تعد مهنة الطب من أنبل المهن وأصعب التخصصات العلمية. وترتبط مزاولة هذه المهنة بقوانين وأخلاقيات سامية باتت تشكل تخصصا علميا مستقلا يدرس في أعرق جامعات العالم. من الكوارد العمانية البارزة التي دخلت هذا التخصص النادر هي الدكتورة رقيه بنت إسماعيل الظاهرية، الطبيبة المختصة في قانون وأخلاقيات مزاولة مهنة الطب. تحمل الدكتورة رقيه الظاهرية شهادة الماجستير في القانون الطبي، من جامعة كنت بالمملكة المتحدة. كما تحمل شهادة تخصص معتمدة في الأخلاقيات البيولوجيةمن جامعة أبيورن بالولايات المتحدة الأمريكية. وتعمل في مجال تنظيم علاقة المريض ومقدم الرعاية الصحية لحفظ الحقوق والواجبات بين الطرفين، وتشرف على تطبيق قانون الطفل العماني في المؤسسات الصحية، ودعم حقوق العمالة الوافدة الصحية وفاقدي الأهلية والفئة المستضعفة، وهي أيضا ناشطه في حقوق الإنسان.
الدكتورة رقيه الظاهرية تشعل منصب طبيبة بوزارة الصحة في القانون والأخلاقيات الطبية، وهي تشرف على قسم البلاغات في مركز عمليات إدارة بيانات كوفيد 19 المستجد. في هذا اللقاء نسلط الضوء مع الدكتورة رقيه الظاهرية على هذا التخصص النارد وأسباب اختيارها خوض هذا الغمار، إلى جانب واقع أخلاقيات وقانون مهنة الطب في السلطنة.
حوار: التكوين
تخصص نادر
في البدء تتحدث الدكتورة رقيه الظاهرية عن قانون وأخلاقيات مهنة الطب، الذي تعده تخصصا بالغ الأهمية، مشيرة إلى أنه تخصص نادر لندرة أعداد المغامرين الذين اختاروا التحليق في فضائه الغامض إن صح التعبير، غامض كونه تخصصا جديدا. ولو أردنا تعريف المقصود بقانون وأخلاقيات مهنة الطب فيمكننا القول بأنه مجموعة من القواعد والأنظمة وجدت لبحث المشكلات التي قد تنتج عن تعامل الأطباء مع المرضى ومع زملائهم من الأطباء أو غيرهم من العاملين في الحقل الصحي. بمعنى آخر مبسط هي مجموعة من الأخلاقيات المتعارف عليها طبّياً خلال مزاولة مهنة الطب، وهي أخلاقيات وقيم تم اكتسابها وتبنيها من قبل الهيئات الطبيّة على مدار تاريخ الطب واستناداً لقيم دينية وفلسفية وأخلاقية، تدعمها غالباً مجموعة من القوانين واللوائح المنظمة للعمل الطبي. وتضيف الدكتورة رقيه الظاهرية أنه لا يختلف أثنان في هذا الوجود بأن مهنة الطب هي مهنة إنسانية وأخلاقية وعلمية تتميز بتقاليد ومواثيق منذ أقدم العصور.
تقاليد ومواثيق
وعن أهم هذه التقاليد والمواثيق تقول الدكتورة رقيه الظاهرية أن: من أهم هذه التقاليد والمواثيق هو ما يعرف بقسم “أبو الطب” أو “قسم أبقراط” الذي جرى العرف على أن يؤديه الطبيب قبل مزاولة المهنة لضمان حقوق للمريض، وهي على سبيل المثال لا الحصر: الاستقلال الذاتي للمريض، بمعنى أن للمريض الحق في اختيار أو رفض طريقة معالجته. والمعاملة الحسنة للمريض، أي يجب على الطبيب أن يعامل المريض بكامل الاهتمام. إلى جانب عدم ايذاء المريض، بمعنى أنه يجب على الطبيب بذل قصارى جهده بكل ما أوتي من علم ومعرفة في سبيل تقديم العلاج للحالة المعروضة عليه. بالإضافة إلى العدالة للمريض، ويتمثل ذلك في تحقيق الإنصاف والمساواة بين كل الحالات التي تعرض على الطبيب، من حيث تقديم الخدمة العلاجية المتوفرة. وصون الكرامة وخصوصية المريض، وهي أن يحافظ الطبيب على كرامة وسرية المعلومات عن كل حالة تعرض عليه، بما يتناسب مع الأنظمة المعمول بها في ذات الشأن.
وفيما يتعلق بسبب اختيارها لهذا التخصص قالت الدكتورة رقيه الظاهرية: قررت دراسة تخصص قانون وأخلاقيات مهنة الطب عن قناعة ورغبة، ويكفي أن يعلم الجميع بأن القانون الطبي هو امتداد لقانون حقوق الأنسان من خلال حفظ كرامة الأنسان وعدم التمييز وفرض المساواة بين الجميع لتعزيز الخدمة الصحية المقدمة للفرد في المجتمع .
أخلاقيات مهنة الطب في السلطنة
وتؤكد الدكتورة رقيه الظاهرية أنها سعت لهذا التخصص حرصا منها على خدمة وطنها في هذا الميدان، وإيمانا منها بدور الشباب العماني في مختلف المهن والتخصصات، تحقيقا للأهداف الوطنية العليا التي رسمتها الدولة ويتطلع لها الوطن والمواطن. وفي هذا السياق قالت رقيه الظاهرية: سلطنتنا الغالية هي جزء من منظومة هذا العالم. ولم يغفل المشرع العماني بأي حال من الأحوال في وضع سياسة ونظام وقانون يحفظ للمريض هيبته وكرامته وحقه. وهنا يمكن الأشارة هنا إلى أن قانون وأخلاقيات مهنة الطب، يخدم فيما ورد من مواد قانونية في قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 75/2019، طبعاً بعد إلغاء القانون السابق رقم 22/96، كما أن لدينا كذلك ما يعرف بصندوق التعويضات عن الأخطاء الطبية الذي أنشيء بالمرسوم السلطاني رقم 67/2004، وذلك من خلال دراسة الشكاوى المقدمة من المريض أو ذويه والمتعلقة بالأخطاء الطبية وتقرير وجود الخطأ من عدمه عن طريق اللجان الطبية المتخصصة في وزارة الصحة.