العام

نجوى البلوشية: اتبع شغفك لتزيد إنتاجيتك في الحياة

الهواية نشاط منتظم أو اهتمام يُمارس في الغالب خلال أوقات الفراغ، بقصد المتعة أو الراحة، ولكن بسبب رتابة الحياة اليومية أصبحت الهوايات من الأمور الأساسية التي يجب أن يوليها الناس اهتمامهم، ويستقطعون جزءا من يومهم لممارستها وتنميتها وتطويرها، وبالإمكان أن تصبح مصدر دخل وفيراً إذا تم استغلالها بشكل جيد. التقت التكوين بنجوى بنت عبدالله البلوشية، الشابة المجتهدة والهاوية المتمرسة التي طورت من حبها للفن التشكيلي، واستطاعت عمل مشروع صغير بكل حب وشغف. خريجة عام 2016 من جامعة السلطان قابوس، تخصصت في الهندسة المعمارية، وتعمل حاليا كمهندسة معمارية في شركة مسقط الوطنية للتطوير والاستثمار «أساس». تحب الرسم والتصميم والأشغال اليدوية، تم تكريمها في برنامج «شكرا شبابنا» لعام 2017م، والمزيد من التفاصيل في السطور الآتية..

حوار: أنوار البلوشية

بداية حدثتنا نجوى عن شغفها الذي اندفعت إليه منذ نعومة أظفارها، حيث ذكرت قائلة: اكتشفت موهبتي في الرسم والأشغال اليدوية منذ الصغر، بدأ الأمر معي بشكل تدريجي، استهوتني فكرة تشكيل الأشياء باستخدام الأدوات المتاحة حولي، وفي المدرسة شاركت في الأنشطة المتعلقة بالفنون التشكيلية، وانضممت إلى مسابقات تصميم الإعلانات واللافتات المعلقة. انغمست كثيرا في الفن التشكيلي، وأصبحت لي أعمال وأفكار كثيرة، كرسم الشخصيات الكاريكاتيرية واللوحات الفنية وغيرها، وكنت أقوم بتزيين علب الأقلام والأدوات الدراسية والدفاتر بالألوان والخطوط الجميلة. ثم دخلت مرحلة جديدة من حياتي، أنهيت دراستي المدرسية وحان وقت انخراطي في الحياة الجامعية، وهوايتي في حب الرسم ساعدتني كثيرا في دخول تخصص الهندسة المعمارية، حيث طلب مني من قبل الجامعة تقديم ملف لاختبار مهاراتي الفنية، ولله الحمد تم قبول عملي واجتزت المرحلة وتم اختياري للتخصص.
الهندسة المعمارية
وأضافت نجوى البلوشية قائلة: بدأت مرحلة مختلفة بعيدا عن الفن والألوان، انخرطت في الرسم المعماري، ولم أقم بأي عمل فني، هناك اختلاف كبير بين الرسم المعماري والرسم التشكيلي الذي كنت أمارسه في السابق، فقد ابتعدت عن هوايتي في فترة دراستي الجامعية.
درست الهندسة المعمارية وتخصصت في التصميم الخارجي وتوزيع المساحات الداخلية للبيوت والعمارات والمباني بشكل عام، وأيضا تعلمت الكثير عن التصميم الحضري، ثم في الفصل الأخير عملت على مشروع التخرج، الذي كان ينص على حرية الاختيار في اتخاذ الفكرة والعمل عليها بشكل كامل، وهو مشروع التخرج الذي فزت فيه بمسابقة جائزة أمانة مجلس التعاون الخليجي لطلبة العمارة والتخطيط. في عام 2016م، فقد كانت مسابقة خاصة بمشاريع التخرج لكل الجامعات المنتمية لدول الخليج الست، ولله الحمد فاز مشروعي بالمركز الأول ثم تم تكريمي في «شكرا شبابنا» لعام 2017م.
القرية الحرفية
وتحدثت عن مشروع التخرج الذي حصدت من خلاله على عدة جوائز، قائلة: المشروع كان عبارة عن مركز للحرفيات، كالقرية المتكاملة تضم ورشات للتعليم والإنتاج والبيع والتسويق وغيره الكثير من المرافق. الهدف الرئيس من المشروع هو إحياء الحرفيات المندثرة، حيث لا يوجد مكان خاص يحتضن الحرف التقليدية ويمد لهم المساحة الكافية للعمل والإنتاج، حتى الهيئة العامة للصناعات الحرفية في السلطنة لم توفر لهم المكان الملائم، وإنما كل حرفي يعمل في منزله أو يوفر لنفسه ورشة للعمل فيها، فأتيت بفكرة مركز يجمعهم في مكان واحد، قرية تبدأ في تبني الشخص منذ البداية أولا كتعليم ثم تدريب في ورش متخصصة في الجانب النظري والعملي، وكل ما يتم إنتاجه يقومون على بيعه في السوق الذي تضمه القرية، والسوق أيضا يتضمن ورش عمل للحرفيين المحترفين ويتم بيع إنتاجهم في نفس السوق، ويتم أيضا توفير فرص عمل من خلاله، ومن ضمن المرافق وجود مكتبة مع مقهى مرافق يمكن الجلوس فيه، ومركز لإقامة الفعاليات والموروثات والرقصات الشعبية التقليدية، فهي عبارة عن قرية متكاملة بمرافق متعددة.
الانطلاق والحرية
وأضافت نجوى قائلة: تخرجت من الجامعة في عام 2016م، وبدأت العمل في وظيفتي الحالية، بعد مضي ثلاثة أعوام، استحوذني الروتين اليومي، ودخلت في نمط حياة رتيب لم أستطع فيه التجديد من عملي وأفكاري، استوعبت مدى ابتعادي عن هوايتي وحبي للفن التشكيلي، فقررت الرجوع إلى هوايتي وجذب الشغف إلى حياتي مرة أخرى. رجعت إلى اندماجي في الألوان وبدأت أرسم اللوحات، خرجت من قوانين وقيود الرسم الهندسي، هنا أشعر بالانطلاق والحرية في ممارسة ما أحب، أميل دائما إلى الجانب الفني والجمالي في عملي.
هي كانت هواية وحولتها إلى مشروع، وبين كل فترة أقوم بابتكار أشياء جديدة، ففي البداية عملت على اللوحات الصغيرة، ومن ثم قمت برسم لوحات الأسماء حسب الطلب، وعملت على تصميم فواصل الكتب، وما يشجعني على الاستمرار هو تشجيع الناس وإقبالهم على أعمالي.
خطوط وألوان
هنا سردت نجوى الكثير عن تفاصيل مشروعها الجديد، حيث قالت: بدأت في المشروع فعليا من شهر أغسطس لهذا العام، وضعت خطة عمل تتضمن كل فترة محددة فيها لعرض منتجات معينة، حتى أستطيع المحافظة على التجديد في عملي، حيث كل أربعة أشهر أبدأ بفكرة جديدة، بدأت بلوحات «الكانفاس»، وهو نوع من أنواع القماش القابل للرسم عليه، بألوان الأكريليك أو الألوان الزيتية أو المائية، فبدأت باللوحات الصغيرة فهي أسهل للعمل عليها ويمكنني تسويقها بسهولة وعرضها بمبلغ مناسب، أما اللوحات الكبيرة مجهدة وتأخذ الكثير من الوقت والجهد، وتكون بأسعار مرتفعة من الممكن أن لا تحظى بالقبول في السوق، وأيضا من مميزات اللوحات الصغيرة بالإمكان وضعها في محيطك بمجرد تثبيتها على حامل بسيط في المكتب أو طاولات المنزل الجانبية مثلا، كديكور جمالي للمكان. والألوان أقوم باختيارها بنفسي وبحرية، ولا ضير في عمل ألوان محددة يطلبها الشخص.
