إصداراتنا

“انفصام سياسي” لبدر الكيومي: إشكاليات البحث عن الحرية وسط خيارات صعبة 

في عمله الروائي الأول يطل الكاتب بدر الكيومي مفاجئا قراءه بتناول موضوع يقارب بين الاجتماعي والسياسي، وعلى درجة من الوعي تتشكل روايته “انفصام سياسي” الصادرة عن مؤسسة “لبان للنشر” لتستعرض مخاضات عدة عاشها البطل.

تقارب رواية “انفصام سياسي” بين الحنين إلى الأرض، والرغبة في التغيير، من خلال عمل سردي ذكي، يراوغ الذاكرة ليجعل الأرض ثابتة أمام أقدام الشخصية المحورية، الشاب الذي يعود من بعثته الدراسية خاسرا حلمه بمجد يليق بطموحاته وذكائه، ترحّله السلطات البريطانية بعد مشاركته في مظاهرة أعتبرت تحريضا، ثم يقع أسير مساءلات أمنية في السلطنة لهجومه اللاذع والموغل في الشتم عبر منصة إلكترونية، ومع ذلك يرى أنه يبتغي التغيير ومحاربة الفساد، واقعا في أزمة مرضية صنّفت بأنها انفصام في الشخصية، أو أنها مجرد “انفصام.. سياسي” وفق عنوان الرواية.

يرتبط بطل الرواية بأمه، كمعادل لعلاقته مع الأرض، ويصبح فقدها الجانب المؤثر في صناعة شخصيته، حيث أنه بفقدها خرج من القرية التي لاذ بها وأمه، ليعود إلى بيت والده، وهناك تتشظى شخصيته أكثر مع زوجة الأب، مع أنه كان يحلم أن يكون له كبقية رفاقه في مدرسة القرية أبا حنونا، لكنه يهرب من بيت أبيه مرة أخرى ليعود إلى قريته الأولى باحثا عن ذاته في بيت خاله، وينطلق في رحلة بناء نفسي مؤثرة، صعدت به إلى اكتسابه لبعثة دراسية في بريطانيا، لكن تتقاذفه يقينياته فينشط بحماس قومي في مظاهرة من أجل فلسطين، فتسقطه الحسابات السياسية ليعود إلى الوطن من جديد.

وتستمر رحلته في مجابهة التشظي الذي يعاني منه فينطلق بحماس آخر في الصحافة، وحينما لا يرى فيها طموحاته تغويه المنتديات للدخول فيها، مع إسقاطات اجتماعية وسياسية عميقة، من خلال شخصيات العمل، وأدوارها التي تقوم بها، ضمن نسيج الرواية الأساسي، أو الخطوط الجانبية التي تتلاقى مع الخط العام..

يعتمد الكيومي في أسلوب الرواية على تداخل الأمكنة والأزمنة، دون الاعتماد على الأسلوب التقليدي في تصاعد زمنية الرواية وأحداثها، مستعرضا ما يوثق شخصية البطل الأكثر، من خلال علاقاته مع أمه ووالده أو مع جارهم “الشيوعي” ورحلته من الكويت ليكون ضمن مجموعة ناشطة تعمل على التغيير في البلاد، مطلع السبعينيات القرن الماضي، ولكن تضبط مع الأسلحة التي كانت تنوي استخدامها.

   

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق