العام
عبدالله المجيزي: أول مجلس بلدي في مسقط تشكّل عام 1939
منذ ما يقارب 36 عاما وجد نفسه موظفا في «بلدية العاصمة» كما كانت تسمى في تلك الفترة، المبنى الواقع بالقرب من الباب الكبير في ولاية مسقط، وكانت عقارب الزمن تشير إلى عام 1982، وكان رئيس البلدية في تلك الفترة سعادة الشيخ سليمان بن حمد الحارثي، عمل بوظيفة محصل ليواصل رحلة التعليم وصولا إلى درجة الماجستير في مجال القانون..وصولا إلى توليه منصب مدير إدارة شؤون المجلس البلدي وأمين سر ومقرر المجلس البلدي لمحافظة مسقط.
عبدالله بن خلفان المجيزي، مرجع حقيقي في مسيرة المجالس البلدية، التقيناه ليروي لقراء التكوين كيف تشكل «المجلس البلدي» في مسقط، وصولا إلى التجربة الحديثة للمجالس.
ما هي مراحل تطور المجلس البلدي؟
من خلال الوثائق التاريخية الموجودة في بلدية مسقط، فإن تشكيل أول مجلس بلدي في سلطنة عمان يعود إلى عام 1939م في فترة تولي السيد هلال بن بدر البوسعيدي رئاسة البلدية، والذي سعى إلى تطويرها لتكون لها قوانين تكفل الحق في فرض الضرائب أو الرسوم.
وفي عام 1945م عُين صاحب السمو السيد طارق بن تيمور مديرا للبلديات، واستمر في منصبه حتى 1957م، وفي مطلع الستينيات أُنشىء مجلس للبلديات مكون من أحد عشر عضوًا برئاسة والي مطرح.
ويذكر بأن أول قانون للبلديات صدر عام 1949م وكان يعرف في ذلك الوقت بــ «قانون البلديات» لسلطنة مسقط وعمان، ويعد هذا القانون علامة مهمة في تاريخ العمل البلدي، إذ جاء القانون مشتملًا للمرتكزات الأساسية للنظام البلدي بمفهومه المعاصر، واستمر العمل بقانون البلديات حتى عصر النهضة المباركة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أبقاه الله.
أما بلدية مسقط، فإن المصادر التاريخية تشير إلى أن نشأتها تعود إلى عام 1924م على نطاق مدينة مسقط العاصمة ومطرح، حيث شهدت تلك الفترة ظهور تنظيمات إدارية تولت القيام بأعمال النظافة وتنظيم الأسواق والمباني.
وفي عصر النهضة المباركة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- تشكل أول مجلس بلدي لبلدية مسقط في عام 1972م، والذي تكون من ثمانية عشر عضوًا، وتبلغ مدة العضوية في هذا المجلس سنتين فقط، وقد استمر إلى عام 1974م برئاسة معالي الدكتور علي بن محمد بن موسى وزير الصحة السابق، وقد أُعيد تشكيل المجلس البلدي بثوبه الجديد بموجب المرسوم السلطاني رقم (1/1974)، ولعل أهم ما يميز المجلس خلال تلك الفترة هو ما جاء بالمادة (7) التي نصت على أن ينتخب المجلس البلدي من بين أعضائه رئيسًا، ونائبًا للرئيس لمدة سنتين ومدة العضوية سنتين.
وقد عمل هذا المجلس خلال هذه الفترة على إرساء وتمهيد الطريق لظهور (بلدية العاصمة) إلى حيز الوجود، حيث صدر المرسوم السلطاني رقم (4/1975) بشأن إعادة تنظيم بلدية العاصمة، ولعل أهم ما يميز هذا القانون هو نص المادة (9) التي تنص على «يعين رئيس البلدية بمرسوم سلطاني ويكون بحكم منصبه رئيسًا للمجلس البلدي، ورئيسا للإدارة التنفيذية، وهو الذي يمثل البلدية أمام المحاكم وفي المقابلات الرسمية والاحتفالات، وفي صلاتها مع الغير.
وبمقتضى القانون رقم (4/1975) أصبحت مدة العضوية أربع سنوات بعد أن كانت لمدة سنتين، كما أصبح عدد الأعضاء تسعة عشر عضوًا بدلًا من ثمانية عشر عضوًا، وقد جُمعت رئاسة المجلس ورئاسة الجهاز التنفيذي في وظيفة واحدة وهي (رئيس بلدية العاصمة) الذي أصبح يعين بموجب مرسوم سلطاني.
وكما أشرنا سلفًا، فإن قانون «بلدية العاصمة» رقم (1/1974) قد أرسى الطريق إلى إنشاء بلدية العاصمة فيما يخص المواضيع المتعلقة بنشاط أعضاء المجلس، إذ ظهرت بعض المؤشرات الصحية التي لها مدلولاتها من حيث الاهتمام بالجوانب الصحية والفنية، حيث وجدت لجنة تهتم بالرقابة على الغذاء، ولجنة خاصة بتثمين الممتلكات إلى جانب وجود دائرة تختص بإصدار تراخيص البناء، بالإضافة إلى الاهتمام بالنظافة العامة، وتنظيم المباني وشق الطرق، وهذا دليل على اهتمام البلدية بقضايا المواطن والاحتياجات اليومية فيما يتعلق بالصحة العامة والمحافظة على نظافة المدينة.
مدارس مستقلة
مضى عليك في المجلس البلدي لمحافظة مسقط ما يقارب من عشرين عاما عاصرت فيها العديد من الشخصيات التي تناوبت على دورات المجلس منذ عام 1996م، من هي أبرز تلك الشخصيات؟
عاصرت في المجلس ثلاثة رؤساء وكنت قريبًا منهم كل القرب؛ ففي الفترة الأولى (1989م- 2008م) كان رئيس المجلس معالي المهندس عبدالله بن عباس بن أحمد، وبعد ذلك جاء سعادة المهندس سلطان بن حمدون الحارثي المحترم الذي تولى رئاسة المجلس البلدي خلال الفترة (2008م – 2013م)، وخلفه من بعدها معالي المهندس محسن بن محمد الشيخ الموقر -الذي يترأس المجلس حتى وقتنا الحالي-، والحقيقة أن كل واحد منهم يعد مدرسة مستقلة في العمل البلدي، وله تجربة خاصة وسياسة مختلفة عن الآخر.
أما الأعضاء الذين تناوبوا على المجلس البلدي فهم كثيرون من بينهم الشيخ يعقوب بن حمد الحارثي، والسيد خالد بن حمد بن حمود البوسعيدي، والعقيد صالح بن سعيد المسكري، وسعادة الشيخ عبدالله بن سيف المحروقي، والشيخ محمد بن سعيد الخروصي، والسيد سلطان بن هلال البوسعيدي، والفاضل سعيد بن ناصر الخصيبي، وسعادة السيد نصر بن حمود البوسعيدي، وسعادة السيد أحمد بن هلال البوسعيدي، والشيخ خليل بن أحمد الخليلي، والسيدة سناء بنت حمد البوسعيدي، والسيد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي، وسعادة الشيخ خالد بن هلال المعولي وغيرهم من الشخصيات، ومن وجهة نظري فإن كل من تلك الشخصيات تعد مدرسة مختلفة عن غيرها، فهم يحملون أفكار وقضايا مختلفة باختلاف من يمثلونهم من أفراد المجتمع، إذ يتم اختيارهم بالتعيين وذلك بموجب مرسوم سلطاني سام، وإذا ما نظرنا لهم الآن فإننا نستطيع الحكم على اختلاف مدارسهم وقضاياهم بما وصل إليه البعض من تقلده لمناصب رفيعة في الدولة.
كما أن هؤلاء الأعضاء مثلّوا تشكيلة متنوعة من الرعيل الأول الذي درس بعضهم خارج السلطنة قبل عام 1970م في دول شرق أوروبا ودول عربية ومنهم من عمل في دول الخليج، إلى جانب الشيوخ والرشداء الذين كانت لديهم ممارسة عملية للإدارة المحلية التلقائية والفطرية، ولذلك استطاعوا أن يجمعوا بين الخبرة في الحياة والتجربة العملية لا سيما وأن بعضًا منهم يحمل مؤهلات دراسية عليا، الأمر الذي مكّنهم من إثراء العمل البلدي، ونقل التجارب من الدول التي عاشوا فيها سواء للعمل أو طلب العلم، وبذلك يعد المجلس البلدي أقدم مجلس ضم العديد من الشخصيات البارزة من المجتمع العماني قبل إنشاء المجلس الاستشاري، وبعد ذلك مجلس الشورى؛ ففي مطلع السبعينات كان هناك عدد من أعضاء المجلس أصبحوا وزراء، مثل معالي المرحوم قيس الزواوي الذي ذكرته سابقًا، ومعالي الدكتور علي بن محمد بن موسى، وغيرهم من الشخصيات والقيادات على المستوى الوطني ممن كان لهم دور في نهضة عمان الحديثة.
