الثقافي

منتدى الجوائز العربية: تعاون ثقافي في سبيل الإبداع والمبدع

الكويت: طالب الرفاعي

 

يبدو مشهد الجوائز العربية دالاً في كثرتها وتنوعها، وفي توجه العدد الأكبر منها نحو الأجناس الأدبية، وخاصة جنس الرواية. وهذا التوجه يكاد يستحوذ، بشكل أو بآخر، على مشهد الجوائز عالمياً وليس عربياً فقط، ولذلك أسبابه الفنية والاجتماعية والاقتصادية في سوق الكتاب العربي والعالمي. ولقد لعبت الجوائز الخليجية، بقيمتيها المادية والمعنوية، في العقدين الأخيرين دوراً بارزاً في إنعاش الكتابة الإبداعية الروائية، ودعم وتشجيع الكاتب والناشر العربيين، وفي رفد سوق الكتاب بمادة أدبية جديدة كانت قادرة على جعل معارض الكتب العربية تزدهر بالقراء والمثقفين. هذه التظاهرات الثقافية الكبيرة، عكست نشوء حالة من العلاقة التفاعلية الإيجابية بين الكاتب والكتاب والملتقي. 

لقد ولدت فكرة “منتدى الجوائز العربية” بحوار ثنائي بين الصديق العزيز الدكتور عبدالعزيز السبيل وبيني في أحد معارض الكتب الخليجية؛ بأن هناك جوائز عربية كثيرة وليس من جامع بينها، وأن الحاجة تستدعي النظر إلى إمكانية تأسيس تجمع أو مظلة لخدمة هذه الجوائز. ولقد تطور الحوار بيننا في إمكانية التفكير بتفعيل الفكرة، وهذا ما كان لاحقاً بمبادرة وفعل وتنسيق وإعداد من الأخ عبدالعزيز السبيل، بوصفه أمين عام جائزة الملك فيصل، حيث تولت أمانة الجائزة وضع ما يمكن أن يكون إطاراً أولياً للفكرة، ومن ثم دعت جمع كبير من الجوائز العربية المرموقة لحضور الاجتماع التأسيسي في مقر جائزة الملك فيصل في الرياض، وكان ذلك في شهر أكتوبر عام 2018، وحينها نُقِشت وتبلورت فكرة المنتدى، وكان أن أطلق عليه: “منتدى الجوائز العربية”.

تتلخص الفكرة الرئيسية وراء المنتدى، في تعزيز العمل الثقافي العربي المشترك، وخاصة في مجال الجوائز العربية، وذلك بترسيخ هوية الثقافة العربية عبر الجوائز العلمية، وكذا مختلف أجناس الإبداع في القصة والرواية والشعر والمسرح وربما الفنون الأخرى كالتشكيل والسينما. والدفع بها لتكون حاضرة في المحافل الدولية وبما تستحق من أهمية وتفرد، لكونها تعكس بشكل فني الحياة العربية القائمة، سواء الفكرية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، وهذا بدوره يكتب تاريخاً توثيقياً للحظة الإنسانية التي يحياها الإنسان العربي، بواقعه وهمومه وآماله.

يسعى المنتدى فيما يسعى إلى تبادل الخبرات والتجارب والمعلومات ومعايير التحكيم وأساليبها فيما بين الجوائز العربية، وذلك بغية تحقيق مستوى أفضل للجائزة العربية، وكذلك إعلاء شأن المبدع العربي ودعمه وتشجيعه لمواصلة العطاء الإبداعي. إضافة إلى مناقشة والوقوف على التحديات التي تواجه الجائزة العربية، في مختلف الدول العربية ووصلها بالترجمة والجائزة العالمية، واقتراح أفضل السبل لتجاوزها، وذلك من خلال المساعدة التي قد تنشأ بين جائزة عربية وأخرى، وبين الفائزين بعضهم وبعض. باعتبار أن جميع الجوائز العربية تتحرك باتجاه دعم الإبداع والمبدع العربي، وخلق حالة فكرية وثقافية عربية إنسانية، تتماشى والراهن العالمي. 

إن إرجاع الحق لأهله يتوجب القول بأن ما أنجز في الاجتماع التأسيسي لمنتدى الجوائز العربية، وما تبعه من الإعداد لإقامة الاجتماع الثاني، وبجميع التكلفة المالية والإدارية والتنظيمية، إنما تحملته منفردة أمانة جائزة الملك فيصل، خاصة وأن الاجتماع الثاني الذي انعقد للفترة من 2-3 أكتوبر 2019، في أمانة الجائزة، تشرف بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكة المكرمة، ورئيس هيئة جائزة الملك فيصل، وقد اجتمع برؤساء الجوائز العربية أو من ينوب عنهم، واستمع إلى آرائهم واقتراحاتهم حيال الجائزة العربية، كما أعرب سموه عن سعادته بأن تحتضن المملكة السعودية وجائزة الملك فيصل تحديداً هذه المبادرة، وأن شعوب الوطن العربي باتت في أمس الحاجة لتحكيم العقل وإعلاء شأن الفكر والإبداع، والابتعاد عن الاقتتال والحروب. ومن ثم تفضل سموه بحضور النشاط الثقافي، حيث اقترح الدكتور عبدالعزيز السبيل، أمين عام مؤسسة جائزة الملك فيصل، متحدثاً باسم جميع ممثلي الجوائز العربية، على سمو الأمير، تفضله بقبول الرئاسة الفخرية للمنتدى، وقد أجاب الأمير مشكوراً بقبوله الكريم. علماً بأنه قد شٌكِّلَ مجلس تنفيذي للجائزة للسنتين القادمتين بحيث أُسندت الرئاسة للمملكة العربية السعودية ممثلة بالدكتور عبدالعزيز السبيل، كون جائزة الملك فيصل هي التي شيّأت فكرة المنتدى وأخرجتها إلى نور الواقع، كما تمت الموافقة على وجود دولة فلسطين في المجلس التنفيذي تأكيد لحضور دولة فلسطين العربي الدائم، ومن ثم جرت انتخابات مباشرة لاختيار خمسة أعضاء للمجلس التنفيذي، وجاءت النتائج على النحو التالي: جائزة نجيب محفوظ/مصر، جائزة شومان/الأردن، جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية/الكويت، جائزة أركانه العالمية للشعر/المغرب، جوائز مؤسسة الفكر العربي/لبنان، كما فازت الكويت ممثلة بالأديب طالب الرفاعي بان يكون نائب رئيس المنتدى.

أنجز الاجتماع الأخير للجائزة الاتفاق على كل ما يخصّ أهداف الجائزة، وكذلك شروط العضوية في المنتدى سواء كانت فاعلة أو شرفية، وكل ما يتعلق بلوائح وأسس الجمعية العمومية والمجلس التنفيذي. إضافة إلى اعتماد ممثلي الجوائز العربية لشعار المنتدى، وكذلك استعراض والموافقة على الموقع الإلكتروني للمنتدى، الذي أطلق بصيغته الأولى، شاملاً المعلومات الضرورية لجميع الجوائز التي حضرت الاجتماع، وعاملاً على أن يكون بوابة للتعريف بالجوائز العربية حول العالم، خاصة وأنه سيُدعَّم مستقبلاً باللغة الإنكليزية.

إن وجود منتدى للجوائز العربية، إنما يمثل اعترافاً صريحاً بالإبداع والمبدع العربي ويعمل متعاوناً فيما بين أعضائه للوصول بالجائزة العربية إلى أفضل المستويات والانتقال بها لضفاف أخرى عبر العالم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق