العام
الشيخ سيف المسكري: هناك مثقفون أساؤوا لعمان
يعد الشيخ سيف بن هاشل المسكري أحد الشخصيات العمانية البارزة، التي أسهمت بعمق في بناء الدول العصرية في عمان، وذلك من خلال تدرجه في المناصب الرمية التي تقلدها عبر مسيرته الطويلة التي التي تدرج من خلالها في وزارة الخارجية من سكرتير ثالث إلى القائم بأعمال السفارة العمانية بالمملكة المغربية، ثم مديرا للدائرة الإعلامية، كما تولى منصب الرئيس المساعد ثم الرئيس بالإنابة في الدائرة العربية، وعمل كسفير مندوب دائم للسلطنة في المكتب الأوروبي لدى الأمم المتحدة في جنيف، وقنصلا عاما في سويسرا، تولى منصب الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في مجلس التعاون الخليجي. كما عمل الشيخ سيف المسكري وكيلا للسياحة، وتم تعيينه عضوا في مجلس الدولة، وترأس إدارة عدة شركات كبرى، كما ترأس الاتحاد العماني لكرة القدم لدورتين، وترأس مجلس إدارة النادي الثقافي أكثر من مرة.
إلى جانب ذلك تقلد الشيخ سيف بن هاشل المسكري عدة أوسمة أهمها: وسالم النعمان من الدرجة الأولى، من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفغظه الله ورعاه ـــ، ووسام التكريم من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، ووسام بدرجة ضابط من إيطاليا.
يتميز الشيخ سف بن هاشل المسكري بجرأته في الحديث وشفافيته في الطرح، كما يتميز بحسه الوطني العالي، ورغبته في أن يرى وطنه يتبوأ مكانته العليا.
(التكوين) التقت الشيخ سيف المسكري، واجرت معه هذا للقاء الذي نبشت من خلاله ذاكرته حول بدايات النهضة المباركة التي قادها جلالة السلطان قابوس بن سعد المعظم، وما رافقها من تحولات تنموية شهدتها السلطنة، إلى جانب الحديث عن القضايا العربية الراهنة، والمستجدات على الساحات الخليجية والعربية والعالمية.
ـــ باعتباركم أحد رجالات الدولة العمانية الحديثة التي أرسى دعائمها صاحب الجلالة السلطان قابوس حفظه الله … كيف تقرؤون مفردات هذا الفكر وتقدمونه للأجيال؟
** أنا أتذكر أول خطاب تفضل به صاحب الجلال يوم أن تولى مقاليد الحكم في عمان، إذ عاهد شعب عمان بأنه سيعمل على بناء عمان دولة عصرية. كما عاهد أيضا أنه سيبدأ في بناء الإنسان العماني، وذكر في بعض خطاباته السامية لاحقا بأنه سيعمل على نشر التعليم ولو تحت ظلال الشجر.
وكنا دائما نتابع خطاباته السامية، التي كانت تتميز بالقصر، ولكنها كانت مركزة، وكل عبارة تحمل معنى من معاني هذا الفكر الذي يمثله صاحب الجلالة.
إلى جانب ذلك، ومن خلال متابعاتي لجولاته السامية التي يقوم بها جلالته في المناطق، وتركيزه للاستماع والإنصات إلى حديث أبسط إنسان عماني، مما يعطي انطباعا بأن صاحب الجلالة ليس سلطانا فقط، وإنما صاحب رسالة ورؤية، استطاعت عمان من خلالها أن تسير على درب التنمية والأمان والاستقرار.
وأعتقد أن الحجر الأساس لهذه الرؤية يتمثل في احتواء جلالته لمن كان يقف في الصف الآخر من الشباب العماني وأطلق عبارته الشهيرة “عفا الله عما سلف”. ولهذا تجد هنا تجربة فريدة لدى العمانيين تتمثل في الهجرة المعاكسة، إذ نلاحظ أن الهجرة دائما ما تكون من الداخل إلى الخارج، بينما ما جرى في عمان من بداية سبعينيات القرن الماضي إلى مطلع الثمانينيات أننا شهدنا هجرة معاكسة، من الخارج إلى داخل الوطن. إن تلك الرؤية وهذه الفلسفة هي التي أوصلت عمان اليوم لتتبوأ هذه المكانة المرموقة في المنطقة.
لقد أراد صاحب الجلالة أن يكون لعمان خطها الواضح. وقد تجلى ذلك بالنسبة لنا في الكثير من الملاحظات أثناء عملنا في وزارة الخارجية، حيث كنا نتحمس في بعض المواقف، ولكن حينما نرفعها إلى المقام السامي تأتينا التوجيهات من لدن جلالته بأنه لا ينبغي أن يكون هذا الحماس هو الحكم.
ـــ نحن على وشك معرفة تفاصيل خطة “عمان 2040″، التي ستتكشل في ظل هذا التراجع الكبير في أسعار النفط. نود منكم معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا التراجع في أسعار النفط، وما هي توقعاتكم لهذه المرحلة والخطة المنتظرة؟
** أنا لست مؤهلا لأقدم تحليلا اقتصاديا فلست متخصصا في ذلك، ولكن من خلال متابعتي للأمور أرى ان النفط في الأساس سلعة تجارية تخضع قوانين العرض والطلب.
في عام 1985م حدثت أزمة كالتي نعشها اليوم، حيث انخفضت أسعار النفط إلى مستويات متدنية جدا، وكان السبب في ذلك، وللأسف القرار السياسي لبعض المنتجين وليس السوق. تلك الأزمة تمت معالجتها في حينها كردة فعل، وتعامل أصحاب القرار مع الأزمة في حينها، وتمكنوا من الخروج منها بأقل ضرر، ولكن بتأجيل الكثير من المشاريع.
وجاءت الأزمة الاقتصادية الثانية قرابة عام 1999م، وأتذكر معالي أحمد بن عبدالنبي مكي يقدم عرضا لهذه المشكلة أمام مجلس الدولة، ورؤية الحكومة في كيفية معالجتها. وقد شعرت من خلال حديث معاليه بأن العبء كان كبيرا على الدولة. وقد اتخذت الإجراءات لمعالجة هذه الأزمة أيضا في وقتها.
ولكن الإشكالية، حينما نتحدث بصراحة، أن عمان مرت بأزمتين اقتصاديين، فلماذا لم نستفد من هاتين الأزمتين من أجل الاستعداد لأي طارئ جديد. إن ما يحصل الآن من انخفاض لأسعار النفط، كان في البداية بقرار سياسي من بعض المنتجين لحسابات سياسية، ولكن الأمور انقلبت على من اتخذ القرار، وانفلتت السبحة من أيديهم، وأصبحوا غير قادرين على السيطرة على الأمور، وتدهورت أسعار النفط من ما يقارب 120 دولارا إمريكيا للبرميل ليصل إلى 38 دولارا.
السؤال هو هل نحن لدينا سرعة النسيان بحكم طبيعتنا البشرية؟ فلم تضع الدولة الخطط الكفيلة لمواجهة هذه الحالات، أو برامج للتنمية البشرية وبناء الإنسان كل هذه السنوات، سواء في استراتيجية التعليم أو الاقتصاد أو الجانب الاجتماعي. صحيح أننا دولة رعوية، ولكن يجب على الدولة أيضا أن تضع البرامج التي تستطيع من خلالها الاستمرار في هذه السياسية الرعوية. وحين نتكلم عن التعليم فإن التوجه هنا ينصب على حاجة البلد أو حاجة السوق، وهذا هو الخطأ بعينه، وأرى أن إحدى السلبيات التي نعيشها اليوم هي أننا لم نضع استراتيجية التعليم من أجل التعليم، وإنما من أجل تغطية سوق العمل، وهذا الكلام غير مقبول إذا كنا نسعى إلى بناء الإنسان. فنحن لسنا شركة تنظم دورة تدريبية، بل على الدولة أن تقوم بعملية التعليم والتأهيل الفني والمهني والتقني، وليس من مسؤوليتها التوظيف.
الخطأ الثاني الذي وقع هو أننا نتحدث عن التعمين ولا نتحدث عن خلق فرص العمل، وكل القرارات والقوانين التي كانت تصدر فهي تدعو للتعمين. وفي الواقع الدولة لا ينبغي أن تسعى إلى تعمين الوظائف، فذلك فقط للدول التي تعطي الأولية للتعيينات سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، وهي الدولة الاشتراكية، أما إذا كنا نتعقد أننا دولة ذات اقتصاد حر فعلينا أن نتماشى مع قوانين الاقتصاد الحر. إن علينا أن نخلق فرص العمل من خلال المشاريع والتأهيل.
في سبعينيات الفرن الماضي أوجدت الدولة مراكز للتدريب والتأهيل المهني، وهذه هي الطرق الصحيحة، وقد استفاد منها الكثير، لاسيما قبل تأسيس جامعة السلطان قابوس، حيث لم يكن بمقدور الجميع الذهاب للتعليم في الخارج.
إن الدولة ما زالت بحاجة للفني الماهر، فهو الذي بمقدوره أن يحل محل العمالة الوافدة، وليس خريج الجامعة أو حملة الشهادات العليا من الماجيستير والدكتوراه.
ما نلاحظه أن الحكومة بدأت تفرض قوانين التعمين الإجباري، وهذا بطبيعة لاحال واجب وطني، ولكن هل قامت الدولة بتأهيل هذا الموظف تأهيلا جيدا من جميع النواحي.
ـــ في سياق الحديث عن تنويع مصادر الدخل، هناك توجه للنهوض بالسياحة، من خلال تحويل ميناء السلطان قابوس إلى ميناء سياحي، في حين يتم تحويل النشاط التجاري إلى ميناء صحار. وأنت عملت وكيلا لوزاةر السياحة في مرحلة من المراحل .. كيف تنظر إلى هذه الجهود الآن؟
** سأكون صريحا جدا وأطرح السؤال التالي: هل يعتقد أصحاب القرار أننا بحاجة إلى ميناء سياحي؟. قد نتحدث عن ميناء عسكري أو غيره، أما الحديث عن ميناء سياحي فلا نعلم كيف تم إقناع متخذي القرار بتحويل ميناء تجاري قائم منذ أكثر من خمسين عاما إلى ميناء سياحي.
إن هذا التحويل مكلف ويشكل عبئا على الدولة، كما أنه لا توجد البنية الأساسية لخدمة هذا التحويل من الطرق والقطارات، ناهيك عن استهلاك شارع الباطنة الذي أصبح مزدحما بالشاحنات.
السياحة في نظري لا تحتاج إلى ميناء، وإنما تحتاج إلى توفير البنية التحية والخدمات اللازمة من الفنادق والمواقع السياحية والاتصالات وغيرها، من الأشياء التي تجعل السائح يبذل المال ويدفع منذ استخراج تأشيرة الدخول لعمان، حتى مغادرته.
من جهة أخرى إذا أردت أن تخلق حراكا سياحيا فعليك أن تتحمل تبعات هذه السياحة، سواء من الناحية الأخلاقية أو الأمنية. فلا توجد هناك سياحة منتقاة.
ـــــــ لك تجارب سابقة في الميدان الرياضي، لا سيما ترؤس الاتحاد العماني لكرة القدم. ما هي إشكاليات الرياضة لدينا، مما يجعلها فيتراجع وغير قادرة على التطور؟
** عندما كلفت برئاسة الاتحاد بعد تقاعدي من العمل الحكومي في عام 1997م، كنت لا أعرف الكثير في المجال الرياضي، ولكن بما أنها كانت مسؤولية فسوف أتحملها.
وقد وجدت أن هذا القطاع من القطاعات التي لم تعطَ الاهتمام المطلوب. فالرياضة ليس هي كرة القدم فقط، وهي تبدأ من المدرسة، وهي تمثل أهمية كبرى، ولها أبعاد وطنية وصحية واجتماعية وتربوية وأمنية. فأخطر ما يواجهه الشاب هو العيش في الفراغ. ولكن الرياضة أهملت وللأسف. وحتى بعد أن تشكلت الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية، لم توضع السياسيات والاستراتيجية لهذا القطاع، وكانت الأنشطة تعاني من شح الموازنات.
