الثقافي
صدر عن مؤسسة بيت الغشام.. الشيخ محمد بن يوسف أطفيش نحويا
عرض كتاب:
يعد الشيخ محمد ب يوسف أطفيَّش من أبرز أعلام التفسير المتأخرين. ورغم نشاطه العلمي، وجهوده الخيّرة، وأعماله الطيّبة التي تشهد له بالريادة والرسوخ العلمي فإنَّه لا يزال مجهولًا عند بعض الدارسين.
من هنا يسعى الباحث يونس بن خلف المجيزي في كتابه (الشيخ محمد بن يوسف أطفيش نحويا)، الصادر عن مؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والإعلان، إلى إضاءة الجانب النحوي عند هذا العالِم، ورصد اختياراته وترجيحاته إذ لم يكن ـ رحمه الله ـ فقيهًا فحسب، وإنّما كان نحويًا من طراز عالٍ خدم العربية بمؤلفات عدة.
يقول المؤلف في مقدمته: “موضوع بحثنا مرتبط بالجانب التطبيقي؛ لأنَّ الشيخ أطفيَّش عرض كثيرًا من المسائل النحوية في تفسيره لآيات القرآن الكريم، واختار ما يراه الراجح وفقًا لما تتقبله الصناعة وأساليب اللغة العربية وضوابطها. ولا شك أنّ الدّراسة التطبيقية النحوية على النصوص أفضل وأجدى بعامة، فكيف إذا كانت مع النص القرآني”.
وتسعى هذه الدراسة إلى معرفة مدى موافقة توجيهات الشيخ أطفيَّش النحوية في التفسير لما هو مقرر عند النحاة والوقوف على مدى إفادته ممن سبقه من النحاة نقًلا لأقوالهم، أو اعتراضًا عليها، أو تفسيرًا لغامضها، أو موافقةً لها، أو انفرادًا بآراء مستقلة عنها. إلى جانب الوقوف على مدى إفادته ممن سبقه من النحاة نقلًا لأقوالهم، أو اعتراضًا عليها، أو تفسيرًا لغامضها، أو موافقة لها، أو انفرادًا بآراء مستقلة عنها.
قسم المؤلف كتاب إلى مقدمه وفصلين وخاتمة. تناول في الفصل الأول: المسائل النحوية في تيسير التفسير، ويهتم هذا الفصل باستقراء المواضع النحوية، وفرزها إلى مسائل، وتحليلها، والترجيح بينها ما أمكن. أما الفصل الثاني فيدرس منهج الشيخ أطفيَّش وآراؤه في تيسير التفسير.
ومن أهمَّ النتائج التي ظهرت للباحث وخرجت بها الدراسة تتمثل في أن الشيخ أطفيَّش نحوي ولغوي كبير بلغ مكانة عالية في نفوس معاصريه والذين من بعدهم على السواء. كما أن الشيخ أطفيَّش لم يكن مرددًا لآراء المتقدمين، أو معارضًا لهم على الإطلاق، وإنّما استطاع أن يوظّف هذه الآراء توظيفًا يدعم الفكرة التي يستند فيها إلى تلك الآراء مستحسنًا إيّاها أو موافقًا لها أو معترضًا عليها، أو واقفًا بين هذا وذاك بالسكوت عنها.
ويتّضح من خلال استقراء الباحث لآراء الشيخ أطفيَّش النحوية أنَّه ينتهج منهج البصريين، ويقتفي أثرهم ويأخذ بأقوالهم، ويعتمد أسسهم في البحث، ويتكئ على قواعدهم في غالب آرائه وترجيحاته، ويدل عليه أيضًا التزامه بمصطلحات المذهب البصري، والتزامه بقواعده الأساسية وأصوله في مسائل الخلاف، ولكن لا يعني هذا أنَّه ملازم لجميع أقوالهم بل قد يُخالفهم إلى رأي الكوفيين أو غيرهم أو أن يجتهد.
ولم يقتصر الشيخ أطفيَّش على إيراد القراءات القرآنية الصحيحة، بل أورد الشاذ منها دون أن يصفها بالشذوذ، أو يحكم عليها إلا قليلًا، وكان يحتج بالقراءة الشاذة في مسائله النحوية إذا توفر فيها صحة السند.
كما أن الشيخ أطفيَّش لم يستغلى ثراء ديوان العرب في تفسيره كما استغل ثراءهم النحوي والبلاغي؛ فهو قد استشهد بجملة متواضعة من الأشعار جاءت مبثوثة في مواطن مختلفة من تفسيره، وقد استشهد بشعر طائفة كبيرة من شعراء عصر الاحتجاج، وبعبارات النثر المنقولة، واستأنس بأشعار بعض المولدين كأبي تمام وأبي نواس والمتنبي.
وقد ورد في التفسير ما يشير إلى أنّ الشيخ أطفيَّش من جملة المانعين للاستشهاد بالحديث النبوي الشريف في النحو، غير أنّه لم يلتزم بهذا المنهج؛ إذ وجدناه في مواضع كثيرة من تفسيره يَستشهد بالحديث النبوي الشريف، في تفسير لفظ من ألفاظ الآيات، أو لإثبات قاعدة نحوية أو لغوية مطردة.
ويذهب الباحث إلى أن المتتبع لتفسير الشيخ يجد مباحث لغوية عديدة حاول أن يَسبر من خلالها أغوار الألفاظ والتعابير القرآنية، مستعينًا بآراء كبار علماء اللغة المشهورين. وكان الشيخ يهتم كثيرًا بالجانب الإعرابي في القرآن الكريم، انطلاقًا من كون الإعراب أداة مساعدة على استجلاء المعنى وتوضيحه.
ويخلص الباحث إلى أن الشيخ أطفيَّش مقلِّدًا لم يكن وإنّما كان مجتهدًا في دراساته النحوية وقد يُخالف إجماع النحويين في ذلك، وكان يتميز بالجرأة في مناقشة الآراء، تأييدًا أو اعتراضًا أو تجديدًا.