العام
الأخوات ميرابال .. مناضلات تخلدهن السينما والعملة والطوابع
خالد المعمري
باحث في التاريخ البريدي
من هن الأخوات ميرابال؟ وما سبب تكريمهن بإصدار طوابع رسمية لهن، ووضع صورهن على عملة 200 بيزو، إصدار جمهورية الدومنيكان. تبدأ القصة من عام 1981 حيث حدد النشطاء في منظمة “Encuentros” النسائية بأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يوم 25 نوفمبر بأنه يوم مكافحة العنف ضد المرأة وزيادة الوعي به. كما قامت الأمم المتحدة رسميا سنة 1999 بتخصيص تاريخ 25 نوفمبر من كل عام يوما لمناهضة العنف ضد المرأة تكريما لهن وتحولت قصتهن إلى فيلم سينمائي تم إنتاجه في العام 2001، بعنوان “في زمن الفراشات”.
الاخوات ميرابال هن أربع شقيقات من جمهورية الدومينيكان عارضن ديكتاتورية رافائيل تروخيو (وهو دكتاتور جمهورية الدومينيكان الذي تولى الحكم عام 1930م إلى أن تم اغتياله عام 1961م. وقد عُرفت السنوات الثلاثون التي قضاها في السلطة بعصر تروخيو والتي اعتبرت إحدى الفترات الأشد ضراوة التي شهدتها الأمريكيتان، وكان رجلا عسكريا قويا تسبب في مقتل مايزيد عن 50000 شخص). وكانت الأخوات مشاركات في أنشطة سرية ضد نظامه. عُرِفت الأخوات الثلاث باسم الفراشات Las Mariposas (لاس ماريبوساس) أثناء عملهن السياسي السري ضد تروخيو.
نشأت الأخوات في بيئة من الطبقة المتوسطه في أحضان والديهن، وخلافا لأخواتها لم تلتحق ديدي (بيلغيكا أديل) بالكلية. الشقيقة الرابعة التى لم يجرِ اغتيالها عملت كربة منزل وساعدت في إدارة الأعمال العائلية في الزراعة والماشية، ولكن الفتيات الأربع تأثرن بآراء عمهن الذي انخرط في النشاط السياسي ضد تروخيو.
في يوم ما تلقت الأسرة دعوة لحضور حفل في قصر الحاكم واضطروا إلى تلبيتها خوفًا من تداعيات الرفض ليكون هذا الحفل هو بداية الصراع المباشر بين الأخوات والديكتاتور. وكانت مينيريفا الاكثر جمالاً بين الشقيقات، فرآها الديكتاتور تروخيلو وطلب الرقص معها، وخلال الرقص حاول مضايقتها والتحرش بها وهو ما أدى إلى انفعالها عليه وإهانته أمام الحاضرين وغادرت المناسبة مع عائلتها.
لكن تروخيو حرمها من الحصول على ترخيص العمل كمحامية بعد إتمام دراستها للقانون بالجامعة، ولم يكن هذا عقابًا على فعلتها التي أرغمها على الاعتذار عنها وإنما كان إنذارًا وتحذيرًا مما هو أسوأ إذا استمرت في معارضته، ولكنها قامت بتشكيل حركة ضمت مجموعة من المعارضين لنظام “تروخيلو”، وعرفت باسم “حركة الرابع عشر” من يونيو، إلا أن “تروخيلو” سرعان ما عرف بالحركة وأمر باعتقالهن وذويهن حيث جرى سجنهم والتنكيل بهم.
في عام 1960 أدانت منظمة الدول الأمريكية أعمال تروخيو وأرسلت مراقبين إلى الدومنيكان فجرى الإفراج عن مينرفا، إلا إن الرجال بقوا في السجن.
وفي نوفمبر 1960 كانت الشقيقات يزرن الأزواج المسجونين. وفي الطريق إلى البيت تم إيقافهن من قبل أتباع تروخيو وتعرضن للضرب الوحشي حتى الموت، ثم اعيدت جثثهن إلى السياره ليبدو موتهن وكأنه نتيجة حادث سير. لقد كانت قتل الأخوات ميرابال بمثابة شرارة زادت من حدة الكفاح ضد نظام تروخيو. وبعد ستة أشهر من اغتيالهن، قُتل تروخيو على يد قادة من الجيش.
أما الشقيقه الرابعه فلم تختر النضال السياسي إلا أنها كانت تقدم لهن مايحتجنه، وكان لها الدور الكبير بنقل قصة اغتيالهن للعالم ليتم بعد ذلك تخليد ذكراهن حتى وفاتها في 2014م.
وبعد انهيار نظام تروخيلو، كرمت ذكرى الأخوات ميرابال، وقامت أختهن الرابعة المتبقية على قيد الحياة المسماة “ديدي” بتحويل المنزل الذي ولدن فيه إلى متحف لشقيقاتها الراحلات يضم مقتنياتهن، إضافة للكتب والأفلام الوثائقية والسينمائية التي خلدت ذكراهن.