بعد ذلك تشكلت الوزارة وبقينا نراوح مكاننا، وما حصل من التطور هو مجرد جهود ذاتية. لقد أصبحت الرياضة لدينا هي كرة القدم وكرة القدم هي كأس الخليج.
إن الوضع السليم لتشغيل الأندية هو أن تكون الأندية غير تابعة للدولة. فقد أصبحت هذه الأندية عبئا على كاهل الدولة. وبالطبع يجب أن يكون هناك دعم من الحكومة للأندية، ولكن يجب أن يكون هذا الدعم مشروطا بالتزامات واضحة من قبل النادي، كتفعيل نظام العضويات وغيرها مما يساهم في إيجاد دخل للأندية. كما يجب تفعيل المحاسبة الحقيقية للأندية والاتحادات، لأن الدولة تدفع للنادي والاتحاد، بالتالي كان ينبغي أن تكون هناك رقابة وشروط تفرض عليها.
إن الأندية أصبحت الآن أشبه بمملكات صغيرة لأفراد، وتبرز جانبا سلبيا في المجتمع كالتكتلات المناطقية والفئوية. إن من أخطر إشكاليات الأندية هي ارتباطها بالولايات، ولذا فإن الولايات التي ليس بها نادٍ رياضي تطالب الآن بتوفير النادي.
وهناك إشكاليات أخرى تتعلق بالأندية وهو تقصيرها في القيام بدورها الاجتماعي حتى في إطار محيطها القروي والبيئي.
ـــ بعد هذه العواصف التي هبت ـــ وما زالت تهب ـــ على المنطقة العربية، وما تشهده المنطقة من انهيار كبير سواء على مستوى الدولة الوطنية، أو انهيار المنظومة العربية بشكل عام في ظل ما يسمى بـ (الربيع العربي) … كيف تقرأ الأحداث من منظورك الخاص؟
** منظومة الدول العربية لم يعد لديها مشروع بعد سبعينيات القرن الماضي، لقد فقدت مشروعها القومي. فلو نظرنا إلى الأنظمة التي جاءت في الخمسينيات والستينيات لوجدنا أنه كان لديها مشروع قومي ووطني وفكري ـــ سواء اتفقنا أم اختلفنا معه ـــ بأحزابه المختلفة، وذلك حتى أواخر السبعينيات. وكان من ضمن المشروع المواجهة مع إسرائيل. أما منذ بداية الثمانينيات فلم يعد هناك مشروع عربي، وهذا الذي أفقد العالم العربي البوصلة. وحتى المنظومات الجانبية التي قامت في العالم العربي، مثل مجلس التعاون الخليجي، لم يكن لها مشروع، وكان الهدف الأساسي لمجس التعاون يتمثل في مواجهة الثورة الإيرانية، ثم تحول فيما بعد لدعم العراق في حربها مع إيران، كجزء من الدفاع عن النفس، وبعد أن توقفت الحرب العراقية الإيرانية بعد ثمان سنوات من القتال، لم يكن هناك مشروع واضح من أجل وضع استراتيجية مستقبلية.
العراق خرج من الحرب الثمان سنوات منهكا اقتصاديا، فيما كان يؤمن على الصعيد العسكري أنه كان منتصرا، والمنتصر دائما يسعى للحصول على مكاسب النصر، ولكن الذي حدث أن النظام العراقي تعرض للحصار اقتصاديا، وقد وصلت للنظام العراقي بعض المؤشرات أن القوى الغربية لن تتدخل في شؤون العرب الداخلية، وحصل بعد ذلك ما حصل من احتلال العراق للكويت وما جرى بعد ذلك من التداعيات.
في الوقت ذاته بدأت قضية أفغانستان حيث رفعت الدول العربية راية الجهاد ضد الاتحاد السوفياتي، ووقع التقاطع في المصالح بين القوى الغربية وبعض الدول العربية في محاربة الشيوعية. وقد تم الزج بآلاف الشباب العرب (الجهاديين) في هذه الحرب، من قبل هذه الأنظمة نفسها التي أخذت يما بعد تحاربهم وتطلق عليهم مسمى (العرب الأفغان). فكان من الطبيعي جدا أن تحدث ردود الأفعال من الممارسات الإرهابية.
لقد خرج العرب من مشروع المواجهة مع إسرائيل إلى الصراع العربي أو الحروب العربية العربية، وأصبحنا نواجه النزعات الطائفية والمذهبية، التي أثرناها بأنفسنا، ولو عدنا إلى مرحلة الستينيات والسبعينيات لما وجدناها هذه الظاهرة، لأنه كانت هناك هوية وطنية وقومية للإنسان العربي. أما اليوم فقد تم تغييب هذه الهوية الوطنية، في ظل غياب المشروع القومي الكلي ـــ وحلت محلها الهوية الطائفية.
أضف إلى ذلك غياب العدالة الاجتماعية وسوء توزيع الثروات والفساد المالي والأخلاقي في المنطقة. كل تلك العوامل أدت إلى ردود الفعل ي الشارع وخروجه بهذا الشكل في ما يسمى الربيع العربي، وهو مصطلح غربي ليس للعرب دور فيه. فحين قام الاتحاد السوفيتي بغزو تشيكوزلوفاكيا وبراغ ونشأت حركة ضد الشيوعية أطلق عليها كلمة (spring) أي الربيع باللغة الانجليزية.
ـــ تتميز السلطنة بمواقفها ورؤاها الخاصة تجاه الأحداث سواء في المنطقة أو على الصعيد العالمي. كيف ترون تعامل السلطنة ما سبق ذكره من الحرب العراقية الإيرانية أو القضية الأفغانية وغيرها؟
** عمان لم تتورط في الحرب العراقية الإيرانية، ولم تعادِ إيران. وقد أُخِذَ عليها هذا الموقف من قبل بعض دول المجلس وبعض الدول العربية. إلا أن عمان تنطلق من ثوابتها التاريخية والحضارية والأخلاقية التي لا يمكن أن تفرط فيها بأي حال من الأحوال. وبالتالي سعت السلطنة إلى النأي بالمنطقة بعيدا عن الكثير من المواجهات.
وهنا يجب أن نورد حقيقة مهمة تتعلق بإبراز الدور الموقف العماني من أحدث أفغانستان، فعمان هي الدولة العربية الوحيدة التي رفضت ـــ بل حتى منعت ــ ذهاب أبنائها للقتال في أفغانستان، وهناك مجموعة من الشباب تم تجنيدهم في الولايات المتحدة وأوربا وبعض الدول العربية، ولكن السلطنة تمكنت من إعادتهم واستيعابهم قبل الذهاب إلى أفغانستان، فعادوا للعيش بين ذويهم معززين مكرمين.
ـــ في الشأن الخليجي نلاحظ ـــ ونحن أبناء البيت الخليجي الواحد ــــ عندما تحدث أبسط الاختلافات في المواقف بين دول خليجية وأخرى، نلاحظ هذا التجييش الإعلامي، الذي يصل إلى كبار المسؤولين والكتاب والإعلاميين الذين يكيلون التهم للأخ الشقيق، في حين نود أن نسمع صوت الحكمة والتهدئة … كيف تقيم مثل هذه الأمور؟
** الاختلافات في الرؤى السياسية كانت موجودة بين دول المجلس، وخصوصا مع عمان ورؤيتها للمنطقة، ولكن هذه الاختلافات لم تكن ظاهرة على السطح، لأنها كانت تتم في الاجتماعات المغلقة، إلا أن عتبي هنا على المثقف الذي انجر في المواقف السياسية، ونسى أنه كمثقف يجب أن تكون له رؤية أعمق وأكثر شمولا بدلا من الانسياق في المواقف السياسية.
ولذلك فعندما أقول أن البوصلة فقدت مسارها، فإن ذلك لا يقتصر على الأنظمة السياسية، وإنما على المستوى الثقافي والإعلامي. وهناك مثقفون للأسف أساؤوا لعمان وللإنسان العماني، قبل أن يسيئوا للمواقف السياسية، ولكن تبقى الحكمة العمانية هي الأصح والأكثر ثباتا على المدى الطويل.
نشر هذا الحوار في العدد (2) من مجلة التكوين…