العام
السفير الإماراتي في السلطنة: «عُمان والإمارات شجرة ذات فرعين»
يعمل على توطيد العلاقات بين الشعبين الشقيقين، فيسعى إلى تقريب وجهات النظر “ما استطاع إلى ذلك سبيلًا”. ويرى بأن الأمور التي “تحتمل” أفكارًا مختلفة “لها رجالاتها” في البلدين ليحلوها بعيدًا عن “خزعبلات” وسائل التواصل الاجتماعي، ويجزم بأن هناك “مُندسّين” يُريدون “شقّ الصف” بين أبناء عمومة ظهروا على الدنيا وهم يرون عروقهما ممتدة معًا في التاريخ، فلا يُمكن قطعها. في كل لقاءٍ يجمعني به يؤكد أنّ “الشجرة ذات الفرعين” لا يُمكن أن تهتز، ويعتقد جازمًا بأن “المُشتركات” بينهما في التاريخ والجغرافيا والدم كفيلة بهدم الهوّة، وتقوية الوشائج، وردع كل مُفتّن. حديثنا هنا عن سعادة محمد بن سلطان السويدي سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في السلطنة الذي قال “أهلا وسهلا ومرحبا” فور طلبي منه حوارًا يحمل الطابع الشخصي لنقترب من إنسانيته، لكنه لم يغفل “صفيحًا ساخنًا” نُريد جميعًا نثر حبات البرد عليه ليعود كما كان. فإلى الحوار.
- خاص التكوين
في عام 2015م، قدّمت أوراق اعتمادك لجلالة السلطان، صف لنا هذا المشهد.
كنت محظوظًا جدًا؛ فقد كان اعتمادي ضمن مجموعة من السفراء، وبالطبع كل سفير تم تحديد خمس دقائق فقط له للحديث مع جلالة السلطان ـ حفظه الله ـ لكن دوري جاء في النهاية، وهو ما أتاح لي وقتًا أكبر مع جلالته، الذي استرسل في الحديث عن العلاقات العمانية الإماراتية، وروى جلالته أثناء لقائي به مقولة قالها له الشيخ زايد رحمه الله وهي أن «عمان والإمارات شجرة ذات فرعين».
إذًا ماذا تقول في ما يُتداول عن وجود خلافات بين البلدين؟
أؤكد لكم أن العلاقات بين قيادتي البلدين على أحسن ما يُرام، والتنسيقات بينهما على أعلى المستويات، ولا توجد أي اختلافات أبدًا، صحيحٌ أن هناك أفكارًا تُناقش بين الفترة والأخرى إلا أنها أعمال روتينية طبيعية بين بلدين جارين يوجد بينهما امتداد تاريخي واجتماعي عميق، فضلا عما يجمعهما من مصالح على كافة الأصعدة.
وماذا عن ما يُثار في وسائل التواصل الاجتماعي حول علاقة البلدين؟
للأسف وسائل التواصل الاجتماعي اليوم أصبحت وسيلة للتفرقة لا التوافق، وصارت موطنًا للشائعات، والأكاذيب، وملجئًا للمندسّين الذين لا يُمثلون الشعبين العُماني والإماراتي، وإن كان هناك قضايا فيها نقاش بين الدولتين فإن ذلك يكون عبر المستويات الرسمية وليس عبر هذه الوسائل التي تبث الغث والسمين، وهنا دعوة للإعلاميين من البلدين أن يكونوا وسيلة لتقارب الأفكار، وتعزيز وشائج المودة والمحبة بين الشعبين الشقيقين.
هل من صعوبات واجهتها أثناء عملك الدبلوماسي هذا؟
بالطبع، عمل السفير صعب وشاق؛ فأنت تكون عنوانًا لبلدك في البلدان التي تُعيّن فيها، وقد تتعرض لمواقف وأوقات صعبة، خصوصًا إذا كانت تلك البلدان تُعاني من اختلال أمني أو اضطرابات، ففي بعض الدول كنت لا أستطيع الخروج من السفارة إلى المنزل أو إلى أي جهة أريد إلا بحراسة، أما هنا في السلطنة فأنا أتنقل وكأنني في بلدي ولله الحمد.
هل من مواقف حدثت لكم سعادتك في هذا الجانب؟
نعم في السودان اقتحم شاب السفارة، وقام بإطلاق التهديدات، وعندما بحثنا أمره وجدنا أن عليه ديونًا في الإمارات، وأراد أن تُسقَط عنه بهذه الطريقة. كما أنني عندما كنت سفيرًا في لبنان، أحيطت تحركاتي خارج السفارة بحماية أمنية، نظرًا للتوترات التي اتسمت بها تلك الفترة.
