مقالات

الرفق بالحيوان يسعد الإنسان

ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

 

هناك مِن البشر مَن تستحوذ على قلوبهم الرحمة، فيتراحمون بها فيما بينهم، وخير مثال على ذلك نبي الهُدى ورسول الإنسانية، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته، ولم تقتصر على البشر فحسب بل شملت سائر المخلوقات، وقد أوصانا بالرفق فيما بيننا كما أوصانا بالرفق بسائر المخلوقات، حيث أن هناك ارتباطًا روحيًا يتعلق بالرحمة والرأفة بين سائر المخلوقات، وبلا شك أن أجناس المخلوقات تختلف بحسب الفطرة التي فطرها الله عليها، كل ميسر لما خُلق له، فهناك الطيور وهي أمم، وهناك الحيوانات كذلك عوالمٌ وأمم، فمنها الزواحف التي منها البرية ومنها البحرية والبرمائية، وهي مختلفة الأحجام والأشكال والألوان، وما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع الماتع، هو اقترابي من بعض هذه المخلوقات، وبطبيعة الحال حُسن المعاملة له الدور الأكبر في الارتباط الروحي بين الإنسان وهذه المخلوقات، فعندما كُنا في الصغر يكاد لا يخلو بيت من تربية الحمام الداجن، وكنتُ ممن يهتم بهذا النوع آنذاك وأذكرُ  أن واحدة من جملة تلك الحمام كانت تأكل من يدي وكذلك تحط على يدي وهي عائدة من رحلة الطيران اليومية والمعتادة، وهذا  يشعرك بمدى الارتباط  بينك وبين هذه المخلوقات كما يشعرك بالسعادة الغامرة تجاه صنيعك هذا وقربك منها في كل وقت وحين، مضت الأعوام وكبرنا وكبر معنا هذا الميل للطيور ولكن هذه المرة أتيتُ بالطائر الأخضر الذي يسمى بالدُرة ويطلق عليه في عُمان اسم (المتوه)، كان حينها صغيرًا جدًا وبلا ريش، اهتممنا به أنا والأُسرة الكريمة حتى كبر وبدأ يتعلم منا بعض الكلمات ومنها التكبير والتسبيح وكلمة التوحيد وكذلك إلقاء السلام، وقد كنتُ أُلقنهُ هذه الكلمات فور عودتي من صلاة الفجر من كل يوم وقبيل ذهابي إلى العمل، وكان يقترب مني كثيرًا في حالِ القراءة، وكأنه يسألني ماذا تقرأ، وكان أكثر ما ينصت إليه تلاوة القرآن الكريم، كذلك لي قصص مختلفة منها مع أحد الأبقار السائمة في صلالة في أحد زياراتي المتكررة لمدينة صلالة الجميلة وكان ذلك تحديدًا في وقت الخريف، وفي زيارة أخرى كذلك لمدينة صلالة  حدثت لي قصة مع ناقة، أما البقرة فبينما نحن جلوس  في روابي صلالة مع الأهل والأصهار حيث كنا ثلاث عوائل بتنسيق مسبق لهذه الرحلة الجميلة، وإذا بمجموعة من الأبقار تقترب منا بشكل سريع وكأنها تقتحم المكان، فقام الجميع هربًا منها ومن بطشها إلا البعض منا وكنتُ ممن قعد وقد مسحت على إحداهن وقد توجهت نحو مكان جلوسي ولم أغير جلستي،  وليس هناك ما يوجب الخوف إذ  بالمعاملة الحسنة تكسب الجميع، وبالتالي تكسب الأرواح والقلوب، فقلتُ في ذلك:-

أتتني لتلقي عليّ السلام

بتلك الربوع وذاك المقام

وقالت حياءً فقدتُ الطعام

فقدتُ الحديث وحلوَ الكلام

فما أجمل المعاملة الحسنة، التي يجد الإنسان حلاوتها في قلبه ووجدانه، ولا شك أن الرفق بالحيوان يسعد الإنسان، وأما الناقة فكانت تمشي برفقة صويحباتها وهي ترعى في تلك الجبال، وقد توقفنا  لنرى  بديع صنع الله في خلق الإبل، اقتربنا من إحداهن وإذا بها تأنس بقربنا، فسبحان من جعل الرحمة في كل خلقه، وقد قطعت علينا طريق المرور وكأن لسان حالها يقول لا ترحلوا عنا وتتركونا فإنا نأنسُ بكم، فاقتربت منها وهمست لها بعض الهمسات، وكأنها تسمع كلامنا وتفهمه، والقصص كثيرة ومثيرة فيما يتعلق بهذا الشأن ولكن اختصرنا لكم هذه الأسطر المعدودة وحسبنا هذا، فالدينُ المعاملة والرفق لا يكون في شيء إلا زانه هكذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم وبه نقتدي ونتأسى وعلى نهجه نسير ونهتدي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق