الفني

صالح زعل.. اشتقنا للمسرح وننتظر المبادرة من الكتّاب

 

أجمعَ كلُّ الحاضرين على أن الشخص الجالس أمامنا “مُحترَم” و”هادئ الطباع”، ويتمثل في شخصيته “الود والحب”. إجاباته واضحة وحديثه متزن، يتكلم بأريحية كأنه أمام أبنائه وإخوانه، يذكر الماضي بحنين البدايات، ويتحدث عن الحاضر بالأمنيات. من حضر تمنّى أن الوقت لا ينتهي، فالحديث معه “فن” والحديث عنه “معرفة”. في استذكاره “تأريخ” للمسرح في السلطنة، وفي مسيرته “قدوة” للشباب. إنه الفنان العُماني الكبير صالح زعل الملقّب بـ “أبو مازن” أو المعروف دراميًا وتمثيليًا بـ “الشايب خلف”، والذي أضاء أولى جلسات برنامج مقهى المسرح الذي تعدّه الجمعية العمانية للمسرح بحضور “التكوين” التي رصدت أبرز الحكايات من فناننا القدير.

خاص- التكوين

من العسكر إلى الإعلام

بداية دخوله للمسرح بدأت بعد رجوعه من الكويت إلى السلطنة وتحديدا الباطنة في مطلع سبعينيات القرن الماضي، حيث قدّم للحصول على وظيفة في جهة عسكرية وفي وزارة الإعلام، فأتت الوظيفة العسكرية في البداية فالتحق بها لمدة شهر، بعدها نُودي اسمه لوزارة الإعلام بالمذياع عبر أخبار الساعة الرابعة عصرًا ، فذهب وقدّم الاختبار ونجح، وحتى يلتحق بالوزارة تحمّل “الإجراءات” التي اتخذتها ضده الجهة العسكرية لمدة أسبوع لأن حبه للإعلام هو ما دفعه لذلك. اشتغل في الإذاعة مذيعًا والتقى بمجموعة من الأشخاص وتعرّف عليهم واتفقوا على إنشاء فرقة مسرحية  فكان الاجتماع الأول في منزل سعيد الصوري في دارسيت بمطرح، الذي تم خلاله تسمية رئيسها ونائبه، فتدرج فناننا حتى رأس الفرقة وسعى إلى الاعتراف بها رسميا حتى تحقق له ذلك، ثم قامت وزارة الإعلام والشباب حينها بتبني الفرقة وتوفير مخرج ومدرب لها فقاموا بأول مسرحية هي “تاجر البندقية”.

رغم الصعوبات الحب هو الدافع

قال أبو مازن بأن بداياتهم كانت صعبة وعانوا فيها جميعا، حيث استمروا حوالي ست سنوات حتى تم الاعتراف رسميا بفرقتهم، كما أنهم كانوا يدفعون أموالًا من “جيبوبهم” لإيجار المنازل، والسيارات، بالإضافة إلى أن التجهيزات للمسرحية الواحدة تستمر أحيانًا من ستة إلى ثمانية أشهر، عوضا عن أن “البروفة” قد تستمر من أول الصباح إلى آخر الليل في اليوم الواحد، مؤكدًا بأن ما دفعهم إلى تحمّل ذلك هو حب المسرح والتمثيل، والرغبة في إظهار شيء يليق بالسلطنة. مُرجِعًا النجاح الذي تحقق إلى الحب الذي جعلهم أسرة واحدة وربط أسرهم بعلاقات صداقة ومحبة قوية مستمرة إلى الآن، والإخلاص الذي أوصلهم إلى ما وصلوا إليه.

اشتقنا المسرح وننتظر المبادرة

في رد على سؤال أحد الحاضرين ذكر الفنان صالح زعل بأن النصوص المسرحية الحالية لا تُكتب لهم، ولا تتناسب مع أعمارهم، وإنما تُكتب لشباب من فئة معينة من الممثلين، قائلا بأنهم لا يستطيعون مزاحمتهم في أدوارهم. مُبديًا استعداده وعدم ممانعته لأي دور يُعرض عليه ويكون متناسبا معه، طالبًا من كتاب النصوص إلى المبادرة لأنه اشتاق إلى المسرح- كما عبّر-. 

المسرح اليوم

أوضح الفنان أن كل الفرق تتجه الآن إلى المشاركة في المسابقات والمهرجانات ونادرًا ما يكون هناك عروض جماهيرية، كما أن مواضيع المسرحيات أغلبها شبابية. مؤكدا بأن المسرح اليوم أفضل من الماضي بسبب الدعم والتشجيع الذي يتلقاه سواء من وزارة التراث أو من الفرق الأهلية أو من المسرحيين أنفسهم.

نحن موجودون

أكد “الشايب خلف” بأنهم موجودون ومستعدون لأي استشارة تحتاجها الفرق المسرحية، فالأهم أن رسالة المسرح تستمر ويبقى متواصلا في معالجة المواضيع وطرح القضايا المجتمعية، موضحا بأنهم لا يتوانون في تشجيع الفرق العمانية التي تشارك في المهرجانات الداخلية والخارجية ومساعدتها.

لماذا لا يُشارك مع الفرق؟

في سؤال وجهه أحد الحاضرين عن عدم مشاركته مع أيٍ من الفرق المسرحية في السلطنة أفاد أبو مازن بأن “نفسه قصير” ويخاف بأن يكون مقصرًا معهم، فهو لا يستطيع الارتباط باجتماعاتهم ومواعيدهم، لكنه رغم ذلك أبدى استعداده لمساعدتهم إن احتاجوا استشارة منه.