في رأيك، ما المطلوب من السفير ليكون ناجحًا؟
أرى أن عليه أن يتحلى باللباقة وحسن المعاملة، ويسعى إلى تقوية علاقات بلاده مع الدولة التي يكون سفيرًا فيها، كما يُحسن كل أقواله وأفعاله، فهو عنوان لدولته في الأرض التي تستضيفه، وأن يؤدي واجبه بكل أمانة وصدق ويسعى بكل جهده إلى تعزيز العلاقات بين البلدين ويذلل كل العقبات التي تعترض ذلك.
نترك الجانب الرسمي ونغوص قليلا في حياتك الإنسانية، فماذا تقول عنها؟
وُلدت في إمارة الشارقة في 25 ديسمبر عام 1954م، الحياة في تلك الفترة كانت بسيطة للغاية، وتنوعت معيشة الناس بين حياة البادية في الصحراء ويعتمد اقتصادهم على الرعي وتربية الإبل، وأهل الحضر، وهم من يعيشون في مدن الساحل ويعتمدون على البحر مصدرًا للرزق.
كيف كانت الحياة في تلك الفترة؟
بالرغم من صعوبة المعيشة إلا أنها اتسمت بالعفوية والبساطة والتكاتف وروح الألفة بين الناس، والتعاون فيما بينهم، ولا فرق بين القريب والجار، فالكل يتشاركون في أعباء الحياة، سواء كان في تربية الأولاد أو المعيشة.
هل من مشهد في ذاكرتك لهذه الصعوية؟
هنا أذكر أول مرة سافرت فيها إلى لبنان انبهرت من مناظرها؛ فلم تتعود عيناي على رؤية مثل هذه المشاهد، من حيث الخضرة والمباني والسهول وغيرها من مظاهر التمدّن.
ماذا عن المراحل التعليمية التي مررت بها؟
درست في مدرسة القاسمية بإمارة الشارقة حتى المرحلة الثانوية، وتكفلت دولة الكويت مشكورة بفتح عدد من المدارس في الدولة، في عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح رحمه الله ومن بعده الشيخ صباح السالم طيب الله ثراه.
ومن بعدها ابتعثت من قبل بلادي إلى مصر لاستكمال تعليمي في جامعة القاهرة، حيث تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1979م، وكانت أول دفعة على نفقة دولة الإمارات.
لماذا هذا التخصص بالذات؟
أثناء دراستي للثانوية في القسم الأدبي تقرر علينا دراسة اللغة الفرنسية ولتشجعينا كان معلم اللغة الفرنسية يحمسنا بالقول: سيكون منكم سفراء، واللغات مهمة جدا في حياة الدبلوماسي، فالسفير عليه أن يكون ملمًا ومطلعًا على اللغات، فأدخل ذلك في نفسي أمرين؛ تعلّم اللغات من جهة، والرغبة في الالتحاق بالعمل الدبلوماسي من جهة أخرى.
وهل حققت ذلك؟
بالإضافة للغة العربية «لغتي الأم»، فأنا أجيد الإنجليزية والإيطالية، والهندية، وقليلا من الفرنسية، كما أن تخصص اقتصاد وعلوم سياسية أسهم في وصولي إلى منصب سفير الذي أنا عليه اليوم ولله الحمد.
بعد تخرجك من مصر، ما هي التدرجات الوظيفية حتى وصولك لسفير في السلطنة؟
عينت في وزارة الخارجية بدولة الإمارات عام 1980 والتحقت بسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بإيطاليا بوظيفة «سكرتير ثالث» عام 1981م، وتدرجت حتى تم تعييني سفيرًا لبلادي في السودان عام 1988م وغير مقيم في أوغندا وتنزانيا، ثم سفيرًا في أندونيسا وكنت أغطي كذلك سنغافورة وبروناي دار السلام، ثم انتقلت إلى لبنان، وبعدها عدت إلى الديوان بأبوظبي، ثم سفيرًا في البحرين، وأخيرًا سفيرًا في سلطنة عمان منذ عام 2015م.
لنبتعد عن العمل قليلًا، ونسألك عن هواياتك.
أحب القراءة خصوصًا في المواضيع التاريخية، كما أحب الرياضة وتحديدًا كرة القدم؛ حيث كنت لاعبًا في النادي الأهلي في الشارقة قبل الدمج، أما الآن فإني أمارس الرياضة يوميا، حيث أذهب لصالة الرياضة.
ماذا عن أبنائك؟ وهل تشجّعهم على العمل الدبلوماسي؟
رزقني الله بخمسة أبناء هم ثلاث بنات وولدان، وأحد أولادي يعمل في وزارة الخارجية الإماراتية وأتمنى له التوفيق.
بعد هذه الرحلة الطويلة التي تتجاوز 30 عامًا في العمل الدبلوماسي، هل يطمح سعادة محمد السويدي إلى منصب أعلى أو إلى التقاعد؟
أنا أتشرف بخدمة بلدي في أي مكان، والتقاعد سنة الحياة ولابد أن يأتي هذا اليوم ونسلّم القيادة إلى شباب المستقبل، بعد أن أدينا دورنا على أكمل وجه ولله الحمد.