كلمتين راس
الحرية.. التي لم تبلغ معناها “الرقابة”
في الوقت الذي يشدد فيه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم على مفهوم الحرية في خطابه الشامل المحدد لمسارات الحاضر والمستقبل نسمع عن مصادرة المزيد من الكتب وسحبها من معرض الكتاب الذي كان يعده الناشرون والقراء نموذجا في المنطقة لما يتمتع به من سقف حرية لأن الأقدام راسخة والأرض طيبة.. والمجتمع قادر أن يفرز السمين عن الغث.
كانت كلمات جلالته واضحة حينما شدد على أسس دولة المؤسسات والقانون “دولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، قوامها العدل وكرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصانة بما في ذلك حرية التعبير التي كفلها النظام الأساسي للدولة”، كما هي كلمات جلالة السلطان قابوس طيب الله ثراه بعدم مصادرة الفكر.. لكنه إنما هناك من يفصّل الفكر على مقاساته، والحرية التي تتوافق مع مصالحه..
خلال العامين الاخيرين بدأت ما يمكن تسميتها بمقاصل “المنع” لعناوين كثيرة، مع التركيز على الإصدارات العمانية أكثر، كأنما هي رسالة للمسّ بصورة المثقف والكاتب في البلاد، حتى شهدنا في الدورة الأخيرة من عمر المعرض من يبحث عن المزيد من العناوين ليصادرها. والغرابة أن يحدث ذلك في مصادرة ومنع عرض:
- كتب صدرت قبل سنوات وتم تداولها حيث كان مسموحا بها.. كأنما اكتشف المعنيون أنها تضمنت فجأة خطرا جسيما لم يكن موجودا في السابق.
- وكتب منعت ولكنها وصلت برا وجوا بأضعاف النسخ مما لو كان سمح بها.. حيث أن أهداف المنع تحققت بشكل معكوس.
- وأخرى نالت الموافقة للتوزيع.. ثم غيّر (الرقباء) رأيهم في صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
والأدهى: أن هناك كتب نالت الموافقة بالطباعة والنشر والتوزيع مع رقم ايداع محلي.. ثم منعت.
من الذي يسمح؟ ومن الذي يمنع؟ ولماذا السماح ولماذا المنع؟ ومن يقرر؟!!!
اتركوا الحرية للأفراد ليقرروا ما يناسبهم، وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء.. أليست دولة مؤسسات وقانون؟!
ربما بعض الصدمة، لكن المجتمع سيعتاد، وسيتعلم أكثر، التمييز بين ما يصلح له فيمكث في الأرض، وبين الزبد الذي سيذهب جفاء لا محالة!.