وقد تعلمت من هذه الشخصيات الكثير فوجودي معهم في الاجتماعات أسهم في اكتسابي طرق الحوار وكيفية إدارة النقاشات، كما أن احترامهم لآراء بعضهم جعلني قادرًا على التعامل مع الأعضاء الذين جاؤوا فيما بعد بشكل ينعكس على إيجاد التوافق بين جميع الأطراف، وعليه فقد استطعنا العبور بالمجلس في مناخات متغيرة.
أبرز التشريعات
صدر العديد من التشريعات في العمل البلدي بعض منها كنت شاهدا على صدورها، ما هي أبرز التشريعات من وجهة نظرك؟
رغم صدور بعض التشريعات قبل التحاقي بالعمل البلدي، إلا أنني أعتبر بأن من أهم التشريعات في مسيرة العمل هو صدور المرسوم السلطاني رقم (1/1974) الذي يقضي بإنشاء وتنظيم بلدية العاصمة، والذي يعد أول قانون خاص ببلدية مسقط في عصر النهضة المباركة، حيث نص على أن تُنشأ بالعاصمة بلدية تكون مؤسسة حكومية وأهلية مكلفة بالمصالح والخدمات المنصوص عليها في الباب الثاني من الفصل الثاني وأي تفويضات أو اختصاصات أخرى تقررها من حين لآخر، ومن هنا نجد بأن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أبقاه الله قد أولى اهتماماته بإنشاء بلدية في العاصمة مسقط تختص بمهام تتعلق بالجوانب الصحية والفنية، إلى جانب المحافظة على النظافة العامة في هذه المدينة العريقة، فأصبحت النظافة في مدينة مسقط فيما بعد إحدى السمات الرئيسية التي تميز مسقط على مستوى الوطن العربي، وقد فازت بالعديد من الجوائز؛ لأن قطاع النظافة وكل ما يتعلق بالصحة العامة هي من أولويات العمل البلدي، إلى جانب مشاريع الطرق، والطابع المعماري الذي هو سمة في المشهد العماني الإسلامي الذي يظهر في العديد من مباني العاصمة.
أما المحطة الثانية والتي اعتبرها من أهم المحطات التشريعية في تاريخ بلدية مسقط هو صدور المرسوم السلطاني رقم (18/84)، الذي تضمن نقل مسؤولية الإشراف على بلدية مسقط إلى ديوان البلاط السلطاني، والتي تعد نقلة نوعية في العمل البلدي سواءً في الجوانب المادية أو المعنوية؛ إذ إن هذا المرسوم دليل على اهتمام الحكومة الرشيدة بمدينة مسقط وخصوصيتها، باعتبارها عاصمة البلاد، الأمر الذي أوجد مزيدًا من الدعم التنموي من أجل توفير البنية الأساسية في المدينة، وقد تحقق نتيجة لهذا العديد من المشاريع الحيوية مثل شق الطرق، والاهتمام بالحدائق والمتنزهات، إلى جانب توفير الكوادر المؤهلة التي تساعد في تحقيق الخطط التنموية، مثل إقامة الجسور والطرق والمشاريع الترفيهية والتجميلية، بالرغم من طبيعة المنطقة الجغرافية، حيث إن أغلب الشوارع تم شقها في الجبال بحيث تطلبت كلفة عالية في سبيل توفير الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذها، إلا أن قناعة الحكومة الرشيدة بأهمية ربط مناطق وولايات المحافظة بشبكة من الطرق التي تعد شريان الحياة في المدينة، كان سبيلًا لتذليل كل هذه التحديات.
أضف إلى أن الدعم المادي أدى إلى إقامة العديد من الحدائق والمتنزهات والأسواق، مثل حديقة الوادي الكبير وحديقة الريام، وحديقة القرم الطبيعية، وغيرها من الحدائق والمتنزهات المنتشرة في محافظة مسقط العامرة، والتي على أثرها فازت بلدية مسقط بجائزة منظمة المدن العربية في مجال التشجير والتجميل كل ذلك كان بدعم ومتابعة مستمرة من الحكومة الرشيدة على القائمين بالعمل لتحقيق أعلى معدلات الإنتاج.
أما المحطة الثالثة من التشريعات المهمة بوجهة نظري فهي تتمثل في تغيير مسمى بلدية العاصمة إلى بلدية مسقط بموجب المرسوم السلطاني رقم (30/88)؛ عنايةً من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس -أبقاه الله- في الاهتمام بالدلالة التاريخية لاسم مسقط الذي يعد أحد رموز التراث والحضارة العمانية، حيث أصبح اسم مسقط هو المتصدر على جميع المباني والمؤسسات الحكومية في المحافظة؛ الأمر الذي كان له الأثر الطيب في نفوس المواطنين.
كما أرى بأن اختيار أعضاء المجلس البلدي لمحافظة مسقط عن طريق الانتخاب المباشر بموجب المرسوم السلطاني رقم (116/2011)، هو من ضمن التشريعات الجوهرية التي تدل على الديموقراطية الشعبية، التي تعنى بأهمية مشاركة المواطنين في اختيار ممثليهم في المجلس.
فوارق
ما الفرق الذي شكله اختيار الأعضاء بالانتخاب عوضا عن التعيين؟
كما ذكرت سابقا فإن اختيار أعضاء المجلس البلدي لمحافظة مسقط عن طريق الانتخاب المباشر بموجب المرسوم السلطاني (116/2011) بإصدار قانون المجالس البلدية يعد نقلة نوعية في العمل البلدي، إذ كان اختيار الأعضاء يتم في الدورات السابقة عن طريق التعيين، لكن هذا المرسوم أتاح للمواطنين المشاركة في العملية الانتخابية، سواء كانوا مرشحين أو ناخبين، وأصبح لهم رأي في اقتراح العديد من المشاريع التنموية، وتقوية التضامن الاجتماعي والشعور بالمسؤولية الاجتماعية؛ من خلال المشاركة في اتخاذ القرار البلدي، إذ إن وجود مجالس بلدية منتخبة له العديد من المزايا السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية.
طموحات
ما هو طموحكم للمجلس البلدي؟
أطمح بأن يكون للمجالس البلدية القدرة على معالجة الكثير من القضايا اليومية للمواطن، وتحقيق المزيد من التنسيق بين الجهات الحكومية، من أجل وضع توصيات المجالس البلدية موضع التنفيذ، والمشاركة الفاعلة من جميع الجهات في تطوير أعمال المجالس البلدية، بالإضافة إلى إطلاع الأعضاء المستمر على كافة القوانين واللوائح وما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات؛ للوقوف أمام التحديات التي واجهت هذه التجربة الرائدة، ومحاولة إيجاد الحلول بما يتواكب وطموحات المواطنين في جميع أنحاء السلطنة.
كما أؤكد بأن لأعضاء المجلس البلدي دورا كبيرا في سبيل تطوير المرافق العامة، حيث إن العمل البلدي لا يقتصر على الأعمال الخدمية اليومية التي هي اختصاص أصيل للأجهزة التنفيذية، وإنما يتعدى ذلك إلى جوانب أخرى لها علاقة بالمدينة وتطويرها، والارتقاء بجودة الحياة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وعلى سبيل المثال يمكن لأعضاء المجلس الوقوف مع الحكومة في المرحلة القادمة لتطوير الإيرادات، إلى جانب التفكير بتنويع مصادر الدخل، وإيجاد فرص استثمارية للمواطنين، وذلك من خلال اقتراح إقامة مناطق سكنية وصناعية وتجارية، وطرحها لاستثمار للقطاع الخاص فيها، وتخصيص أراض لإقامة مجمعات تجارية وطرحها كذلك للاستثمار الخارجي، وإقامة الحدائق العامة، وإقامة أسواق لأصحاب المؤسسات المتوسطة والصغيرة، إلى جانب تسويق الصناعات التقليدية الحرفية، وتخصيص أراض لإقامة فنادق ومنتجعات سياحية،، وجلب استثمارات خارجية، وإيجاد فرص للباحثين عن عمل من خلال المشاريع التنموية في المحافظة.
وفي المقابل، فإن على المجالس البلدية الحالية أن تعمل مع الحكومة في إيجاد حلول للكثير من التحديات التي تواجه الحكومة في المرحلة الحالية، وخاصةً مع الأزمة المالية العالمية، وأن تكون خطط هذه المجالس ترجمة حقيقية لسياسة الحكومة الرامية نحو تنويع مصادر الدخل من خلال تنمية الإيرادات الحكومية، وتطوير الاستثمار، وكذلك إيجاد بدائل لتمويل المشاريع البلدية؛ بحيث لا يقتصر دور عضو المجلس على تقديم الطلبات والمقترحات، وإنما إيجاد معالجة حقيقية للقضايا التي تهم المواطن من خلال اشراك الأفراد أنفسهم في اقتراح الحلول، وإشراك القطاع الخاص؛ باعتباره مساهما في التنمية وشريكا أساسيا فيها، وقد بدأت بعض المؤسسات الخاصة تمارس هذا الدور، من خلال إقامة بعض المشاريع التنموية في الولايات والإسهام في إقامة مشاريع اجتماعية تهم المجتمع، إذ إن وجود مثل هذه المشاريع على النطاق الجغرافي لكل محافظة يؤدي إلى مساهمة تلك المحافظة في تطوير الإيرادات، وتلقائيًا سيعمل على تطوير الخدمات، وكذلك وضع نظم ولوائح من شأنها أن تسهم في تبسيط الإجراءات، وسرعة إنجاز معاملات المواطنين، وكذلك إيجاد مصادر دخل أخرى يكون لها دور في تعزيز الإيرادات الحكومية بصفة عامة والبلديات بصفة خاصة .
رضا الناس
كيف تتابعون رضا الرأي العام عن الدور الذي يقوم به المجلس؟
من خلال أعضاء المجلس البلدي المنتخبين ممثلي ولايات مححافظة مسقط، وأيضًا من خلال توفير المساحة الكافية للتفاعل مع الجمهور، وإشراكهم بملاحظاتهم ومقترحاتهم وآرائهم حول الموضوعات التي يتناولها المجلس من خلال الحسابات الرسمية للمجلس البلدي على مواقع التواصل الاجتماعي، مع التأكيد على أهمية السعي المتواصل لتطوير التغطية الإعلامية، لا سيما وأن حساب المجلس على تويتر تحديدًا يشهد تفاعلا جيدًا من قبل المواطنين من حيث متابعة أخبار المجلس وتلقي الطلبات والمقترحات إلى جانب متابعة الشكاوي وإحالتها إلى الجهات ذات العلاقة.
التحديات
ما هي أبرز التحديات التي تواجه المجلس البلدي من وجهة نظرك؟
يواجه العمل البلدي في محافظة مسقط تحديات عديدة لأسباب ترتبط بمجملها في أن الثقافة البلدية المجتمعية في مفهومها المؤسسي الحديث ما تزال في طور النمو، وتحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد ونشر الوعي؛ لتتمكن من التغلب على تلك التحديات التي تفرضها طبيعة العمل البلدي، والتي عادة ما يرتبط نجاحها بأطراف عدة، وما أن تدرك هذه الأطراف دورها الحقيقي ومسؤولياتها في تطوير العمل البلدي، فإنه حتمًا ستتلاشى تلك الإشكالات وتتراجع العقبات تدريجيًا، والجدير بالذكر بأن المجلس البلدي استطاع أن يواجه بعضًا من تلك التحديات خلال فترته السابقة ويحقق نجاحًا في ممارسة دوره في العمل البلدي، ومن هذه التحديات ما هو متعلق بالجوانب التشريعية والإدارية والفنية.
ولا شك بأن أية تجربة تستدعي وقتًا حتى يتعود عليها أفراد المجتمع، ويتضح ذلك من خلال الاختلاف في فهم النصوص القانونية الخاصة بعمل لمجلس البلدي لدى كل فرد من أفراد المجتمع بمن فيهم أعضاء المجلس، وتحاول أمانة المجلس البلدي جاهدة في هذا الجانب توضيح تلك المفاهيم القانونية من خلال الندوات والبرامج التدريبية، إلى جانب دور وسائل الإعلام المختلفة في نشر الثقافة القانونية ذات الصلة بأعمال المجلس البلدي، ودعوة المواطنين للمشاركة في قضايا العمل البلدي وتشجيعهم على الانخراط في العملية الانتخابية سواءً كمرشحين أو ناخبين.
وإلى جانب تلك المسائل التشريعية، توجد تحديات متعلقة بالجوانب الإدارية، لا سيما وأن توفير الموارد المادية والبشرية يعد عنصرًا أساسيًا لإنجاح عمل أي مؤسسة، وقد كان هناك سعي ملحوظ لتوفير الإمكانيات في هذا الجانب، حيث تم توفير الكوادر المؤهلة وكذلك اعتماد التقسيمات الإدارية لإدارة شؤون المجلس البلدي من خلال استحداث الدوائر والأقسام لأمانة المجلس البلدي، الأمر الذي أوجد نوعًا من التنظيم الإداري، وأسهم في سرعة إنجاز المعاملات والتخصص في أداء العمل، بما انعكس على التوصيات العديدة التي تم إصدارها بشأن المواضيع التي ناقشها المجلس، والتي تهدف إلى تطوير النظم والخدمات البلدية، بما من شأنه أن يؤدي إلى الارتقاء بمعيشة المواطنين وتجويد الخدمة التي تقدمها الجهات الحكومية.
وأخيرًا، هناك الجوانب الفنية المتمثلة في توفير قاعدة البيانات والإحصائيات والدراسات للمواضيع الاقتصادية أو الاجتماعية أو الصحية أو البيئية، والتي تساعد المجلس على اتخاذ القرارت والتوصيات المناسبة التي تخدم العملية التنموية، ونحن في أمانة سر المجلس البلدي نقوم بالتنسيق المستمر مع الجهات المعنية لتوفير البيانات اللازمة، وفي المقابل فإن تنفيذ التوصيات يحتاج إلى موارد مالية، ويجب أن يكون هناك نوع من التناغم والتنسيق بين الجهات الحكومية؛ لوضع توصيات المجلس موضع التنفيذ، من خلال إدراجها ضمن الخطط الخمسية في ظل عدم توفر الامكانية المادية، ثم صعوبة تنفيذها في الوقت القريب.
توثيق تاريخ المجلس
هل سعيتم إلى توثيق تاريخ المجلس البلدي؟
نعم، ففي إطار توثيق تجربة المجلس البلدي لبلدية مسقط من عام 1972م إلى عام2013م قمنا بإعداد كتاب استمد مادته من اللمحة السريعة لتاريخ النظام البلدي في مسقط، والذي يعود تاريخه إلى أوائل العشرينيات من القرن الماضي، ولهذا الكتاب أهمية بالغة في العمل البلدي؛ لأنه يوثق تجربة المجلس البلدي التي كانت تقوم على مبدأ تعيين أعضاء المجلس، ثم تطورات تلك التجربة بنقلة نوعية إلى مبدأ الانتخاب، إذ يتم اختيار أعضاء المجلس البلدي بناءً على نظام الانتخاب المباشر لأعضائه من ممثلي الولايات، بحيث يعد خطوة إيجابية في ممارسة الديمقراطية، وتوسيع قاعدة مشاركة المواطنين في صنع القرار البلدي.
ومما تجدر الإشارة إليه أن تدوين مراحل تطور المجلس البلدي منذ مطلع السبعينيات في هذا الكتاب يعد توثيقا لمعلومات مهمة؛ يقصد منه توفيرها للباحثين والمهتمين، بحيث يمكن أن يكون مرجعًا مصغرًا تتوافر به جميع المراسيم السلطانية الصادرة الخاصة بالمجلس البلدي، سواء المتعلقة بالتطور التشريعي لقوانين المجلس البلدي، أو تلك الخاصة بتعيين أعضائه.
ما هي إسهامات المجلس البلدي لمحافظة مسقط نحو تطوير منظومة المجالس في السلطنة؟
شارك المجلس في ندوة المجالس البلدية في شهر ديسمبر2014م، إذ قدم الأعضاء من خلال تلك الندوة العديد من المقترحات والمرئيات التي من شأنها تطوير عمل المجالس البلدية، إلى جانب تقديمي ورقة عمل حول متطلبات نجاح المجالس البلدية في سلطنة عمان في الندوة نفسها، حيث تضمنت ورقة العمل الجوانب اللازم تفعيلها لتمكين المجالس البلدية من القيام بعملها، ومساعدة أمانات سر المجالس في أداء مهامها وتتمثل في الجوانب التشريعية والإدارية والمالية، والحمدلله فقد تحقق بعض منها ونأمل إن شاءالله تحقيق بقية المتطلبات خلال الفترة القادمة.