أفكار جديدة ومبتكرة، تسهم في دفع عجلة التكنولوجيا والاقتصاد والثورة الصناعية في البلاد. ومثالا على ذلك قابلت التكوين الشاب محمد بن طلال الفارسي، المتخصص في الهندسة الكهربائية، الذي تحدث عن شركة «سعف» وابتكارها المفيد والصديق للبيئة «فسيلة»، يعمل في خليته فريق مكون من 14 موظفًا، في عدة أقسام وهي قسم المالية والموارد البشرية والتسويق وفريق قسم العمليات. جهد ومثابرة وطموحات تلامس عنان السماء في السطور الآتية..
حوار: أنوار البلوشية
لكل مسار في الحياة خطوة أولى يخطوها الإنسان، وتتوالى بعدها الخطوات والنجاحات والانجازات، وفي حديثنا مع محمد الفارسي، المتحدث باسم فريق شركة «سعف»، كشف لنا عن بداية الفريق والعمل على فكرة الشركة، حيث ذكر قائلا: اجتمع الفريق وعملنا على استحضار الأفكار التي تعيننا على اختيار إحداها والمضي بها قدما لتكوين الشركة، وقمنا بتجميع أكثر من 32 فكرة تتفاوت ما بين المستوى الممتاز والجيد، بداية تم اختيار فكرة (RUD LINE) المختصة في مجال الكهرباء والتكنولوجيا، ولكن بعد إعادة النظر وقع الاختيار على فكرة «سعف» بسبب إمكانية تطبيق أفكار مذهلة عليها وتطويرها بكل سهولة. ثم قمنا بتحديد جانب الاستدامة والحد من المخاطر التي تسببها مخلفات النخيل جراء الحرق وغيرها.
وأضاف الفارسي قائلا: قمنا بتسمية الشركة «سعف» بناء على فكرة ورسالة ورؤية الشركة في استخدام مخلفات النخيل المهدرة وغالبًا ما تكون (الخوص) السعف، وقد وضعنا أهدافًا نسعى إلى تحقيقها من خلال العمل على هذا المشروع، حتى نصبح الشركة العمانية الرائدة في استغلال مخلفات النخيل وتحويلها إلى منتجات غير ضارة وصديقة للبيئة، وأن تمثل منتجاتنا الخيار الأول للمستهلك من ناحية جودتها العالية وسعرها المناسب.
منتج صديق للبيئة
وبالحديث عن تفاصيل المنتج ذكر محمد قائلا: منتجنا ينافس الأرضيات الخشبية والسيراميك، ننتج من الخوص المهدر أرضيات صديقة للبيئة ولها مميزات كثيرة، وقد سمينا منتجنا الأول «فسيلة» أي بمعنى صغير النخيل، حيث يتميز هذا المنتج بأنه غير ضار بالبيئة، ويتحمل درجات الحرارة العالية، وهو ضد الماء والرطوبة، مما يساعد على احتفاظه بالبرودة في فصل الصيف، والدفء في فصل الشتاء، وأساس المنتج معاد تدويره من سعف النخيل (الخوص) ويوجد ضمان على المنتج أكثر من 12 سنة، وسعره يتراوح بين 6.200 ريال إلى 12.500 ريال حسب النوع، حيث تعتمد أسعار منتجاتنا جميعها على تكلفتنا في صنع المتر المربع، وبناءً على التكلفة نقوم بتسعير منتجاتنا. وفي الفترة الحالية لدينا منتج «فسيلة» فقط، هناك دراسات نعمل عليها حاليًا لمنتج جديد منافس لورق الجدران والأصباغ.
نحو اقتصاد أخضر
بسؤالنا عن الفكرة المبتكرة التي تميز «سعف»، ذكر الفارسي تفاصيل حول ذلك قائلا: تتميز «سعف» بكونها مادة معاد تدويرها من مخلفات النخيل، حيث جعلناها مستدامة وهي غير ضارة بالبيئة، كما نحرص على أن تكون المواد الأولية المستخدمة في مراحل الإنتاج الأولى طبيعية بنسبة 100 % ومن غير مواد مضافة (الكيمياء الخضراء)، ورسالة الشركة هي «نحو اقتصاد أخضر مستدام». ولدينا أفكار مستقبلية لتطوير فكرة الشركة والنهوض بها، حيث نسعى إلى بيع منتجاتنا في جميع دول الشرق الأوسط، والعالم أجمع.
وأضاف محمد في حديثه عن التحديات التي واجهت فريق العمل من أجل النجاح، قائلا: كل عقبة واجهتنا حاولنا جاهدين في تخطيها، لابد من كل مشروع أن يواجه تحديات، ولكن الأهم من ذلك كيفية تحويل هذه الصعوبات إلى نقاط قوة تدفع الفريق إلى الأمام، والقاعدة التي كنا نستند عليها في الأوقات الصعبة هي «الحاجة أم الاختراع»، فعندما واجهنا صعوبة في شراء الآلات بسبب تكلفتها الباهظة جدا، بدأنا في مرحلة التخطيط لصنع آلة يدوية تساعدنا في تصنيع المنتج، بمساعدة الكلية التي وفرت لنا الاحتياجات اللازمة لصنع الآلة، ولله الحمد نجحنا في تحقيق ذلك، وخرج المنتج بجودة ممتازة. وكذلك تغلبنا على عدة تحديات أخرى، منها ارتفاع أسعار المواد الخام التي قمنا بالبحث عن مواد بديلة عنها.
التحفيز الذاتي للنجاح
بنجاح منتج فسيلة، لابد من مواصلة المشوار بمنتجات أخرى تماثلها في الجودة والنجاح، حيث ذكر محمد قائلا: عملنا بشكل كبير على منتج «فسيلة» ونعمل حاليا على بحوث ودراسات لمنتجنا الجديد للعمل على تطويره، وسيتم الإعلان عن المنتج القادم في نهاية النصف الأول من عام 2020م، بإذن الله تعالى، ونسأل الله التوفيق.
وأضاف الفارسي قائلا: حققنا النجاح لشركة «سعف» ولكن حتى الآن لا يوجد أي مستثمر حقيقي لاستثمار فكرة الشركة، ونسعى جاهدين للحصول على الدعم للبدء الفعلي والحقيقي في تشغيل شركة «سعف»، وكذلك لابد من الدعم المعنوي والتشجيع، قمنا بتحفيز أنفسنا والدعم الكبير الذي نتلقاه من عوائلنا وأصدقائنا المحيطين بنا، وكذلك التشجيع الدائم من قبل الإدارة والمشرفين والأساتذة في الكلية.
مشاركات مثرية
وعن الفعاليات التي شارك بها فريق عمل «سعف» لتمثيل شركتهم، ذكر محمد قائلا: عند بداية عمل الشركة شاركنا في فعاليات احتفالية العيد الوطني المجيد بالكلية التقنية في شناص، ومن ثم تلقينا دعوة للمشاركة في المهرجان الزراعي العاشر بجامعة السلطان قابوس لعرض فكرة الشركة على مستوى الكليات والجامعات في السلطنة، وأيضا تلقينا دعوة للمشاركة في اليوم العالمي للبيئة من تنظيم وزارة البيئة والشؤون المناخية، وحظينا بفرصة المشاركة في مسابقة الغرفة للابتكار لعام 2019م، وتأهلنا ضمن أفضل 5 أفكار على مستوى محافظتي شمال الباطنة ومسندم. والمشاركة في ملتقى الكليات المهنية بالكلية المهنية في صور، وحصولنا على المركز الأول كأفضل فكرة طلابية مشاركة، والمشاركة بورقة عمل في غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة البريمي، وحصلنا على أفضل ورقة عمل في ندوة الاستفادة من مخلفات النخيل في الصناعات الحديثة.
ختامًا..
لابد من طموحات وآمال مستقبلية تلامس عنان السماء، حيث ختم الفارسي حديثه قائلا: طموحنا يرتكز نحو السعي من أجل أن تصبح «سعف» شركة عمانية مساهمة في بناء اقتصاد الوطن الغالي، والنهوض بها في مجالات مختلفة كإعادة التدوير والاستدامة والتكنولوجيا المستقبلية.