لا نرمي أنفسنا بـ “الغصب”

أوضح صالح زعل بأن العمل على دراسة المسرح العماني وتهيئة أماكن ومسارح له هو تكليف، وهم لم يكلفهم أحدٌ للقيام بهذه المهمة حتى الآن، لا وزارة التراث والثقافة ولا المعنيين بالمسرح، مؤكدا بأنهم إذا كُلّفوا أو اُستشيروا فإنهم لا يترددون في قبول ذلك، لكنهم لن “يرموا أنفسهم بالغصب” – كما قال-.

حمدان الوطني و”البيكب”

حكى أبو مازن أثناء حديثه قصة معرفته بالفنان القدير حمدان الوطني فقال:  ركبت مرة في سيارة “بيكب” فإذا بي أسمع رجلا يدندن ويغني مع المغني في الراديو، وكان صوته جميلا، وبعد حديثي معه عرفت بأنه الفنان الكبير حمدان الوطني، فقد كنت أسمعه كثيرا من قبل لكني لم أره إلا في تلك السيارة، ومن يومها بدأت معرفتي به.

الحسني..حافظ التاريخ

أشار فناننا القدير إلى أن الشخص الوحيد المهتم والحافظ لكل مسيرته الفنية هو الفنان محمود عبيد الحسني (مقدم الجلسة)، قائلا بأنه يعود إليه لاستعادة بعض المعلومات عن مسيرته الفنية وأعماله، لأنه مهتم بذلك حتى قبل دخوله للإعلام.

شهادات

يجمعنا الحب

الفنانة القديرة أمينة عبدالرسول كانت حاضرة للجلسة وقدمت شهادة في الفنان صالح زعل حيث قالت بأنبدايات تعارفها به كانت في عام 1974م، حيث كانت بدايات جميلة تفتقدها اليوم في بعض الفرق والشباب. وأوضحت أنه كان يجمعهم الحب، والاحترام، والالتزام، لذلك استمروا إلى الآن. وأكدت أنهم كانوا يحبون المسرح كثيرا ليس من أجل المادة وإنما من أجل تقديم شيء مميز للمسرح العماني. وعن شخصية أبو مازن قالت “أم زهير” بأنه شخص جميل ومحترم، وذو أخلاق عالية، وكان حريصًا على نجاح الجميع. وأوضحت الفنانة أمينة بأنه تربطها بـ “الشايب خلف” علاقة أسرية كبيرة، وهم إخوان. حتى أنه كان يأتي لها بفطور من السيب وهي تؤدي أحد الأعمال في الرستاق بشكل يومي.

هادئ و”قلبه بارد”

الفنان طالب محمد من جهته قال بأن هناك “عشرة عمر” تربطه بالفنان صالح زعل، حيث بدأوا معا في دارسيت، ثم توجهوا سويا إلى مصر لمدة ثلاثة أشهر. وأكد بأن الشيء الوحيد الذي كان يجمعهم هو المحبة لذواتهم وأيضا للمسرح. وأوضح بأنه لم يذكر يوما أن أبو مازن قام بالصراخ على أحد فهو هادئ و”قلبه بارد” وسيبقى صديقا عزيزا، وإن كان ثمة اختلاف فهو اختلاف فني فقط. مؤكدا بأن صالح زعل سيبقى علمًا من أعلام المسرح والفن العماني.

جيل الشباب مقصر

الفنان الدكتور خالد العامري قال بأن أبو مازن وأمثاله من النجوم الكبار في المسرح والدراما العمانية موجودون لكن جيل الشباب مقصر في التواصل معهم. وذكر العامري أن بعض الفرق المسرحية التي تشارك سواء داخل السلطنة أو خارجها لا تذهب إليهم للاستشارة والاستفادة، طالبًا منهم أن يبدأوا هذه الخطوة  حتى يستفيدوا من خبرتهم وتجاربهم.

الشايب خلف

ارتبطت شخصية “الشايب خلف” بالفنان القدير صالح زعل فلا يكاد يُقال اسم صالح زعل إلا ويردفه اسم “الشايب خلف” وهي الشخصية التي كتبها في هذا العمل بصحبة الفنان جمعة الخصيبي, وشارك في كتابة العديد من الأعمال التلفزيونية والإذاعية. ومن أهم أعماله مسرحية دختر شايل سمك، ومسرحية الطوي،  وشكسبير ، ومسافر خانه، وغدا تبتسم الحياة، وآباء وأبناء, وقراءة في دفتر منسي, وصيف حار, والأرض , وجمعة في مهب الريح , الناس أحوال، وعايش زمانه. وغيرها.

تكريم متواصل

حاز الفنان القدير صالح زعل  العديد من الجوائز القيمة سواء على مستوى السلطنة أو الخليج أو على الوطن العربي حيث تم تكريمه في العديد من المحافل الدولية كان آخرها تكريم من وزارة الثقافة والتراث، ومن وزارة الداخلية بدولة الإمارات العربية المتحدة عن الدور الذي قدمه في مسلسل خيانة وطن في عام 2016م، ومن العراق.

باكورة اللقاءات وأمنيات

تُعدّ الجلسية التي تم استضافة الفنان القدير صالح زعل هي باكورة لقاءات برنامج مقهى المسرح الذي تعده الجمعية العمانية للمسرح ضمن خطة أنشطتها المسرحية لهذا العام. وأكد الفنان محمود عبيد الحسني مدير الجلسة  حاجة الوسط الفني إلى مثل هذه اللقاءات التي تجمع المسرحيين ببعضهم البعض، وتوفر لهم جو الالتقاء بعيدا عنجو العمل، من جانبه قدم الفنان صالح زعل شكره للجمعية العمانية للمسرح على هذا اللقاء، منمنيا أن تصبح مثل هذه اللقاءات عادة في المستقبل.

تم نشر المادة في العدد (25) من مجلة التكوين…

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق