مقالات

إذا سرقت فاسرق جملا

ماهر الزدجالي

يحزنني جدا أن أجد أن بعض المسؤولين العرب قد تم إلقاء القبض عليهم بتهمة الفساد والسرقة، وباعتقادي هذا ينم عن ضعف في مستوى السارقين في التفكير والتخطيط للسرقة، وهذا مؤشر خطير بعد أن كان يشهد لنا بالبنان في مجال السرقات.
ومن هذا المنطلق أدعو جميع المسؤولين لوقفة لإعادة النظر في الأساليب والاستراتيجيات المتبعة في السرقة والتي أصبحت غير مواكبة مع التطور الحاصل وغير متوافقة مع مبادئ الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الصناعي.!
وأقترح أن يتم عقد مؤتمر دولي لبحث هذا التراجع في المستوى والأساليب ومحاولة الخروج من هذا المؤتمر بتوصيات وقرارات ملزمة لجميع المسؤولين الراغبين الدخول في مجال السرقات.
وبطبيعة الحال فإن السرقات أنواع فهناك سرقات (شريفة) مثل شخص يقوم بإعطاء شركته أو شركة زوجته المناقصة التي تكون أرباحها بملايين الدولارات لبناء مبنى أو شارع أو حتى توريد بعض الأجهزة والقرطاسيات وهذا النوع من السرقات (عاداها العيب) وسليمة مائة في المائة.!
أما السرقات (غير الشريفة) فتلك السرقات التي يقوم بها المسؤول ولا أحد يستفيد منها شيئا كأن يسرق أموال مخصصات مشروع أو دعمًا لفئات معينة في المجتمع.
ومن الاستراتيجيات الممتازة التي يتبعها بعض المسؤولين وضع (تيس فداء) حتى يتم تقديمه (وقت اللزوم) فهو بمثابة خط الرجوع أو مخرج طوارئ يتم إستخدامه في حال قرر أحد الموظفين في هيئة مكافحة السرقات (هداه الله) أن يتتبع مصادر الأموال أو يراجع المناقصات والفواتير والعقود.
وبما أن المسؤول العربي يدرس خارج البلد، ويتعالج خارج البلد ويذهب للسياحة خارج البلد والشيء الوحيد الذي يقوم به داخل البلد هو سرقته يجب علينا أن ندعو المسؤولين إلى ضرورة التفكير للسرقة خارج البلد أيضا حتى تكون لنا بصمة وحضور وسمعة دولية في مختلف المحافل.
وفي المقابل لابد أن نشيد بمستوى بعض السرقات المحترمة فهناك سرقات يجب أن توضع مبادئها وخطواتها ونظرياتها في مناهج وكتب حتى يتم تدريسها للأجيال الناشئة من المسؤولين المقبلين على تسلم زمام الأمور وقد يتساءل شخص كيف يمكن أن نتنبأ للشخص أن يصبح مسؤولا عندما يكبر والجواب بكل بساطة إن المسؤولين العرب يتبعون نظام الوراثة في المناصب.
ومن المشاهد المسرحية التي لا أنساها مشهد للفنان المرحوم حسن مصطفى في مسرحية مدرسة المشاغبين عندما قال «إبنك يا أستاذ يا محترم سرق عربية مدير مكتب مكافحة سرقة السيارات» ولهذا يجب أن نرفع القبعات للأشخاص الذين يختارون أن يسرقوا مكتب مكافحة السرقات فهذا بمثابة تحد كبير لا يستطيع أن يجتازه سوى الذكي والمحترف في هذا المجال.
ولا يفوتنا بالطبع أن نذكر السرقات الصغيرة والمتوسطة التي حققت نموا سريعا ويمكن التنبؤ لها بمستقبل جيد في الفترة المقبلة وبالفعل هناك بعض الدول حققت أرقامًا قياسية في هذا الجانب.
وفي النهاية يجب علينا تذكر القاعدة الذهبية التي تقول «إذا سرقت فاسرق جملا».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق