السياحي
تحت سماء الفاتيكان: ساعة في الساحة المقدسة
كتب: حسن المطروشي
إنها ظهيرة يوم الأحد الموافق 20 أكتوبر 2019م، وهو آخر يوم في زيارتي الأخيرة لروما. موعد إقلاع الطائرة الساعة العاشرة مساء. إذن هي الفرصة الذهبية لزيارة الفاتيكان وحضور طقوس الأحد.
سآخذ الحافلة التي تتوقف في المحطة بالقرب من مقر إقامتي. وما هي إلا دقائق معدودة حتى تقف بنا الحافلة في محطة الفاتيكان. إنني أقف الآن في إحدى أصغر دول العالم من حيث المساحة والسكان، ولكنها رغم صغرها تقود روحيا أكثر من مليار مسيحي في العالم بأسره. خطوات قليلة توصلني إلى نقطة تفتيش الدخول إلى ساحة القديس بطرس. لا أحد يسأل هنا عن هويتي أو ديني. الناس تتوافد على المكان الذي بدأ يغص بالحضور كلما اقترب موعد ظهور البابا من شرفته في القصر الرسولي الذي يطل على الحشود في الساحة المرصوفة بالبلاط الغرانيتي الأسود، وتتوسطها مسلة كاليغولا المجلوبة من مصر، ويحملها أربعة أسود من البرونز، إلى جانب نافورتي ماردينو وفونتانا. ويحيط بهذه الساحة القصر الرسولي وكاتيدرائية القديس بطرس، وغيرها من العالم ذات البعد الروحي التي تحتوي على بعض أعظم كنوز العالم من الفنون والأسرار.
يطل البابا في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا. يتلو مواعظه ويرتل صلواته لمدة ما يقارب عشر دقائق. ثم ينصرف ويسدل الستار، ليغادر الجميع وتخلو الساحة بعد وقت قليل.
أخرج من الساحة مع الجموع المتدفقه بانتظام. أسير في شارع الفاتيكان الفسيح الذي يعبر بي بمحاذاة إحدى الحدائق، عروجا إلى قلعة سانت أنجلو المهيبة مطلة على نهر التيبر العتيق.
قلعة سانت أنجلو، أو ضريح الإمبراطور هادريان، بناه في حياته ليضم رفاته بعد الموت. في هذا الضريح توجد غرفة الخزنة التي تضم جرة تحتوي على رماد أجساد عدد كبير من الأباطرة الرومان. وقد استخدمت في فترة معينة قلعة عسكرية ثم تحولت الآن إلى متحف كبير يؤمه آلاف السياح يوميا. وينتصب على قبة القعلة تمثال الملاك الذي أخذت القلعة منه اسمها الجديد.
أخرج الآن من دولة الفاتيكان عائدا إلى روما. ما زال هناك الكثير لمشاهدته وزيارته في هذه المدينة الأسطورية المنقوشة بالتاريخ والفن. إنك تكاد تسمع هنا سنابك خيول الفرسان وابتهالات القديسين وتلمح طيوف الأباطرة في كل مكان. ولكن الوقت يضيق وعلي جمع حقائبي للحاق بالطائرة العائدة إلى مسقط القلب.