الثقافي

مثقفون طليعيون يتبنون خطابات رجعية على مواقع التواصل الاجتماعي .. لماذا؟

ما الذي يجعل المثقف الطليعي ينسلخ عن تاريخه ويتخلى عن مشروعه الثقافي الذي اشتغل عليه طيلة سنوات عديدة؟ ما الذي يدعو مثقفا كبيرا إلى أن يتنكر لأفكاره وقناعاته التي كرسها في كتاباته ومؤلفاته ومحاضراته ردحا من الزمن؟ ما الذي دفع بمثقف تنويري أو حداثي أو مثقف سياسي قومي أو ثوري إلى أن يتبنى خطابات سلطوية قمعية أو فئوية أو يردد مقولات طائفية ورجعية؟

ثمة خلل كبير يثير العديد من الأسئلة حول هذا التراجع الذي طال واقعنا العربي حتى لمس عقل المثقف الذي يعد آخر حصن من حصون الثبات والنضال من أجل الإنسان والوعي والحرية والكلمة الصادقة، فضلا عن أن يتحول إلى بوق لسلطة ما أو منبرا لطائفة أو أخرى.

هذا التساؤل نطرحه على عدد من المثقين البارزين على المستوى المحلي والخليجي والعربي في هذا الاستطلاع الذي نسعى من خلاله إلى تسليط الضو على جانب من هذه الظاهرة.

 

استطلاع: حسن المطروشي

في البداية يقول الناقد والمفكر السعودي الدكتور سعد البازعي: بمجيء شبكات التواصل الاجتماعي طرأ وضع جديد، بل بالغ الجدة، على مفاهيم وممارسات في الكتابة والنشر ظلت مستقرة لفترة طويلة نسبياً. فليس من مقارنة بين ما حدث بمجيء تلك الشبكات وأحداث تواصلية أخرى سوى مجيء الصحف السيارة التي أتاحت للكتّاب أن ينشروا أعمالاً تصل إلى العديد من الناس في وقت واحد بدلاً من الكتب التي تنتظر قارئاً قد يأتي ولا يأتي. مع شبكات التواصل اتسعت دائرة التواصل وصارت الكلمات تصل الآلاف أو الملايين في نفس اللحظة. لكن المختلف هنا لم يقتصر على سرعة أو انتشار الكتابة على مدى غير مسبوق بالنسبة لأغلبية الكتاب، وإنما تجاوزه إلى عنصر لم يخطر ببال أحد من قبل: ذلك هو التفاعل الآني أو المباشر.

ويضيف الدكتور سعد البازعي موضحا: كان من الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى تغيير في طبيعة الكتابة زاد من حدته أن إحدى شبكات التواصل، وهي تويتر، حددت عدد الحروف التي يمكن استخدامها للتعبير، فمع التفاعل المباشر وجد الكاتب نفسه أمام ردود فعل سريعة تكون إما مشجعة وداعمة أو رافضة واستفزازية، فاضطر لأول مرة في تاريخ الكتابة للتفاعل مع ردود الفعل تلك، مما دفعه أحياناً للخروج على أسلوبه المعتاد من هدوء وتأنٍ في الكتابة أو عمق في التناول. فهو هنا مستفز للرد على منتقد، وهناك مدعو للمضي في رأي أو خاطرة.

ويختم الدكتور سعد البازعي حديثه قائلا: وكانت من محصلات ذلك هيمنة نوع من الشعبوية على نمط التفاعل لدى بعض الكتاب على النحو الذي أدهش بعض متابعيهم ممن خبروهم أكثر اتزاناً أو أكثر عمقاً في كتبهم أو حتى مقالاتهم التي عهدوا. فحال أولئك قريب مما عرفته الثقافات في التفاعل الشفاهي في الخطب السياسية بشكل خاص حين تطغى الرغبات الجماهيرية على خطط المتحدث فيعدلها آنياً لتنسجم مع رغبات المتلقين من الحشود.

خطابات جماهيرية وشعبوية

الدكتور عبد الله بن خميس الكندي الأكاديمي بجامعة السلطان قابوس، من جهته يقدم رؤية منهجية تجاه الموضوع فيقول: أعتقد من حيث المبدأ أن المواقف الفكرية من القضايا الحياتية ثابتة ومتحولة في أن معا، لكن هذا الثبات والتحول يجب أن يرتبط بعمق فكري ووعي معرفي. تعكس المواقف الفكرية الثابتة عمقا وقناعة واضحة وبالتالي حالة خطابية مستمرة ولها ميزات محددة، وقد يحافظ المفكر على عمق موقفه وهو يتحول إلى قناعات جديدة وغير مسبوقة في خطابه الفكري والثقافي، عندما يربط ذلك بكشف فكري وعمق معرفي جديد، ويقدم للقارئ تفسيرات مقنعة ومناسبة لأسباب ذلك التحول.

ويستطرد الدكتور عبدالله الكندي موضحا أنه: قد يتجه بعض المفكرين والمثقفين إلى تغيير مواقفهم وقناعاتهم الفكرية في بعض القضايا الحياتية إما ارتباطا بقناعات جديدة وحقيقية، أو أنهم يتجهون لتلك التغييرات ارتباطا بأسباب غير واضحة أو معلنة أو حتى غير مفهومة. مع الفئة الأولى من المفكرين والمثقفين، يحدث تغيير المواقف من بعض القضايا وبالتالي الخطابات الخاصة بتلك القضايا كتطور طبيعي لقراءات إضافية أو تحليل معمق جديد وبالتالي معلومات جديدة وتفسيرات وتحليلات إضافية، وعلى الرغم من أن مثل هذا التغيير قد يوصف بالثوري إلا أن ارتباطه بمعارف عميقة وفهم إضافي تتضح ملامحه في الخطاب الجديد قد يخفف من صدمة المتلقي واهتزاز ثقته وقناعته بما يقدمه المفكرون والمثقفون من خطابات وقناعات. وقد يذهب بعض المفكرين والمثقفين إلى تغيير خطاباتهم التي تعكس مواقفهم من بعض القضايا بشكل ثوري أيضا لكن دون تقديم تفسير واضح لذلك التغيير. كما أن الكثير من هذه التغييرات لا ترتبط بقناعات جديدة مبنية على معرفة أعمق وفهم أفضل.

ويتفق الدكتور عبدالله الكندي مع الدكتور سعد البازعي بتأثير الجماهير على توجهات بعض الكتاب فيقول: قد ترتبط هذه التغييرات التي تطغى بشكل مفاجئ على خطابات بعض المفكرين والمثقفين بخطابات جماهيرية أو شعبوية عامة تأخذ اتجاها معينا وترتبط بفترة زمنية معينة. وقد ترتبط تلك التغييرات أيضا بحسابات معينة يرسمها المفكر أو المثقف “المتحول” في علاقته بالسلطة وعلاقته بالجماهير. هذا “المفكر أو المثقف المتحول” نتيجة لهذه الحسابات وارتباطا بتغيرات وظواهر طارئة يمثل ظاهرة من الظواهر السلبية للخطاب الفكري والثقافي المعاصر في العالم العربي.

النجاة في سفينة غارقة

الشاعر اللبناني الكبير شوقي بزيع يتحدث في المسألة باستفاضة ويبدأ قائلا: المسألة تتعلق بمجموعة من البنى الفكرية والمفاهيم والأوضاع التي تبدلت كثيرا عما كانت عليه في العالم العربي قبل أكثر من نصف قرن. يجب أن لا ننسى أن الكثير من الأفكار العقائدية والأيديولوجية والسياسية قد سقطت ومن بينها الأيديولوجيات الكبرى كالماركسية والقومية التي كانت تضخ كما عاليا من المثقفين الذين ينتصرون لهذا التيار أو ذاك مما يخلق حراكا ديناميا على العديد من المستويات. فعلى سيل المثال السجال الذي كان قائما في لبنان بين مجلتي “شعر” و”الآداب” بما يعنيه من تباينات كثيرة في المفاهيم المتصلة بالفن وبالحياة وبوظيفة الشعر ودوره. كل ذلك تراجع وأدى إلى غياب السجال ليس فقط على مستوى الثقافة وحده وإنما على صعد كثيرة تتصل بالفلسفة وبالوجود وبالحياة، وهذا أدى إلى تراجع المجلات الأدبية المستقلة والدوريات، ولم يبق هناك إلا بعض المجلات المدعومة من قبل هذه السلطة أو تلك، مما يضع المثقف أمام خيارين، إما الانخراط في هذه المنابر، وبالنهاية تدجين فكر المثقف وصورته ولغته، بناء على مقتضيات مصادر تمويله، وإما إلى انكفائه وصمته.

ويمضي شوقي بزيع في تشريح الوضع وتفكيكه للوصول إلى فهم أعمق للمسألة فيقول:  أيضا هذا الاهتراء العام في العالم العربي على شتى المستويات، السياسية والاقتصادية والفكرية، وسيادة نوعين من الأنظمة وهما: النوع العسكري المتوارث منذ خمسينات القرن الماضي، أو الأنظمة الدينية والثيوقراطية، وكل من هذين النظامين يؤدي بالنهاية إلى شلل دور المثقف، أو استخدامه بوصفه مشتغلا عند هذه السلطة أو تلك. وفي ظل غياب الطبقة الوسطى التي كانت قادرة على ضخ دماء جديدة في الحياة السياسية والاجتماعية العربية، فقد أدى هذا إلى غياب معظم الامتيازات التي كان يتمتع بها المثقف فيما يخص الحرية والاستقلال وما سوى ذلك، التي انهارت وأدت به إلى الالتحاق بالكثير من السلطات القائمة وأن يصبح جزءا من مناخ التراجع الذي انعكس على صور خيارات طائفية ومذهبية.

ويستطرد شوقي بزيع موضحا: إن جوهر الحرية مبنى على الاستغناء كما يقول أحد المفكرين. العبد من الصعب أن يكون حرا في اختيار آرائه، وأقصد هنا عبودية المال أو العبودية للمنصب أو العبودية لتحقيق مكاسب معينة من هذا الفريق أو ذاك. هكذا وجدنا المثقفين إما يذهبون للغرب ليحسنوا أوضاعهم ولكي لا يكونوا فريسة الاستبداد وقوى الأمر الواقع، أو أنهم يلجأون إلى حضن سلطاتهم وبالتالي يضربون بسيفها. أو أنهم يلجأون إلى الصمت لأنهم لا يرون أي جدوى مما يجري، ومنهم من ينكفيء باتجاه تزجية الحياة وفق الرغبات الشخصية والبحث عن الملذات والوقوع في عهدة الرغبات المتصلة بحياة الصعلكة والتشرد، وهذا لمسناه في أكثر من نموذج.

ويواصل الشاعر شوقي بزيع سجاله قائلا: ولا ننسى أنه في ظل تراجع وانهيار الكثير من الأنظمة العربية ضعف بعض المثقفين وأصبحوا يفتشون عن مصادر تمويل عبر المنابر المتصلة بالأنظمة الغنية التي توفر لهم دخلا جيدا. وفي أي حال كان هناك دائما سجال حول دور المثقف خاصة في ربع القرن الأخير، فهناك من يفصل الثقافة عن السياسة وبات ينادي الآن بالمثقف التخصصي الذي هو مجرد منتج معرف في خدمة السلطة. في حين أن المثقف العضوي الذي نادى به جرامشي وآخرون تراجع كثيرا.

ويتجه الشاعر شوقي بزيع إلى الحديث عن ما ينغي أن يكون عليه دور المثقف العربي في ظل ما آل إليه الوضع الراهن موضحا أن: المثقف معني الآن إلى استعادة قيمتين أساسيتين في عالمه العربي على وجع الخصوص هما: إعادة الاعتبار للعقل وإعادة الاعتبار للحرية، وهذا ينبغي أن يتم بدأب وجهد ومشقة. علينا أن لا نركن إلى القنوط، وأن لا نكتفي لكوننا منتجين لنصوص، ونرى أن هذا يجعلنا ناجين وسط غرق الآخرين. نحن في سفينة واحدة مع مجتمعاتنا، ولا يمكننا أن ننجو في سفينة غارقة، وهذا ما يحملنا الكثير من المسؤولية تجاه واقعنا القائم.

اتهامات معلبة وجاهزة

أما الروائي والمسرحي الدكتور سعيد بن محمد السيابي فيرى أن التاريخ الثقافي أثبت لنا أن هناك صنفين من المثقفين. الأول صاحب المشروع الثقافي والمؤمن بأهداف مشروعه والثاني مدعي الثقافة والمتقلب مع أهوائه. في العصر الحديث وفي ظل التسارع التكنلوجي والمعرفة التخصصية أصبح لزاما على المثقف أن يطرق أكثر من جانب معرفي كأن يجمع بين الكتابة الإبداعية والتواصل الالكتروني مما جعل من صاحب المشروع الثقافي يدخل في دوامة الردود والإجابات على الأسئلة التي تجره نحو اتخاذ موقف سريع تجاه قضية مطروحة وساخنة وخصوصا من جانب القراء والمتابعين له مما يجعل احتمالية الخطأ والانجرار واردة باتجاه القضايا الفكرية والسياسية المتسارعة التي لا تعرف إلا الوقوف كصديق، إنما المتفرج منها سيدخل في جانب الضد والمتعاطف والخائن وهي اتهامات معلبة وجاهزة ضد المثقف.

ويصف الدكتور سعيد السيابي صنفا من المثقفين اليوم بـ”أصحاب اللامشروع” والراكبون لموجة الظهور فهم دائما الأكثر استسهالا وأخطاء بحق أنفسهم أولا ومجتمعهم ثانيا. فنجدهم لا يتروون في طرحهم ولا الاستناد إلى حقائق تاريخية أو واقعية إنما تقذف بهم الأهواء بين النقود ومن يدفع أكثر، وحب الظهور الدائم، مما يفسد الكثير من التعاطف حول قضاياهم التي يطرحونها أو يدافعون عنها.

ويوضح الدكتور سعيد السيابي أنه من هذا المنطلق نجد إن هناك خلطا كبيرا يضع الجميع في بوتقته ولا يعلي من قيمة المعرفة الجيدة باستخدام تقنيات التواصل لخدمة الإنسانية، فالصراع في القرن الحادي والعشرين في أشده طالما هناك قطبان متنافران “مع” أو “ضد” لا يمكن أن يلتقيا، خصوصا عندما زجت الحكومات بأفراد المجتمعات داخل تركيبة المحاسبة حتى مع التعاطف مع قضايا لا يمكن أن تكون مصدر اتفاق دائما. في ظل غياب المؤسسات الثقافية والجامعات المستقلة التي تدافع عن القيم السوية والمجتمع، والتي تؤمن بالاختلاف كحالة صحية منذ بداية الخلق.

توصيفات خارجة مألوف الذوق

من جهته يبدأ الناقد البحريني الدكتور فهد حسين بالقول: ليس غريبًا النظر إلى المثقف وكأنه سبب فيما حدث للعالم العربي من مشكلات ونزاعات؛ لاعتقاد أنه لا يقدم الحلول لحل جل المشكلات والقضايا، ويكتفي أن يكون دوره في الحوار ليس بهدف الوصول إلى الحلول، وإنما حوار حول ما يختلف عليه مع المثقف الآخر مزايدة ومناكفة.

وقد وظف بعض المثقفين العرب للأسف كل إمكاناتهم ووقتهم الثمين وكل تطلعاتهم الطليعية التي كانت نبراس المشهد الثقافي العربي، وهنا برز بشكل جلي الفكر المؤدلج المتسم بالروح الدينية المتطرفة الواضحة، والطائفية والعرقية ورفض الآخر المختلف، بل نبذه، كل هذا وُظف في جل منصات التواصل الاجتماعي وقنوات الشبكة الكترونية فزخرت بالموضوعات والتحليلات والمداخلات والتعليقات مع أو ضد الحراك، أومع أو ضد الأنظمة السياسية، ووصل الأمر إلى الاتهامات والتوصيفات الخارجة بعيدًا جدًا عن مألوف الذوق، والصيغ الصحفية الراقية، والكتابة المؤمنة بالاختلاف، وهذا ما سماه إدوارد سعيد بـ(المثقفين البديلين) الذين يتلونون بحسب المذهب الذي يحقق لهم نزعاتهم الشخصية، من دون الوقوف على السؤال المهم: هل ما حدث ويحدث في العالم العربي نتيجة فشل المثقفين والطليعيين والحداثيين في إنتاج مشروع قومي اجتماعي وسياسي وثقافي يمثل جل تطلعات الشعب العربي؟

ويتحدث الدكتور فهد حسين عن فقدان الثقة في هذه الفئة من المثقفين التي أفزها الواقع  قائلا: وبهذا الذهاب المرير من قبل بعض المثقفين تمظهرت بعض معالم التدمير في البنى التحتية الثقافية المعنية بالمؤسسات وبالأفراد أنفسهم، وباتت الثقة في المثقف العربي شبه مخلخلة، في الوقت الذي نحلم أن يرتقي العالم العربي شعبًا ومجتمعًا وثقافة ووعيًا وفكرًا وحضارة، وهذا ما يدعونا إلى العمل على بناء الثقة والقيم الإنسانية والحضارية مع مد الأيدي والتلاقي بكل القيم الإنسانية الأخرى وما تؤمن به، أي نحن بحاجة ماسة إلى ترك الاتهامات والنزاعات المفتعلة على المنصات الإلكترونية ونقف معًا لقراءة واقعنا المرير، وتبرير هذه الكتابات التي تقف مع أو ضد، تبريرًا منطقيًا أو على الأقل موضوعيًا، نحن بحاجة إلى قراءة وعي الإنسان العربي بعد كل ما جرى على العالم العربي، وأضعف بناه المختلفة، وخلخل النسيج الاجتماعي، وأثر ذلك في المسيرة الثقافية والنهضوية التي كان المثقفون يحلمون بها.

مرحلة كاشفة

الشاعرة الكويتية سعدية مفرح، التي تعد من الناشطين والمتابعين لتحولات المشهد وحضور المثقفين على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول: سبق وأن حاولت فهم هذه الإشكالية، وحاولت فهم ما يجري من قبل المثقف العربي تجاه مواقع التواصل الاجتماعي، وتويتر تحديدا. وخلصت في محاولاتي إلى أن تويتر يوتر المثقفين العرب. لا يوترهم فقط بل هو يفعل أكثر من ذلك. يكشفهم على حقيقتهم ويسقط عنهم الكثير من الأقنعة البراقة بعد أن أنزلهم بسهولة من أبراجهم المعنوية العالية التي قبعوا فيها لعقود طويلة من الزمن بعيدا عن الهموم الحقيقية للجماهير. ذلك أن المثقف العربي لم يعتد على الحوار المتبادل مع الجماهير، وقد وجد نفسه فجأة بفضل مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الجديد في خضم هذا النوع من الحوارات المتبادلة والمفتوحة مع الجماهير.

وتستطرد سعدية مفرح موضحة أن المثقف كان في السابق يتحدث باتجاه واحد فقط، ولم يكن ينتظر رد فعل الآخر إلا بشكل مبتسر وبعيد وغير مباشر، ولكنه في تويتر على سبيل المثال لا يكاد يلقي بفكرته في الفضاء الإلكرتوني حتى يتلقى مختلف ردود الفعل التي ربما لم يكن يتوقعها، مما جعل كثير من المثقفين العرب يصابون بالصدمة الحقيقية من هذا الوضع الجديد. وتختتم سعدية مفرح مبينة أنه نتيجة لذلك أن كثيرا من المثقفين إما هرب من تلك المواقع فعليا أو حاول التأقلم معها بشكل أو بآخر عن طريق مواءمة أفكاره الجديدة بأفكار الجماهير التي كانت في كثير من الأحيان تسبقه وتتفوق عليه، أو  تغير تماما، حتى أن التغيير الذي ألم ببعضهم وصل إلى حد التناقض التام مع مراحل سابقة من مراحله الفكرية، وكان من الممكن تقبل مثل هذا التغيير لو أنه نتج عن وعي حقيقي أو تراكم معرفي وليس مجرد استدراج للاعجاب الآني للجماهير أو حتى خوفا منها! عموما.. هي مرحلة كاشفة فعلا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق