العام
حقوق المرأة ذات الإعاقة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية (1 ـ 2)
محمد عبده الزغير
خبير بوزارة التنمية الاجتماعية
مقدمة
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تشكل نسبة النساء ذوات اعاقة 10 % من عدد نساء العالم. فهنالك حوالي 300 مليون امرأة وفتاة حول العالم تعاني من إعاقة عقلية و/أو حركية. كما تشكل النساء ثلاثة أرباع الأشخاص المعوقين في البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط. وان ما بين 56 % و70 % من هؤلاء النسوة يعشن في المناطق الريفية البعيدة.
وبشكل عام، فإن المرأة المعاقة تعتبر أقل حظًا في الحصول على الخدمات الملائمة بالمقارنة مع الرجل المعاق. ويتبين واقع المرأة المعاقة التعليمي والاقتصادي في العالم من خلال ما أشار إليه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) إلى أن معدل النساء ذوات الإعاقة المتعلمات قد انخفض إلى حد 1 % فقط. أما فيما يخص العمل، فتقدّر الأمم المتحدة بأن 25 % فقط من النساء ذوات الإعاقة في العالم يعتبرن في عداد القوى العاملة(1).
وتبينالمؤشرات التفصيلية لواقع الاشخاص ذوي الاعاقة في الدول العربية، وبشكل رئيس المرأة ذات الاعاقة، وجود العديد من المشكلات والصعوبات التي تحد من تنميتهن. ومن هنا يأتي أهمية هذا الموضوع لبحث إحدى المشكلات التي تواجه المرأة، في عملية التنمية.
1) حقوق المرأة المعاقة في الاتفاقيات الدولية
أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948، على الاعتراف بالكرامة المتأصلة لجميع أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة في الحرية والعدل والسلام، ونادى الإعلان بالالتزام بحقوق الإنسان والحريات الأساسية والعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان وقيمته.
وأكدت المواد الأولية من الاعلان ( 1، 2، 3، 7 ) على الحقوق المتساوية للجميع ، وحق التمتع بكافة الحقوق والحريات دون أي تمييز، وكذلك الحق في الحـياة والحرية للإنسان، وسلامة شخصه، ومساواتهم أمام القانون دون أي تفرقة، وأشارت المادة (16) الى الحق المتساوي للرجل والمرأة في الزواج وتأسيس أسرة تتمتع بحماية المجتمع والدولة، كما تضمنت المادة (25) حق الانسان في مستوى معيشي ملائم له ولأسرته، والحق في التأمين من ظروف البطالة أو المرض أو العجز … أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن ارادته والتي تفقده أسباب عيشه.
وأشارت بقية المواد ال (30 مادة) إلى النواحي المتعددة المرتبطة بحقوق الإنسان في المجالات التشريعية، والصحية، والتعليمية، والاجتماعية، والترفيهية.. وغيرها، معززة بذلك حق العيش الكريم والمساواة. كما أكدت أيضاً أن للأمومة والطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين.
ومع إقرار العهدين الدوليين، للحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)، وإقرار عددا من الاتفاقيات النوعية الخاصة بحقوق الفئات الاجتماعية كالمرأة والطفل والاشخاص ذوي الاعاقة.. وغيرها، تعزز النهج الحقوقي في التعامل مع حقوق المرأة المعاقة.
لقد شكلت حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة على مدى فترة طويلة من الزمن، موضع اهتمام متعاظم في الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية والإقليمية. وأسفر هذا الاهتمام عن جهود كثيرة كان أهمها إقرار إعلان منظمـة الأمم المتحدة لحق الطفل المعوق (1969)، والإعلان الخاص بالمتخلفين عقلياً (1971)، والإعلان العالمي بشأن حقوق المعاقين في العام 1975، وإعلان السنة الدولية للمعاقين في العام 1981، وكذلك إصدار برنامج العمل العالمي الذي اعتمدته الجمعية العامة في ديسمبر 1982.
وقد أتى كل من برنامج العمل العالمي والسنة الدولية للمعاقين بزخم قوي للتقدم في دعم وإعمال حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة. كما أقترح اجتماع الخبراء العالمي في ستوكهولم (1987) وضع فلسفة توجيهية لإبراز أولويات العمل، واعتبار الاعتراف بحقوق المعاق أساس تلك الفلسفة. وفي ديسمبر 1993 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعاقين. وتلتها لاحقاً العديد من الاعلانات حتى اقرار اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة في عام 2006. وقد تضمنت تلك الوثائق والجهود الدوليةلاحقوق المرأة المعاقة بشكل عام دون الاشارة اليها مباشرة.
وتجدر الاشارة الى أن المؤتمر الرابع للمرأة الذي عقد في بكين (1995) ناقش حقوق النساء المعاقات، ويعد نقطة تحول نحو الاهتمام بقضايا المرأة المعاقة، وفي ضوء نتائجه تم تأسيس منتدى القيادة الدولي للنساء المعاقات في واشنطن في سنة (1997).
وفيما يخص موضوع المرأة المعاقة،يتم التركيز في هذه القراءة على اتفاقيتي،القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة وبروتوكولها الاختياري، وحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وبروتوكولها الاختياري، باعتبارهما من أهم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الاساسية التي تحرص اللجان الدولية المتخصصة بحقوق المرأة والاشخاص ذوي الاعاقة، على متابعتهما مع الدول الاعضاء من خلال التقارير الدورية كل اربع سنوات.