الأكريليك والكانفاس
وعن الأدوات التي تستخدمها البلوشية في عملها، ذكرت قائلة: أستخدم ألوان الأكريليك، وقماش الكانفاس وجربت الرسم على الخشب وأيضا استخدمت الألوان المائية وألوان غواش لم ألتحق بدورات أبدا، كل أعمالي نتاج تجاربي، تعودت على العمل اليدوي منذ الصغر، وهو ما كان دارجا حتى ظهرت برامج التصميم المختلفة، مثل الفوتوشوب والالستريتر وغيرها، وحتى في مشروعي هناك خطة مستقبلية في استخدام الرسم الرقمي عن طريق جهاز الآيباد، ولكني غير متمكنة بالشكل الكافي حتى الآن، بالرغم من أن الفنان دائما ما يتميز بعمله اليدوي عوضا عن الرقمي، ولكن للرسم الرقمي مميزات تجعلنا نتجه إليه مستقبلا، بسبب التكلفة القليلة عند طباعة اللوحات الكبيرة على الكانفاس، وتوفير الكثير من الوقت والجهد، على عكس اللوحات اليدوية التي تأخذ الكثير من الوقت والجهد لذلك تكون بسعر غال، وليس دائما نجد من يشتريها، على عكس اللوحات الرقمية التي تتميز بسعرها الرمزي المناسب الذي يمكن أن يشتريها عامة الناس بسهولة. وأيضا في برامج الرسم الرقمي توجد أدوات تساعد على دمج الألوان والحصول على التأثير المناسب في وقت قياسي، على عكس الرسم اليدوي الذي يتطلب الكثير من الوقت والجهد والتعديل واستخدام الكثير من الألوان والعديد من الفراشي للوصول إلى النتيجة المرغوبة، لذا في مشروعي أحاول العمل على لوحات وأفكار تكون في متناول الجميع. وأيضا أعمل على فكرة فواصل الكتب بأسعار رمزية بسيطة، وأيضا لوحات تتضمن عبارات مكتوبة بخط جميل ضمن لوحات صغيرة، فهناك إقبال جيد جدا على أعمالي من قبل الفتيات ذوات الذائقة الفنية.
الرسم الرقمي
عند سؤالنا عن الشكوك التي تراودنا عن قضاء الرسم الرقمي على الرسم اليدوي في المستقبل، أجابت نجوى قائلة: بدأت في تجربة الرسم الرقمي ولكني لم أستمتع به كثيرا، أحب الاتساخ بالألوان والاندماج معها ولمسها عند الرسم، أنا بدأت في الرسم الرقمي ولدي أكثر من عمل ولكني بحاجة إلى أن أتمكن منه أكثر. الرسم اليدوي يلقى التقبل والتقدير أكثر من الرقمي، فقيمته بحجم العمل والجهد الذي يكمن فيه، وصعوبة العمل فيه كذلك، توجد فئة من الناس تقدر هذا الأمر، ولكن هناك فئة لا تفرق في هذا الأمر، وإنما يقيمون العمل بالمادة إن كان سعره غاليا أم رخيصاً لا أكثر، ما زالت هناك جمالية في اليدوي لا يمكن للرقمي الاتيان بها. وأرى أن الرقمي له مجالاته واليدوي له مجالاته، وبرأيي الشخصي لا يمكن للرقمي أن يقضي على اليدوي بشكل كلي، ولكن سيأخذ حيزا كبيرا في السوق مستقبلا، لسهولته وتوفيره الوقت والجهد وسعره في متناول الجميع.
الهندسة والفن التشكيلي
وأضافت نجوى قائلة: أفكر مستقبلا في الدمج بين تخصصي الوظيفي ومشروعي الفني، أدمج الفن مع العمارة، ولكن لا توجد فكرة واضحة حتى الآن، حيث أرى أني انخرطت كثيرا في الجانب الهندسي من خلال وظيفتي لذا أتمنى إضافة اللمسات الفنية في العمل المعماري، حتى أستطيع الإبداع فيه أكثر. ومشروعي ما زال في بدايته وعلى ثقة في قدرتي على المضي قدما وإكمال المشوار وتطوير إنتاجي والإبداع فيه أكثر. وأسعى للمشاركة في المعارض والتعاون مع جهات ومؤسسات مختلفة لتوسيع عملي. أقوم بالتسويق لمشروعي من خلال الانستجرام في الوقت الحالي، ولكن في المستقبل أخطط في وضع خطة تسويقية متكاملة لجذب الناس.
ختاما…
أوجه رسالة للشباب، الدراسة والجانب الوظيفي من الأمور التي أخذت حيزا كبيرا في حياتنا وأبعدتنا عن هوايتنا التي نحبها، لذا أنصح كل شخص يمتلك موهبة بأن ينتبه لموهبته، ولا يدفنها تحت ظروف الحياة الروتينية التي يعيشها، وتزكية الموهبة تكون بالقدرة على تنميتها وتطويرها أو إلهام شخص لصنع شيء جميل، وأن لا يدع شيئا يلهيه عن شغفه، فاتباع الشغف سيقتل الروتين وسيزيد من إنتاجية الشخص في العمل، فهي وسيلة لتفريغ الطاقات السلبية، وإدراك المسار الصحيح في الحياة وكسب الطاقة الإيجابية للمضي قدما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق