مقالات
لا شريك له
حمدة بنت سعيد الشامسية
(أصبحنا وأصبح الملك لله لا شريك له) أثناء مشوار المشي الصباحي الذي أختار له وقت الفجر، عملت على ترديد هذا الدعاء مرارا وتكرارا، وعيني على المكان الذي تعودت أن أرى الشمس تشرق منه كل صباح، ولعل هذا المشهد بالذات هو ما يحفزني كل يوم على الالتزام بهذا الروتين الصباحي، وأنا أترقب لحظة الشروق وأردد ذلك الدعاء الذي رددته مئات المرات بشكل آلي منذ أن وعيت على الدنيا، وأتوقف عند كل كلمة، وكأنني أقرؤها للمرة الأولى. فزعت وأنا أدرك معانيه التي لم أشغل نفسي بها يوما، طوال حياتي وأنا أردده، اليوم كنت أردده و بالي مشغول ب(هدف) أو حلم قضيت حياتي أعمل من أجله، وفي تلك الأثناء مر شريط حياتي أمامي سريعا، بكل نجاحاته وإخفاقاته، بكل تجاربه المريرة والسعيدة في آن معا، وأفزعني إدراكي بأنني وبدون وعي مني (أشركت بالله) في كثير من أمور حياتي، ويعود ذلك لأنني فهمت بأن الشرك بالله يعني الإيمان بوجود آلهة متعددة، لكن أدركت بأننا نشرك بالله حينما نعتقد بأن من حولنا لهم يد في تحديد مصائرنا. كثر هم هؤلاء الذين أشركناهم بالله، من والدين ظننا أنهم يستطيعون تحضيرنا للمستقبل، وتوفير الأمان لنا، إلى أفراد أسرة وأصدقاء ومعارف وزملاء عمل، تخيلنا أنهم يستطيعون منع (عطايا الرحمن) عنا حسدا وغيرة.
رؤساؤنا في العمل الذين أشركناهم بالله في تقرير مصيرنا المهني، وسلمناهم للأسف زمام حياتنا، وتخيلنا أنه بأيديهم منحنا أو منعنا تلك البعث الدراسية، أو تلك الترقية أو ذلك المسمى الوظيفي، متناسين بأن كل هؤلاء لا يتعدون أن يكونوا أسبابا، أو كما وضعها المغفور له بإذن الله تعالى الإمام الشعراوي: لا تبتئس من تدابير البشر فأقصى ما يستطيعون هو تنفيذ إرادة الله.
بيده وحده الملك، جلت قدرته، ووحده موزع الأرزاق ربي الكريم المنان تجلت قدرته، لو فقط أيقنا بهذا ما دخل القلق حياتنا، ما ابتأسنا ولا حزنا لفقدان أمر وضعنا نصب أعيننا عليه في يوم ما، له الملك سبحانه، ووعدنا وعد حق بأن (يستجيب) جلت قدرته لكل أمنياتنا وأحلامنا لو تضرعنا بها بيقين بأنه الرزاق الكريم. تعمينا العجلة للأسف أحيانا عن هذه الحقيقة، ويغشانا اليأس سريعا في حال لم تظهر في الأفق بوادر تحقق هذه الأحلام، غير مدركين أنه في اللحظة التي رفعنا فيها أيدينا تضرعا، هناك جنود مجندة قد انتشرت سعيا لتحقيق تلك الأمنية.