كلمتين راس
المكتبة الوطنية.. ما لا تعرفونه عنها!
محمد بن سيف الرحبي
تصاعد الحديث في الأيام الماضية عن أهمية وجود مكتبة وطنية في السلطنة.. غيابها، أعدّه شخصيا، أمر معيب في دولة مترامية التاريخ والحضارة.
سأكتب عنها عن خطوات عايشتها، نحو ميلاد كان على وشك الحدوث، لمكتبة وطنية تليق باسم عمان.
في جلسة عامرة بالمثقفين في منزل السيد علي بن حمود البوسعيدي، عام 2005، وكان حينئذ وزيرا لديوان البلاط السلطاني، وبعد أن غادر ضيفها الكاتب الراحل غازي القصيبي، رحمه الله، طلب منّا مضيفنا البقاء للحديث عن الثقافة، وحينها تحدثت عن غياب مقومات ثقافية كبيرة، بينها المكتبة الوطنية والمسرح الوطني ودار النشر الوطنية، وما عداها من مؤسسات ترفد الوطن كصروح، وليس لإقامة فعاليات عابرة.
من تلك الجلسة بدأت متابعات السيد علي للحركة الثقافية عن قرب، وما تبعها من جلسات ولدت فيها الموافقات على جمعيتي الكتاب والصحفيين ومبنى الجمعيات الثلاث وأعمال درامية، وأتذكر حينما جرى الحديث عن المكتبة الوطنية اندفعت بالرد على موضوع “أنها مكلفة” فقلت، وكنت على يسار السيد علي بأن الحكومة ستجد “الفلوس” كما وجدتها لدار الأوبرا..
عاتبت نفسي كثيرا على “جرأتي” اللامسؤولة، وفي مقام كذلك المقام، لكن بعد فترة ليست بالطويلة فوجئت باتصال من أحد الموظفين في مكتب وزير الديوان يرغب في الالتقاء بي لمناقشة تصور المكتبة الوطنية.. والتقينا، ووضعنا الدراسة، وتم رفعها..
ما حدث بعد ذلك أنها دمجت مع “مجمع عمان الثقافي”، وآخر عهدي بالحديث عنه يوم افتتاح معرض مسقط الدولي للكتاب، كنت قد كتبت مقالا عنه منتقدا تأجيله عشرات السنوات، إذ وكما أشار أحد أصحاب المعالي في اجتماع حضرته بأن أمره يعود إلى عام 1976، وفي فترة لاحقة اعتمد حتى مبلغ بنائه..
في معرض الكتاب أخبرني جلالة السلطان هيثم المعظم، حينما كان جلالته وزيرا للتراث والثقافة، بأن في الجريدة خبر يهمّني، ذكرت بأني قرأت الخبر، وأتذكر جملتي أمامه، حفظه الله: “لكنه تأخر كثيرا”. فابتسم.
اليوم أدرك أكثر من أي وقت مضى، وواثق، من أن تحولا ثقافيا قادما سيرسخ الحضور العماني كمركز ثقل على مستويات عديدة، فكرية وفنية.