العام
البرقع العماني .. موروث الحشمة وجمال الأصالة
خاص: التكوين
رغم التحولات الحديثة التي شهدها المجتمع في السلطنة في ظل التطور والتغيير الذي طال مختلف جوانب الحياة، إلا أن البرقع ما يزال يثبت حضوره في العديد من المناطق، بمختلف أشكاله وأنواعه التي تتعدد وتتباين وفقا للمنطقة وعاداتها وتقاليدها الاجتماعية المتوارثة. ومن المناطق التي تنتشر فيها عادة لبس البرقع لدى النساء منطقة الباطنة والظاهرة والشرقية والوسطى ومسندم.
ونسلط الضوء هنا على البرقع المستخدم في شمال الباطنة، الذي يبدو رشيقا إلى درجة كبيرة، فهو يغطي منطقة الخدين من الوجه والشفتين وجزء يسير من الجبين، بينما تتوسطه في الجانبين فتحتان واسعتان للعينين. وتتفنن النساء في تفصيل البرقع وصقله وتشذيبه. وتسمى خياطة البرقع “قرض” البرقع، وتتعلمها الفتيات عادة من أمهاتهن أو من النساء الكبيرات في السن. وتتخذ بعض نساء من “قرض” البراقع مهنة لتوفير بعض الدخل للعائلة.
يصنع البرقع من قماش قطني مصبوغ بالنيل، ويأتي بعدة ألوان منها الأسود والذهبي اللامع وغيرها. ويتوسط البرقع قطعة خشبية تسمى (السيف)، تمتد من أعلى الأنف إلى أسفل الشفتين، مثبتة بإحكام في القماش، وتهدف إلى تعزيز تماسكه وصلابته من الوسط. كما يثبت في طرفي البرقع من اليمين واليسار خيوط ملونة تسمى (الشبق)، تستخدم لربط البرقع في الجانب الخلفي من رأس المرأة لحمايته من السقوط عند ارتدائه.
في منطقة الباطنة كانت الفتاة تبدأ بلبس البرقع عند بلوغ سن الرشد لدى بعض الأسر أو بعد خطبتها للزواج. وكان يعد بمثابة الستر أو الحشمة، ولا يجوز للمرأة أن تخلعه أمام الرجال سوى محارمها.
ومع تطور المجتمع وتحوله الثقافي بدأت عادة لبس البرقع تتلاشى وتندثر شيئا فشيئا في الباطنة، فأصبحت مظهرا خاصا بكبار السن من النساء. فيما يدرتيه البعض في الحفلات والمناسبات الاجتماعية كنوع من الزينة فقط، ويلاحظ حاليا ان يجري التفنن فيه وإدخال بعض اللمسات الإضافة في مكوناته وقصاته وطريقة ارتدائه التي باتت تقتصر على الزينة المستوحاة من التراث.