العام
تعليم المرأة اليمنية عادات وتقاليد مانعة في الماضي والحاضر
بحرقة وألم تتنهد حسينة إسماعيل البالغة من العمر 45 عاما على أيامها السابقة التي كانت تحلم أن تتعلم فيها، تقول حسينة: كنت أذهب يوميا كي أتعلم في أماكن بدائية، لكن والدي يرفض تعليمي، ورغم ذلك أصررتُ على الذهاب للتعلم حتى كنت أُضرب من والدي وأخي الأكبر أكثر من مرة، لم أصمد كثيرًا وتركت التعليم رغما عني، كان حلمي هو التعليم مثلي مثل أي امرأة متعلمة وأصبح لها شأن الآن، تقول حسينة إنها تعمل على حث بناتها على التعليم والمثابرة، ولا تريد أن تحرم بناتها التعليم وتذوقهن ألم الجهل والحرمان، كونها عانت من ذلك ولا تريد توريث تلك المعاناة لبناتها.
رسالة اليمن: عبد الخالق محمد منصور
حسينة إسماعيل ليست المرأة اليمنية الأولى التي أجبرتها العادات والتقاليد السابقة والحالية في بعض مناطق اليمن على ترك التعليم، بسبب ما كان تراه جملة من الناس في السابق أن تعليم المرأة عيب في حق أهلها، هذه النظرة ربما تغيرت الآن في نفوس بعض من أبناء اليمن، لكنها مازالت موجودة في بعض المناطق ذات الطابع القبلي، وتعتبر تعليم المرأة وذهابها للتعلم المدرسي أو الجامعي عيب في حقها، وحق أهلها.
تقول كاملة القطيبي وكيلة إحدى المدارس التعليمية في اليمن: كانت البدايات صعبة جدا حيث العادات والتقاليد والموروث الخاطئ، أيضًا الفهم القاصر للدين حرمت البنت اليمنية من التعليم، خاصة في الأرياف، وإن سمح لها بالتعليم كانت مجرد مرافق لأخيها حتى يشتد عوده، وتضيف كاملة: هناك أعداد قليلة جدا منخرطة في التعليم ونادرا ما تصل لإتمام المرحلة الابتدائية، مشيرة:إلى أن ثقافة العيب هي السائدة، وخصوصا لم تكن مدارس اليمن من قبل منفصلة عن الذكور فهي مختلطة.
وتؤكد كاملة القطيبي كلام المرأة حسينة آنفة الذكر: أن واحدة من بنات الريف ممن عانت جدا من هذه الظاهرة تحدثت لها قائلة: «إنها تعرضت للضرب مرارا من والدها؛ بسبب تحريض بعض أفراد الأسرة على عدم تعليمها، برغم أن والدها كان يفخر بالدرجات التي كانت تحصل عليها، إلا أن التحريض كان قويا ومستمرا، ولكن مع الاصرار والمثابرة جعلتها تتخطى المشوار، وصار من كانوا يحرضون والدها يعلمون بناتهم ليس كلهم إنما الأغلب هذا كان بالريف.
تضيف كاملة أن في المدينة كان التعليم متاحًا للمرأة اليمنية، ففيها مدارس مستقلة ومنفصلة عن الذكور مرت الأمور بسلاسة، وعن مستقبل تعليم المرأة اليمنية اليوم، تقول كاملة: أن التعليم الآن أصبح يتزايد بأعداد كبيرة من قبل الفتيات، وأيضًا كبار السن ممن حرمن من التعليم سابقًا، وتوجز كاملة الأسباب التي أدت لإقبال المرأة اليمنية على التعليم هو ارتفاع منسوب الوعي لدى أولياء الأمور باهمية التعليم، وكذلك فرص العمل للمتعلمة أفضل والتعامل كذلك، إضافة إلى انتشار المنظمات ووسائل التواصل الاجتماعي أدى أيضا للأقبال على التعليم، وانتشار مراكز التدريب والتأهيل وتبوء المرأة مناصب قياديه عليا ومرموقة شجع أيضا الالتحاق على التعليم..
ظلت المرأة اليمنية في الماضي حبيسة العادات والتقاليد التي تحد من تعليمها، ورغم أن الماضي أصبح مندثرًا، وبدأت المرأة اليمنية تتحرر بعض الشيء، وتدخل في مجال التعليم بشكل أكبر، إلا أن العادات والتقاليد الخاطئة في كثير من المناطق ما زالت تسيطر، وهو ما تؤكده المدير التنفيذي لأكاديمية الاعلام العربي في مدينة تعز اليمنية ريم القرشي، حيث أكدت: أن في المجتمع اليمني طابعًا خاصًا ومحدودًا حول المعطيات المتاحة للمرأة اليمنية من حيث حقوقها المشروعة دينيًا، مثل: التعليم والمشاركة في شتى مجالات الحياة والتي باستطاعتها أن تقدم ما يقدمه الرجل وقد تفوقه.
وأضافت ريم القرشي أن: المرأة استجابت لفترة من الزمن وانصاعت رغمًا عنها لعادات وتقاليد مفروضة هضمت حقوقها بشكل كامل، وبما أن العالم أصبح مفتوحًا وأصبحت العولمة حاضرة في العصور الحالية استطاعت المرأة اليمنية أن تتعرف على حقوقها، بل وتنتزعها لإدراكها أحقيتها في العيش والتعليم ومزاولة مهن كثيرة، وهذا بعد أن أدركت أنها كانت محصورة خلف قضبان عادات وتقاليد وثقافات مجتمعية ليس إلا.. وتضيف ريم « أن الكبت الذي عانت منه المرأة اليمنية لا علاقة له بالدين، مضيفة أن المرأة اليمنية استطاعت أن تفجر كل طاقاتها المكبوتة والتي منحتها مكانًا مرموقًا في مجتمعها وحصلت على تقديره أيضًا، واختتمت كلامها بالقول إن المرأة اليمنية في داخلها كنز مكبوت متى ما أدركت قيمة نفسها تجاوزت كل الأعراف المغلوطة والمحقرة لها.
ماريا صبري إحدى الفتيات اليمنيات تذهب بعيدًا عن كل ما ذكر، حيث ترى أن المجتمع اليمني، وخاصة الذكور متخوفٍ من استقلالية المرأة بحياتها وبمصروفها، ولم تعد بحاجة للرجل في حال امتلكت التعليم، وهذا ما يجعل معظم أفراد المجتمع يثنون المرأة عن التعليم، وتضيف: أن هناك عاملًا آخر هو قلة المدارس في بعض المناطق الريفية، بل تكون منعدمة تمامًا، أرجوان محمد فتات يمنية تشاطر ماريا القول: إن ثقافة التوعية والتشجيع للبنات متدهورة، وتقاليدنا كبيرة، وهناك من يتمسك بتقاليده للآن، وهذه مشكلة يجب التوعية والتثقيف بها من جانب الأسرة لتلافيها وتلاشيها.
آراء مختلفة ومتباينة حول تعليم المرأة اليمنية في الحاضر والمستقبل ومدى تطوره في ظل وجود عادات وتقاليد مجتمعية تعتبر التعليم جزءًا لا يتجزأ من ثقافة العيب والعار للمرأة اليمنية، يقابلها تعليم وتثقيف وتوعية للحد من هذه الظاهرة السيئة في المجتمع اليمني وتجاوزها في المستقبل.