الفني
المخرج الكندي: في عام 2020 ولا يوجد لدينا إنتاج درامي ولا وثائقي ولا مسرحي
أعرب المخرج محمد الكندي عن أسفه لغياب الدراما العمانية عن شاشة وطنه كونها المتنفس الوحيد للفنانين في السلطنة، مقدرا لمجلة التكوين اهتمامها بفتح هذا الملف.
وقال في تصريح لمجلة التكوين أن الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون ليست المؤسسة الوحيدة التي على عاتقها انتاج الاعمال الفنية ( مسلسلات – مسرحيات – افلام روائية – افلام وثائقية – اغاني ……الخ ) وإنما هناك جهات أخرى يجب عليها المشاركة في تنشيط الحركة الفنية والثقافية والأدبية في السلطنة، على سبيل المثال وزارة الاعلام ووزارة التراث والثقافة واللجنة الوطنية للشباب ومركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم وكذلك القطاع الخاص، مع الاخذ بالاعتبار بان الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون هي النافذة التي عن طريقها يتم التمويل وكذلك العرض المرئي الوطني فلا مجال للهيئة من التنصل عن القيام بالدور الأكبر في إيجاد المناخ المناسب والبيئة الجاذبة لمثل هذه الاعمال.
وأضاف المخرج محمد الكندي أنه على شركات الانتاج الفني في عمان أن تحمل على عاتقها الانتاج السمعي البصري، وهذا يتوقف على إذا ما وجدت لها سوقا لشراء أعمالها حالها كحال شركات الإنتاج في الوطن العربي، وعلى سبيل المثال في مصر وسوريا والكويت والسعودية، التي تبيع منتجها على الورق للقنوات المختلفة كانت محلية او عربية، لذا على شركات الإنتاج أن تبيع نصها للقنوات الخارجية قبل الداخلية إذا ما أرادت فرض قوتها والمنافسة داخليا.
وأعرب الكندي عن أسفه عن غياب نقابة أو رابطة الفنانيين العمانيين أو المنظمات الراعية لحقوق الفنانيين في السلطنة، فالفنانون ليسوا على يد واحدة ولا يعمل أي منهم على أسس مهنية احترافية وإنما مهنة تكميليةـ لذلك لن يتحقق مبتغى الفنان من التمثيل في المسلسلات أو السهرات أو الأفلام، وكذلك الفنيين، مالم يكن هناك نقابة لهم، وكذلك المنتجين، لكي تستطيع هذه النقابات الدفاع عن حقوق الممثلين والفنيين وشركات الانتاج إذا ما تم هناك أي نزاع فيما بينهمـ كما هو حاصل في يومنا هذا، مجموعة من الشركات تشتكي عن عدم حصولها على حقوقها وصاحب الحق يوصد الباب أمام الشركات لعدم كفاءتها بعد الموافقات، ولعدم وجود مشرّعين أو محكّمين في هذا المجال، فضاع الحق على الإثنين، والكل يتهم الاخر.
وأشار الكندي إلى عدم وجود مؤسسة مستقلة تضع الاستراتيجيات والخطط المستقبلية وراعية الأعمال الفنية السمعية والبصرية في السلطنة أو منح قطاع الإنتاج الدرامي مساحة أوسع في تطوير وتسويق الأعمال الدرامية بشكل مستقل ماليا وإداريا، مضيفا أنه لن تتحقق الطموحات، لا بالنسبة للفنانين أو المنتجين.. ولا بالنسبة للحكومة.. وسيظل هذا الصراع قائما إلى أن تتحقق المعادلة المذكورة انفا.
ويرى أنه بعد هذه الاستهلال من التساؤلات فنحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة في قرن جديد شهد عالمه في بداية عقده الثالث متغيرات على كافة الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والفنية غيرها، وهذه المتغيرات أرخت بظلالها السلبية في الوقت الحالي عليها، وقد يكون هناك تعافي وللأفضل حسب الآمال الموجودة في النفس البشرية.
يشير الكندي إلى أنه ما سبق من نتاجات عبر التاريخ في السلطنة في الجانب الدرامي جا تحصيلا لاحتياج العمل الاعلامي في مرحلة السبعينات لتحقيق غايات وأهداف نبيلة من أجل المجتمع، ومنها ترسيخ القيم والعادات والتقاليد لدى المشاهد العماني، ونشرها لدى المشاهد الخارجي، كما أنها كانت تهيئة للمجتمع حول استقبال ما هو قادم في شتى المجال، وقد بدأت الأعمال الدرامية المنظمة والماطرة عن طريق الاذاعة في بداياتها وبعد ذلك انتقلت إلى التلفزيون، وهي عبارة عن محاكاة ما تم بثه في الإذاعة، وهكذا خلقت الدرما العمانية، وهي بجهود شخصية من شباب في تلك الفترة أخذهم الحماس للعمل في هذه النوعية من الأعمال، ولم يكن هناك من هو متخصص في كافة المجالات إلا ما ندر، فكانوا قصب سبق في الإنتاج الدرامي التلفزيوني والذي لقي القبول ورجع الصدى الطيب خلال تلك الفترة وإلى يومنا هذا.
يعيد الكندي ذلك لمعايشته هموم المواطن ومناقشا لقضاياه، مع عدم توفر القنوات مثل ما هو في عالمنا اليوم، مضيفا أنه ومع استمرار الوضع في عدم توفر الكوادر المتخصصة في الجانب التمثيلي وكذلك المهن الاخرى مثل التصوير والمونتاج …. الخ ، لكن أخذ هذا الإنتاج يتطور في العملية الفنية والمالية والإدارية بعد ان جاءت فترة التسعينات وبداية القران الحادي والعشرين، محققا نشاطا جيدا من حيث الإنتاج، وذلك لاستقطاب كفاءات من خارج السلطنة كالمخرجين والكتاب الذين أسسوا الدراما بصورة منظمة، وتتلمذ على يديهم الكثير من الشباب، في مستويات فنية ومالية وإدارية، كما وكيفا.
ويرى الكندي أنه بعد تلك الفترة الذهبية أخذ منعطف الصعود للتراجع وصولا إلى الوضع الذي آلت إليه الدراما العمانية حاليا، ويحدث ذلك في عام 2020، أي أننا في مطلع العقد الثالث من الألفية الجديدة.. لا إنتاج درامي ولا وثائقي ولا مسرحي.. للأسف الشديد.
ويرجع المخرج محمد الكندي هذه الانتكاسة، كما يسميها، ذلك إلى عدم توفر المسؤول الأول في صياغة القرار بتطوير الدراما في السلطنة، كما أن بعض المسؤولين الحاليين في الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون أوالمؤسسات الاخرى، ليسوا مؤهلين في قيادة العمل الدرامي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، هذا من جانب، ومن جانب اخر كل المحاولات التي بذلك من أجل تطوير الدراما عن طريق الشركات كانت فاشلة، وذلك لإسناد الأعمال إلى بعض شركات أو مؤسسات فنية كان الهدف الوحيد لديها هو الكسب المادي وغياب الإشراف المحترف المحايد على هذه الأعمال، فضاعت الأموال هباء منثورا.
يؤكد الكندي أنه كان يمكن أن ينتج منها أعمال أكثر وبشكل أفضل، لكن كما ان المصالح دخلت في غياب الرقابة، فضاع الأمل المنشود في الدراسة التي قدمت لتطوير الدراما والمسرح في السلطنة، ودخلت إلى المجهول، لتلحق بجهود سابقة، ولم تستغل كوادرها الاستغلال الأمثل، وهكذ وصلنا إلى التباكي على الإنجازات السابقة وتمجيد ايامنا التي لن تصنع المستقبل.
يرى الكندي أنه من اجل صناعة درامية جيدة علينا رسم خط بياني تصاعدي لبداية جديدة، ولكن للاسف هذا سيتطلب منا وقتا آخر بعد وأدت الدراما على يد مجهول، مطالبا بأنه علينا عدم التباكى على ما فات وما صنعناه من أمجاد، لانها لن تصنع المستقبل بل علينا التفكير في كيفية رسم استراتيجية جديدة وفي مطلعها: ماذا نريد من الدراما العمانية؟ وأين نريد بها أن تصل؟ وكيف يمكن لنا ان نصل الى ذلك الهدف المنشود ؟، مضيفا أنه لن تأتي هذه المحاور أكلها ما لم يتسلّح الفنان (كافة المسميات) بالعلم والمعرفة وكذلك صقل الموهبة من خلال وجود مدارس أو معاهد أو كليات لتخريج الكوادر المؤهلة للقيام بهذه الصناعة حالها حال الصناعات الاخرى.