العام
خالد العامري: الجمعيات تعاني من التفرقة في مستوى الدعم الحكومي
المسرحي المعروف خالد العامري وثيق الصلة بالحراك المجتمعي في السلطنة من خلال المعايشة والتفاعل المستمر، إلى جانب ترؤسه مجلس إدارة المسرحيين العمانية. يتحدث خالد العامري عن دراية واسعة بمسار العمل المدني وتحدياته، موضحا أبرز ما يمكن تقديمه من حلول لتجاوز هذه المعوقات، من أجل أن تقوم هذه المؤسسات بأدوارها الاجتماعية وتسهم في خدمة المجتمع وفق إمكانياتها لتحقيق تطلعات منتسبيها.
استكمال المسيرة
يتحدث خالد العامري عن حراك المجتمع المدني في عُمان وتطوره من خلال معايشته، إذ يرى أنه حراك مجتمعي قوي متعطش لوضع بصمته في هذا البلد، حيث استنبط جلالة السلطان قابوس -حفظه الله- برؤيته الثاقبة للأمور أن هذا الشعب أصبح جاهزا ليشارك الحكومة في استكمال مسيرة البناء والتقدم، وأولى ثقة كبيرة للشعب من خلال توجيهاته بدعم إنشاء جمعيات المجتمع المدني وتسهيل أعمالها بالشراكة جنبا الى جنب مع الحكومة. وما نراه اليوم من عدد من الجمعيات التي تكافح وتناضل من أجل الاستمرارية دليل على وعي المجتمع بأهمية دور جمعيات المجتمع المدني في بناء المجتمع وتكامله.
وتطرق خالد العامري في حديثه إلى أهمية المجتمع المدني كضرورة حضارية مبينا أن إيجاد منظومة مجتمعية تدير ذاتها من خلال الأعضاء وتشرف عليها مؤسسة حكومية، يعد مطلبا عاما ويسيرا جدًا يمكن لأي دولة في العالم أن تنفذه لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، وهو حق الإنسان للتعبير من خلال وسيلة مرخّصة ولها شكلها الاعتباري في الدولة.
بين الإشهار والإغلاق
وانطلاقا من تجربته كرئيس سابق لجمعية المسرحيين العمانية يسرد خالد العامري أبرز تحديات المجتمع المدني، سواء من الجانب الرسمي أو من جانب المعنيين والمشتغلين به قائلا: التحديات من الممكن التغلب عليها عندما يتم حل سبب تواجدها، ولكن تعاني جمعيات المجتمع المدني من التفرقة في الدعم المالي من جهة الحكومة، وهذا هو ما يسبب فيما بعد جميع التحديات وتحول مسار الجمعية منذ إشهارها إلى الإغلاق في بعض الأحيان، في حين تحظى بعض الجمعيات بالدعم بمبالغ مالية ضخمة جدا وتوفير بنية أساسية لها. فهذه المحاباة غير المبرّرة وغير القائمة على أسس واضحة تخلق تباينا حاد جدا في عمل هذه الجمعيات ونجاحها. ومن جانب آخر ينعكس هذا العامل على المشتغلين، إذ أنهم كانوا يأملون أن تلبي الجمعية متطلباتهم وتعود عليهم بالفائدة من خلال البرامج التي تنفذها لهم وللمجتمع والشريحة التي تستهدفها، فتأتي الأحلام صعبة المنال في واقع لا يتعامل مع الجمعيات بالتساوي.
وحول ما يثار بأن البعض يستغل هذه الجمعيات والمؤسسات المدنية لأغراض وأهداف ومصالح خاصة، وتأثير ذلك على سير عملها يقول خالد العامري: بعيدا عن التأييد أو الرفض في كل العالم يوجد من يحترم الأنظمة ويوجد من يخالفها ولا يقيم لها اعتبارا، هكذا هو الحال في جميع المؤسسات سواء كانت مؤسسات حكومية أو مجتمعا مدنيا أو قطاعا خاصا، ولكن يبقى على المراقب أن يضع نظامًا يستطيع من خلاله محاسبة من يسيء استغلال الجمعية أو مواردها وحتى جهد منتسبيها لمصلحته الشخصية، وهذا أمر هيّن عندما توجد مساواة وشفافية ونظام متكامل، وتبقى المحكمة هي من تقرر بعد تقديم القرائن والبيانات الرسمية الصحيحة، هل حدث استغلال لهذه المؤسسة/ الجمعية أم لا.
أما عن تأثير ذلك على سير العمل فإن مثل هذه التصرفات تدعو المنتسبين إلى الانسحاب من الجمعية وظهور ما يسمى بالشللية والمحسوبية داخل الجمعية مما يؤدي إلى ضعفها وعدم جدواها.
ماضون رغم التحديات
وأشار خالد العامري في حديثه إلى دور جمعية المسرحيين في هذا الحراك، مبينا أبرز إنجازاتها وتحدياتها وإخفاقاتها، مؤكدا أن جمعية المسرحيين كباقي جمعيات المجتمع المدني توهجت في بداية تأسيسها من خلال البرامج والفعاليات والعروض المسرحية، ولكن بعد توقّف الدعم المالي عنها أصبحت عاجزة عن أن تحافظ على هذا التوهج الذي بدأت به، ومع استمرار المسرحيين في الكفاح والمثابرة من أجل إنجاح هذا الكيان المسرحي أو كما نسميه البيت المسرحي العُماني، فإنهم ماضون في تحقيق النجاحات وكسب ثقة الجمهور من خلال تقديم العروض المسرحية وتنظيم المهرجانات المختلفة، إذ تسعى الجمعية جاهدة وبشكل حثيث إلى أن يكون لها استقلال مالي وإداري من أجل أن تستطيع أن تفي بوعودها لجميع منتسبيها وتحقيق أحلامهم رغم التحديات التي واجهتها الجمعية وهنا أقولها أسفا من الحكومة، وعرقلة حقوقها الممنوحة بتوجيه من مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد – حفظه الله- وأمدّ في عمره وصحته. وهنا تظهر حاجة المجتمع لمثل هذه الجمعيات أم فقط من أجل الترف، ونقول إن جمعيات المجتمع المدني التي تم إيقاف الدعم عنها صامدة ولن تتخلى عن أداء رسالتها ويكفينا في الجمعية العُمانية للمسرح أن يكون الجمهور المسرحي في تصاعد عاما بعد عام، وهذا ما أثبته المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بالأرقام.
وفي ختام حديثه يرصد خالد العامري مستقبل مؤسسات المجتمع المدني في عُمان موضحا أنه مستقبل واعد جدا جدا مع شباب يحملون همّ البلد وبفكر متجدد، ولكن في حال عدم تغيير الأنظمة الحالية المنظمة للجمعيات فسيكون الوضع أصعب مما هو عليه الآن.