العام
الإسعافات الأولية .. تعريفها، أهميتها، ضرورة تعلمها وممارستها
تُمثل صحة الإنســان أولى الضروريات المهمة لكونها تُــعد مــن أهم الأســــس والمقومــات الداعمة لســلامة المجتمعات ومتانتها، فالإنسان هو أغــنى ثــروة على وجــه الأرض ولابد من الاهتــمام بصــــحته ورعــايتها، وهنــاك أمــور مرتبطـة بصحــة الإنــسان وعلى رأسها الثقافة الصحية.
ولا شك أن الثقافة الصحية ضرورة، كما أن الدواء ضرورة، حيث تشكل الثقافة خط الوقاية الأول لسلامة المجتمع، وإذا تشكلت ثقافة صحية عالية فسوف تكون نتائج مواجــهة العديد من الأمراض والحوادث الطارئة إيجابية جدًا ومختلفة تمامًا عــن النــتائج ذاتها في المجتمعات التي تفتقر للثقافة الصحية .
الدكتور محمود بن ناصر الرحبي
استشاري أول طب الطوارئ
تُمثل الإسعافات الأولية أهم عناصر الثقافة الصحية، فهي تُعرف على أنها عناية فورية تُقدم لشخص مصاب في حادث أو تعرض لمرض مفاجئ وتشمل مساعدة الشخص نفسه أو القيام بمساعدة أحد أفراد أسرته أو المجتمع. وهذه العناية تُقدم عندما تكون المساندة الطبية غير متوفرة أو بعيدة المنال، وفي أحيانٍ كثيرة تنجح الإسعافات الأولية السليمة في التقليل من المضاعفات المحتملة، والتداعيات التي يمكن أن تحدث قبل التدخل الطبي، إضافةً إلى كونها وسيلة سريعة لتخفيف الآلام والأعراض، كما أن الإلمام بمهارة الإسعافات الأولية تُعتبر ثقافة صحية وطبية ضرورية للغاية فهي تعتمد بالدرجة الأولى على المهارات البشرية، ومن ثم الأدوات الإسعافية.
فالإسعافات الأوَّلية عناية طبية فورية ومؤقتة؛ تقدم بغرض محاولة الوصول إلى أفضل وضع صحي ممكن بأدوات أو مهارات علاجية بسيطة إلى وقت وصول المساعدة الطبية الكاملة. وهي في العادة عبارة عن مجموعة خطوات طبية بسيطة ولكنها في العادة تؤدي إلى إنقاذ حياة المصاب، الشخص الذي يقوم بعملية الإسعاف الأولي (المُسعِف) ليس بحاجة إلى مهارات أو تقنيات طبية عالية، حيث يكفيه التدرب على مهارات القيام بالإسعاف من خلال استعمال الحد الأدنى من المعدات.
وقد كان أول ظهور لمفهوم الإسعاف الأولي في أوروبا في القرن الحادي عشر للميلاد ضمن فرسان القديس يوحنا الذين كانوا ضمن جيوش الحملات الصليبية، حيث تم تدريب فرق من الفرسان على مساعدة المصابين وإسعافهم خلال المعركة فلقد كان للحروب والصراعات المسلحة الدور الأكبر في تطوير مفهوم الإسعاف الأولي حيث دفعت الحرب الأهلية الأمريكية كلارا بارتون إلى تنظيم ما بات يعرف بالصليب الأحمر الأمريكي، إلا أن مفهوم العناية بالمرضى والجرحى خلال الحروب موجود لدى عدة حضارات شرقية قبل ذلك بقرون طويلة، وكان التمريض والإسعاف أحدى مهام النساء الرئيسية في فترات الحروب والمعارك التي خاضها المسلمون.
وتتلخص الأهداف الأساسية للإسعاف الأولي في ثلاث نقاط هي: المحافظة على الحياة، ووقف حدوث الأذى أو الضرر كإبعاد المريض عن مصدر الأذى أو مكان الحادث والضغط على الجروح لإيقاف النزف، وتعزيز الشفاء من خلال توفير العلاج الأولي للإصابة.
ومن أهم لوازم الإسعاف الأولي: الاحتفاظ بصيدلية صغيرة للإسعافات الأولية في المنزل أو في السيارة أو مكان العمل تضم بعض الأدوات الأساسية ومنها: ضمادات معقمة بأحجام مختلفة، أشرطة طبية مسامية،عصابات مثلثة الشكل لتثبيت الضمادات أو لتدلى من العنق لحمل الذراع، قطن طبي، مراهم طبية لعلاج مشاكل الجلد وحروق الشمس واللسعات، حبوب مسكنة (كالأسبرين أو باراسيتامول)، ملقط ومقص ودبابيس التثبيت، ميزان حراري (ترمومتر)، محلول مطهر، لاصقات جروح، كمادات يمكن تبريدها، دواء خافض للحرارة، مرهم جروح، مصباح وورقة وقلم لتدوين الملاحظات المهمة.
