لا تزال “كاتدرائية نوتردام” في قلب العاصمة الفرنسية باريس تنتظر الترميم، رغم مرور عام على حريق ألحق بها أضرارًا بالغة. ففي 15 أبريل 2019، اندلع حريق في مبنى الكاتدرائية ذات الشهرة العالمية، ويرجع بناؤها إلى العام 1163؛ وتعتبر من أفضل الأمثلة على فن العمارة القوطية الفرنسية. وتمثل الكاتدرائية رمزًا من رموز فرنسا، ولم تتضرر رغم الحروب وغيرها من المتغيرات طيلة 857 عامًا.
وعلى مدار قرون، استضافت الكاتدرائية مراسم تتويج ملوك فرنسا، وازدهرت شعبيتها عالميًا بعد وقت قصير من نشر رواية فيكتور هوجو، “أحدب نوتردام”، عام 1831.
وتسبب الحريق في انهيار أحد أبراج الكاتدرائية، ويبلغ ارتفاعه 93 مترًا، إضافة إلى انهيار سقفها تمامًا، بجانب أضرار أخرى، أحزنت القارة الأوروبية وبقية العالم بقدر ما أحزنت فرنسا، باعتبارها جزءًا من التراث الإنساني. وعقب الحريق، أدلى بعض الزعماء بتصريحات شاركوا من خلالها الفرنسيين حزنهم على ما لحق بالكاتدرائية من أضرار.
** تفشي “كورونا”. ورغم مرور عام على الحريق، لم تبدأ بعد أعمال ترميم الكاتدرائية؛ بسبب تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19).
وكان من المقرر أن تبدأ أعمال الترميم بتفكيك سقالات كانت موجودة حول الكاتدرائية قبل الحريق من أجل أعمال ترميم دورية. وصرح جان لوي جورجلين، وهو جنرال فرنسي يشرف على ترميم الكاتدرائية، في 5 يناير الماضي، بأنه يتعين إزالة السقالات بحلول منتصف العام الجاري، على أن يبدأ الترميم في العام المقبل.
ورغم إبداء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رغبته باكتمال أعمال الترميم خلال 5 سنوات، إلا أن خبراء يرون أنه من الصعب إنجاز الأمر في هذه المدة. وقال مدير مجموعة شركات ترميم الآثار التاريخية، فريدريك ليتوف، إن إعادة بناء وترميم الكاتدرائية سيستغرق بين 10 و15 عامًا على الأقل. فيما أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، أن فرنسا ستنظم مسابقة معمارية دولية لاختيار أفضل شركات البناء لإعادة بناء أحد الأبراج المنهارة في الكاتدرائية.
ولم تتمكن السلطات الفرنسية حتى الآن من معرفة سبب نشوب الحريق بالكاتدرائية التاريخية.
وقال مكتب المدعي العام الفرنسي، عبر بيان في 26 يونيو 2019، إنه لم يتم التوصل إلى أي دليل لتحديد سبب الحريق. وأضاف أن الحريق ربما كان بسبب عطل في النظام الكهربائي بالكاتدرائية أو سيجارة لم يتم إطفائها بشكل جيد، مشددًا آنذاك على أن التحقيق ما يزال مستمرًا.
وتعتبر كاتدرائية نوتردام رمزًا للمسيحية في فرنسا، ويقع المبنى، الذي وضع بابا الفاتيكان حجر أساسه عام 1163، في جزيرة المدينة (إيل دو لا سيتي) في نهر السين بقلب باريس القديمة.
وسُميت الكاتدرائية باسم السيدة مريم العذراء، وتُعرف بأنها أحد أكثر الأماكن شعبية في فرنسا وأوروبا، لما تضمه من فنون معمارية مميزة.
وتضم الكاتدرائية، التي كان يزورها سنويًا نحو 13 مليون شخص، تمثالًا للسيدة مريم، إضافة إلى نوافذ ورود، وأجراس ضخمة، وأثاث من العصور الوسطى، وأعمال فنية عديدة.
وجرى تخليد ذكرى الكاتدرائية في رواية “أحدب نوتردام” (عام 1831)، للروائي الفرنسي الشهير، فيكتور هوغو، حيث تناول في الرواية أحداثًا تاريخية بارزة شكلت فيما بعد الهوية الوطنية لفرنسا.
وسبق أن أصيبت الكاتدرائية، التي يصفها الفاتيكان بأنها “رمز المسيحية في فرنسا” وموطن أبرشية باريس، بأضرار بالغة خلال الثورة الفرنسية (1789: 1799)، وتم ترميمها عدة مرات عبر التاريخ.