حين انتصرت، ولا أقول انحازت، “المان بوكر” لكاتبة من عمان، اسمها جوخة الحارثية، لم تعرّف الكاتبة بالعالم فحسب، بل عرّفت ببلادها التي عزّ على البعض تقبّل أن تخرج امرأة منها لتفوز بجائزة أدبية مرموقة كهذه، ووقفت ابنة عمان، باتزانها، وبساطتها، وهدوئها، لتشرح اسم عمان من خلال كل ذلك، بالكلمة التي انتصرت في ساحتها، وبصورة المرأة العمانية التي حملتها معها، الأكاديمية/ المثقفة/ الروائية.. والظافرة بمجد محسوب على الكلمة، مجد مكتوب بلغة عالمية، بعد أن سقطت “البوكر العربية” في فخ التجاذبات والمراوغات.. والمماحكات!.
فازت جوخة لترد الاعتبار للكاتب والمثقف في عمان، هذا الكائن الذي لا تترك فرصة للنيل منه إلا استغلّت، فشرّحته شرائح المجتمع إن وجدت في كتابه سطرا لا يروق لها، وكلمة يمكن محاكمتها أمنيا ودينيا واجتماعيا وأخلاقيا، وقل ما شئت من مسميات، فتتفشى عنه سائر التهم، حتى للذين لا يقرأون، أو لا يفرقون بين نوع أدبي وآخر، بين الرواية وخطبة الجمعة (كمثال)!.
فازت جوخة فردّت الاعتبار للكتاب العماني، وللرواية العمانية على وجه التحديد.. الكتاب الذي يدهش الآخرين بمحتواه ولغته، بينما لدينا “زمّار الحي لا يطرب”، فكم من قاريء لدينا التقيناه ليتعالى بأنه لا يقرأ “للكتاب العمانيين”، لكنه مستعد ليسرد أسماء لم نسمع منها إلا من خلال “السيوشيال ميديا”.. كما يحلو للبعض نطقها.
انتصرت جوخة الحارثية، في الداخل والخارج، على الذين يحاولون التشكيك في الفوز، والتقليل من الرواية، والعبث بالفن الروائي ليبحثوا عن جملة هنا وأخرى هناك، عمّا يمكن أن يريح نفوسهم، وأحقادهم، ويحقق لهم شعورهم بالرقي فوق كل نجاح..
تلك السهام التي أصابت نجيب محفوظ بعد نيله نوبل، سيتصيبك أيتها الرائعة، فلا تحفلي إلا بقلمك، فنحن فخورون بك.
وصدقا: لم تفز جوخة وحدها.. بل فزنا جميعا.
ولم تفز، ونحن معها، في مضمار “المان بوكر” وحدها.. بل في مضامير عدة.. فشكرا لك “أختنا”، ممتنون لك.