كلمتين راس

قاعدوهن.. لعشر!!

محمد بن سيف الرحبي

 

ما زلت أفكر في الهوّة الواسعة بين رؤيتين:

الأولى: تجاه قرار إحالة من أكملوا الثلاثين عاما للتقاعد، وبينهم من “أرغم” على تقبّل ذلك حيث الأوامر لا مناص عن تنفيذها، ورغم كل شيء إلا أني رأيت إيجابيات كثيرة في ذلك، كما هي الأهداف التي قيلت في مديح هذا التوجّه، حيث الترهل الإداري في القطاع الحكومي.. والاتجاه نحو “ترشيق” مؤسساته والتقليل من الهدر المالي.

والثانية: تجاه قانون التقاعد الجديد الذي يجبر الموظف على إكمال الثلاثين عاما، وهو ما يعدّ بعدا عن أهداف القرار الأول، بمعنى أن من لديه الرغبة بالبقاء عليه أن يغادر، ومن ليست لديه الرغبة بالاستمرار عليه أن يبقى!!

وفي الحالتين هو مكره!

لماذا تصدّ الحكومة باب فرصة لمزيد من تحقيق أهدافها التي وضعتها في من أكمل الثلاثين، وبينهما كفاءات كبيرة غادرت لا يمكن تعويضها، خاصة في قطاعات مهنية تخصصية، وتأتي أمام من لا يجد في نفسه طاقة للمواصلة وتقول له: عليك أن تستمر!!

فأي “شغف” سيبقى في نفس المكره ليعطي، ونحن أمام مرحلة “نهضة متجددة” تحتاج إلى طاقات فاعلة وشغوفة بالعطاء؟!!

وأصل إلى “بيت القصيد” كما يقال، وهما: النساء.

هنّ: بنات هذا الوطن، وأمهات أجيال دورها أن تحمل لواء النهضة حيث رؤية عمان المستقبل 2040، حيث الحاجة للمرأة / الأم، القيادية داخل بيتها، والموجّهة.

والعطاء الذي تهبه النساء في عشر سنوات يفوق ما يعطيه الرجل في عشرين عاما، فهي لا تعود إلى المنزل في نهاية يوم العمل لتسترخي، بل لتبدأ مهمة شاقة أخرى، حيث تواجه صعوبات “التربية” وتحديات “التعليم”، مع مشاق حياتها الصحية كأم، وأمامها مهمة شاقة أيضا (ربما).. باعتبارها الزوجة أيضا.

تكبر المرأة أمام كل هذه الضغوط بسرعة، وأمام هذه الخريطة من المشاغل تفقد الكثير من لياقتها.. فرجاء: قاعدوهن.. لعشر، فهي تساوي الثلاثين وأكثر في عرف الرجل..

وأكاد أجزم أن تكملتهن لمشوارهن الوظيفي في البيت، وقد كبر الأطفال بما يجعلهم بحاجة أكبر إلى التوجيه والاهتمام، له فوائد وطنية جمّة لا تتحقق على كرسي الوظيفة، وقد كبرت التحديات، ولنا في موضوع “الدراسة عن بعد” درسا بليغا لحاجة البيت للأم.

لقد اكتسبت العلم والمعرفة، وأيضا الخبرة العملية، وحققت جانبا من ذاتها واستقلالها المالي.. ولها حق العيش محفوظة المقام، ومع الحرية في اتخاذ القرار، إن أرادت، أن تتفرغ لدورها العظيم في البيت (وربما التطوّع في خدمات إجتماعية مهمّة أدوارها)، أو تواصل الرحلة الوظيفية.. طالما أنها تستطيع العطاء بذلك التوازن والاعتدال.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق