مقالات
المعتصم البوسعيدي..وقراءة في رواية ناجم السادس عشر
المعتصم البوسعيدي
الكتاب: ناجم السادس عشر
الكاتب: محمد بن سيف الرحبي
التصنيف: رواية
الطبعة: الأولى (٢٠٢٠م)
دار النشر: مؤسسة لبان للنشر
عدد الصفحات: ٢١٤ صفحة
“رواية غرائبية” كما وصفها الكاتب بنفسه في توقيعِ إهدائه الكريم لي، ثم أتبع ذلك: “ولكن ستجد داخل كل منا جانبًا من ناجم” وهي بحق كما وصف وأكثر؛ إذ تتلاعب الرواية بالمشاعر، وترسم مشاهد مختلفة من أزمنة مُتعددة وأماكن مُتنوعة، تكادُ تُشتت الذهن قبل أن تعيدهُ لمسارِ الرواية وأحداثها المشوقة.
البداية من النهاية، وتحوير – إن صح التعبير – الرواية على شخصية ناجم جعل القارئ يتماهى ــ سريعًا ــ مع هذه الشخصية، وما يحفها من غموض في التصرفات ومن ثم الغياب، وسره الذي لم ينكشف حتى مع نهاية الرواية. هذا الغموض الذي لطالما عزف عليه محمد الرحبي وجعله الحبكة الرئيسة في نقل القارئ لعوالم وقضايا وأفكار تصل حد الخيال والبطولة الأسطورية.
الرحبي كتب الرواية من خياله الواسع، ولكنه ربط الخيال بالواقع على نحو عجيب؛ فرصد التاريخ وأحداثه، وعمل على تغذيته بالإسقاطات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وأظهر شخصه المسافر على وصف الأماكن، ونثرَ هويته وتراثه عبر الألفاظ والأمثال والممارسات وفق الفترات الزمنية وما تحتاجه دون مبالغة وإسراف.
يضع محمد الرحبي ـــ في أحيانٍ كثيرة ـــ قلم الروائي، ويستل قلم الكاتب الناقد للأوضاع الراهنة دون التغريد خارج سرب الرواية، ساعده في ذلك تعمير شخصية ناجم، ونجحَ كثيرًا في خلط اللهجة العُمانية مع اللغة العربية الفصيحة، كما استطاع إدخال الآيات القرآنية والقصص النبوية في قالبها الصحيح لحدٍ بعيد، وللمرأة في الرواية حضور غير هامشي رغم إنها لم تستحضر كشخصية لها أثر كبير، سوى في لمحاتٍ عن “زوان” التي أوقفت شبق ناجم “وفحولته” وبهذا لم يخرج الرحبي ــ في اعتقادي ــ عن الصورة النمطية في العلاقة بين الرجل والمرأة وحديث الجنس والتفاخر بذلك، ربما لأنه تحدث من نظرة الرجل العُماني والخليجي والعربي في هذا الأمر.
الرواية تتألق بالحس الفني العالي، وبروح التاريخ الزاخر بالأحداث والموروثات، وتنطلق من اسم الشخصية المقترنة بالرقم السادس عشر، “والكراكتر” الخاصة بها، وتبدأ الرواية برحلة البحث عن جثة اختفت في ظروف غامضة تصيب الجميع بالدهشة والجنون، كما هو البحث الأول عن موطن القبيلة مع “باه عوض” عن المكان القائم على رؤيا القائد المؤسس الذي من ذريته سيأتي مثبت الأركان “مبارك” يتبعه ابن لا تتضح مكانته الفعلية “حمدان” حتى الوصول لناجم القائد بلا ألقاب والمحرك للأشياء بما فيهم شيخ القبيلة والأتباع، وتنتهي الرواية ــ كذلك ــ برحلة القارئ في تصوير أحداث جديدة ــ ربما ـــ والسفر عبر الزمن وحتى في الحاضر والمستقبل.