وقبل الشروع في عملية الإنقاذ على المسعف القيام بعدة خطوات تعد أساسية وهي: طلب المساعدة الطبية العاجلة وإخلاء المصابين من مكان الخطر، البدء بإسعاف الحالات الأشد خطرا مثل النزف أو توقف التنفس، الاستمرار في المعاينة والإسعاف حتى وصول الطبيب أو ايصال الحالة للمشفى، عدم نقل المصاب من مكانة إذا كان هناك احتمال وجود كسور في العمود الفقري أو القفص الصدري إلا في حالة إبعاده عن الخطر وبحيث يوضع على حمالة مستقيمة.
ومن أهم الحالات الطارئة التي تستوجب القيام بالإسعافات الأولية قبل الذهاب بها للمستشفى :
توقف القلب والتنفس: وهو ما يستلزم إجراء إنعاش قلبي رئوي.
إسعاف الجروح.
إن الغرض الأساسي في اسعافات الجروح هو ايقاف النزيف وحماية الجرح من التلوث ويتم ذلك بالضغط المباشر على الجرح بقطعة قماش نظيفة ومعقمة، ويجب عدم ربط أي حبال على العضو المجروح بهدف إيقاف النزيف لأنه يسبب قطعاً كاملاً للدورة الدموية مما يسبب مضاعفات أكبر، كما يجب الحرص على تعقيم الجرح وتحديدا إذا ما كان مسبب الجرح ملوثًا أم نظيفًا، والحرص على أخذ حقنة مضاد الكزاز في حال كان الجرح أو المسبب له ملوثًا.
إسعاف الغريق
بعد إخراج الغريق من الماء يتم تنظيف فم الغريق وأنفة بسرعة من العوالق، ثم يمد على ظهره بحيث تكون رأسه أسفل مستوى جسمه مع تقليبه من جنب إلى آخر والضغط الخفيف على البطن، وفي حال توقف التنفس تجرى عملية التنفس الصناعي فورا.
ضربة الشمس
وهي حالة خطيـرة تحـدث في الأجواء الحارة المشبعة بالرطـوبة عنـدما تكـون الريح ساكنـة بسبب عدم قـدرة الجسم على فقـدان الحرارة وتعطل ميكانيكية تبخر العرق لخفض حرارة الجسم. ومن أعراض تعرض الجسم لضربة الشمس: عـدم الشعـور بالـراحة، الشعور بالدوار، احمرار وجفاف الجلد، توهج البشـرة، سـرعة فقـدان الوعي، نبض سـريع وقـوي، ارتفاع درجة حرارة الجسم.
ومن أهم طرق الإسعاف: تمـديد المصاب في مكان بارد وخلع ملابسـه، ترطـيب جسـد المصاب بماء فاتـر أو بـارد قليلا، تهـوية جسده بـواسطة اليـد أو مروحـة كهـربائيـة واسـتدعاء المسـاعدة الطبيـة بسـرعة.
لسعة العقارب والأفاعي
وتختلف خطورتها حسب نوع العقارب والأفاعي لكنها بشكل عام حالة طارئة خطيرة يجب التعامل معها على الفور حيث تشكل بعض أنواع اللسعات خطرًا مميتًا حيث يمكن للسم شل عضلات المريض ولربما يصل السم إلى شل عضلة الحجاب الحاجز مما يؤدي إلى توقف التنفس.
ويتم إسعاف الحالة عبر وقف انتشار السم في الجسم ومحاولة إخراج السم من الجسم، كما تتمثل فغي إعطاء الترياق الخاص بالسم، وربط العضو المصاب على بعد 10سم من اللدغة وتقليل حركة وخوف وانفعال المصاب إلى ادنى حد ممكن.
الحروق
يتم إسعاف الحروق بعد إخلاء الضحية وإطفاء النار عن جسمه وتهدئته ونزع الملابس أو قصها برفق من حول مكان الحرق مع مراعاة عدم دهن الإصابة بأية مواد أو تغطية الحرق. وفي حال كون الحرق كيماويا فيجب غسله فورا بالماء ولمدة نصف ساعة. كما يمكن أن تفتح الفقاقيع في حروق الدرجة الأولى بشفرة معقمة ثم يجري تضميدها لمنع التلوث. كما يمكن تركها دون تدخل مع المحافظة على نظافة الحرق. أما في حال كان الحرق عميقاً بحيث يشمل كل طبقات الجلد (حروق الدرجة الثالثة) فيجب فحص النبض في الأعضاء المصابة حيث إن الحروق تقوم بالانكماش ضاغطة على الأوعية الدموية التي تقع تحتها مما قد يعطل الدورة الدموية في المكان المصاب. وفي حالات حروق الدرجة الثانية والثالثة يجب استدعاء الإسعاف أو نقل المريض إلى المستشفى على الفور.
التسمم عن طريق الفم
وهو مجموعة اضطرابات في وظائف الجسم ناجمة عن امتصاص مادة غريبة (السم)، والسم هو مادة تدخـل الجسـم بكميات كافيـة لإحداث ضـرر مؤقت أو دائـم، ويتوجب اتباع الخطوات التالية عند التعامل مع حالات التسمم:
1- سـؤال المصاب قبل أن يفقد وعيه عما حدث.
2.الاتصال بالإسعاف بسـرعة وإخبارهم عن حالة المصاب.
3.إذا كانت المادة السامة كيماوية فيجب عدم جعل المصاب يتقيأ كما يجب عدم محاولة تبريدها بسقي المصاب ماء أو حليب ليشربه.
4.إذا فقـد المصاب وعيه وظـل تنفسـه طبيعيا، يجب وضعه في وضعية الاستشفاء.
5.إذا توقف التنفس ونبض القلب فيجب البدء فورا بعملية إنعاش قلبي رئوي.
6.يجب أخـذ الاحتياط لكيلا ينتقـل السـم إلى المسعف.
7.يتوجب نقل المصاب إلى المستشفى بسـرعة مع مراعاة إرسال عينات من القيء وأي علب تكون قريبة منه ليتم فحصهـا في المستشفى.
حوادث الصعق الكهربائي
حوادث الصعق الكهربائي هي من الحوادث التي تقع في المنازل وأماكن العمل وتتراوح بين صدمة كهربائية بسيطة وصعق كهربائي خطير وقاتل، وينتج الضرر في حالات التعرض إلى صدمة كهربائية من الحروق والكسور مما يسبب ارتفاع حرارة العظام وبالتالي تكون الحروق من الداخل إلى الخارج. كما تتسبب الصدمات الكهربائية في حدوث سكتة قلبية.
ومن خطوات إسعاف ضحية الصدمة الكهربائية:
1.قطع التيـار الكهربائي أولاً.
2.إبعاد المصاب عن مصدر التيار
3.فحص المصاب والتأكد من مدى الضرر
4.إذا كان المريض واعيًا يفضل ذهابه إلى الطوارئ للتأكد من عدم وقوع أية كسور أو حروق داخلية.
5.إذا كان المريض فاقدا للوعي يتوجب طلب الإسعاف بسرعة أو نقل المريض إلى أقرب مستشفى.
6.قد يتسبب الصعق الكهربائي في حدوث حروق أو قصور في عمل القلب. في حالة القصور يتم الإسعاف عن طريق إنعاش قلبي رئوي.
الكسـور
الكسور هي من الطوارئ المتكررة الحدوث في المنزل وأماكن العمل نتيجة الانزلاق أو السقوط من ارتفاعات عالية، كما أنها من أكثر الإصابات حدوثا في حوادث السير والرياضة وغير ذلك ومنها الكسور البسيطة والكسور المركبة، والكسور المغلقة والكسور المفتوحة.
وعند إسعاف الكسور يجب مراعاة الخطوات التالية:
محاولة تركيــز الشخص المصاب بكسور بشكل مريح إذا كان الكسر واضحًا وفي منطقة سهلة كالأقدام واليدين، لتسهيل نقله إلى المستشفى، مع تثبيت الطرف المكسور قدر الإمكان. وفي حالة عدم التأكد من مكان الكسر كمــا في الحوض والقفص الصدري أو العمود الفقري فيجب عدم تحريك المصاب، ويجب طلب الاسعــاف فورًا ومحاولة تهدئة المصاب والحد من حركته. أما في حالة اصابة الرقبة أو الجمجمة فيجب عدم فعل أي شيء سوى طلب الإسعاف، بالرغم من أن الغالبية العظمى من كسور الرقبة أو الجمجمة يفقد المريض الوعي إلا أنه قد يبقى واعيًا بعدها، ولذا يجب إخباره بضرورة عدم التحرك.