خاص: التكوين
للحوار مع الكتاب والباحثين والمبدعين طعم خاص، لاسيما في الأوقات الاستثنائية، كالتي نمر بها الآن جراء جائحة فيروس كورونا. فهم يقدمون جانبا من رؤاهم ومتابعتهم لما يجري، كما يقدمون أفكارهم الاستشرافية للمستقبل المحتمل الذي ينتظر المجتمعات، نتيجة التداعيات التي تخلفها الأزمات بعد مرورها.
في زاويتنا الحوارية نلتقي اليوم مع الكاتب والباحث يونس النعماني، الذي يرى وفق اعتقاده أن حدث أزمة كورونا (كوفيد 19) هو حدثٌ تاريخي جلل ومهمٌ جدًا في نفس الوقت، وتجربةٌ إنسانيةٌ سيخرج منها العالم محملاً بكثيرٍ من التساؤلات والتجارب، والتأمل، مثلها مثل الأحداث التاريخية المهمة التي أثّرت في مجرى التاريخ، فالعالم قبل كورونا ليس نفسه بعد كورونا. العالم يتغيرُ بسرعةٍ كبيرةٍ، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما سيحدث على المدى القريب، حتى أن عالم المستقبليات توفلرToffler) ) لم يستطع أن يتنبأ بشبكة الإنترنت في كتابه الصادر عام 1990 م.
ويضيف يونس النعماني متسائلا: من منا كان يتوقع أن نصبح بلا تواصل اجتماعي، أن تكون المدن بلا ضجيج، الشوارع بلا سيارات، ومحطات القطارات بلا انتظار ولا ركاب، والسماء بلا سرب من الطائرات، من منا توقع أن تكون هناك إجازة جماعية عن العمل، أن نهجر أماكن التسوق، والحدائق، والشواطئ، والجامعات، والمكتبات، والمقاهي، أن لا نلتقي بأسرنا الكبيرة، بالأصدقاء، بزملاء العمل. هكذا أصبحت الحياة في زمن الكورونا.
ويقترح الباحث يونس النعماني أن علينا أن نستفيد من هذا الحدث العالمي، أن نلتفت إلى عدة أمور – ربما كنا لا نعيرها ذلك الاهتمام-، ومنها: الالتفات إلى البيئة، والمحافظة عليها، فمنذ بداية الأزمة في نهاية عام 2019، تم رصد كثير من جوانب التحسّن في الأخطار المهددة لكوكب الأرض واتساع ثقب الأوزون؛ بسبب الاحتباس الحراري الذي سببه التلوث البيئي؛ مما انعكس على النظام البيئي لكوكبنا الأرض.
أيضا من جوانب الاستفادة استخدام التكنولوجيا في حياتنا اليومية، التسوق عن بعد، التعليم عن بعد، والعمل عن بعد، حتى أنني حضرت عن بعد مناقشة لدرجة الماجستير في المملكة العربية السعودية، وكانت تجربةُ جميلةُ جدًا.
أما عن طقوس الحجر المنزلي بالنسبة ليونس النعماني فإن الأمر لم يتغير كثيرًا في جدوله اليومي، ويوضح ذلك قائلا: جرت العادة لديّ أني لا أفارق الكتاب، فهو الصاحب الذي لا يملني، وأجده متى ما احتجت إليه، يأنس بي وأنس به، لقد قسمّت وقتي بحيث أنني استفيد منه، فهناك العمل عن بعد -إذا ما اقتضت الحاجة-، ومدارسة الأولاد، وتشجيعهم على التعلّم، والقراءة، وممارسة بعض الهوايات، مثل: الرياضة، والزراعة المنزلية، التي شغفت بها كثيرًا هذه الفترة. واستفدتُ أكثر في قراءة وتلخيص الكتب الخاصة بدراستي، وكتابة بعض المقالات. يبقى المهم أننا نصنع ظروف حياتنا، ونتفاعل معها؟ هل ننتظر الفرص أم نخلقها؟ وكيف يمكننا التحكم بزمام الحياة وفقا للكاتب الشهير ستيفن كوفي في كتابه العادات السبع.
وبالنسبة للإجراءات الوقائية والاحترازية المتعبة معنا في السلطنة، يرى يونس النعماني أنها اتخذت نظام التدرج في التطبيق، ومنذ انتشار هذا الجائحة قدم رئيس وأعضاء اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) كثير من التدابير للحد من انتشار الوباء، والإجراءات مرضية ولله الحمد، ويبقى التركيز على الوعي الجمعي والفردي في المجتمع في الابتعاد الاجتماعي والخروج بأقل الخسائر حتى تمر هذه الجائحة بسلام وآمان بإذن الله تعالى. ونسأل الله يحفظ الإنسانية من شر هذا الوباء.
