مقالات
عام بلا أهداف
حمده بنت سعيد الشامسية
لا شك أن الأهداف تساعد على تحديد المسار، وتركيز الجهود والطاقات، لكنها قد تتحول إلى قيد، فنحن إما أننا نضع أهدافًا لأمور نرغب في التخلص منها، فتجعل تركيزنا طوال اليوم على ما نواقصنا و عيوبنا، أو أمور نرغب في الحصول عليها، فتذكرنا دائما بما ليس لدينا، مما يؤدي أحيانا إلى الشعور بالإحباط، وننتبه لأشياء في حياتنا تنقصنا ربما ما كنا سنفكر فيها، وتحصرنا الأهداف أحيانا في أمور معينة، هي جل ما يستطيع العقل البشري تصوره، لكن ما في خزائن الله لا نهاية له ولا حد، في هذا الموضوع فيديو جميل للدكتور أحمد عمارة بعنوان (ما ترسمش الطريق لربنا) يشرح الأهداف من منطلق النهج النبوي (اعقلها وتوكل).
شخصيا كنت مهتمة جدا بالأهداف في مرحلة من حياتي، والتي بلا شك كان لها دورًا كبيرًا في ما وصلت له من نجاح مهني و شخصي، فقد ساعدتني تقنية الأهداف في تحديد مساري، و تنمية مهاراتي، و تحقيق الكثير من الإنجازات، لكنني اعترف بأن كثيرًا مما أنجزت لم يكن هو ما خططت له وما رسمته لنفسي، وإلى حد كبير أصابني الإخفاق في تحقيق ما كنت أصبوا إليه بشيء من الاستياء، ما زلت طبعا أضع أهدافًا لكنني تعلمت أن أتخلى عن تزمتي بجداول الأعمال اليومية، والسماح لنفسي للتوقف قليلا وتقييم مساري، من خلال طرح الأسئلة على نفسي من مثل: هل هذا فعلا هو ما أريده.
خاصة وأنني درست هذه التقنيات على أيدي مدربين غربين، يقاس النجاح عندهم بحجم الثراء المادي، و مقاييس معينة للمظهر العام، فجعلني هذا أركز على أمور لم تكن ضمن أولوياتي الحقيقية، فأنا بطبعي شخصية بسيطة جدا، أجد متعتي في أبسط التفاصيل من حولي، رسم أهداف و طموحات كبيرة جعلني إلى حد ما أنشغل عن هذه التفاصيل الصغيرة في حياتي، ككتاب جميل أقرؤه، أو (كشتة) في البر مع من أحب، أو أكلة عمانية لذيذة أعددتها بنفسي بكثير من الحب والشغف.
لذا جربت أن يكون العام المنصرم عاما بدون أهداف، بمعنى لم أضع أهدافا مكتوبة ذات خطط واضحة، لكن لأن عقلي مبرمج على التخطيط وجدت نفسي ارسم أهدافا مستمرة، والجميل أنني أنجزت بشكل رائع جدا، ربما لأنني لم أكن أشعر بضغط مواعيد تنفيذ.
هذا العام عدت لعادة رسم الأهداف، لكنني حرصت على أن تكون نابعة من رغبة حقيقية، وأن لا تتحول إلى سجن اختياري يقيد حريتي، و تحضرني في حلم ضيق وقد سخر الله لي السماوات والأرض وما بينهما.