شركة ذات منتج متفرد، شركة «خوصة» الطلابية من الكلية التقنية بنزوى، التي تأسست في مارس من العام 2018م. من خلال سعي هؤلاء الشباب لإيصال رسالة إلى المجتمع باستخدام الموارد الطبيعية من أجل إيجاد حلول ذات جودة عالية، وتزويد المستهلكين بمنتجات مستخلصة من سعف النخيل باستخدام تقنية النانو. تحدث في السطور الآتية الطالب مهند بن إبراهيم الهاشمي، المتخصص في هندسة الاتصالات، نيابة عن أعضاء الشركة المساهمين وهم: زكريا الحجي المدير التنفيذي للشركة، وبدر الوضاحي المدير المالي، وإيمان التوبية مديرة تطوير المنتج، وبسمة الهاشمية مديرة التسويق، ومروى الحراصية مديرة الموارد البشرية، ومحمد الإسماعيلي مدير المبيعات، ومهند الهشامي موظف في قسم التسويق، وإشراق الشريقية موظفة في قسم التسويق.
حوار: أنوار البلوشية
حدثنا مهند الهاشمي عن بداية فكرة الشركة حيث قال: تم تدشين مسابقة (شركتي) الذي تنظمه شركة إنجاز عمان، وتشارك فيه جميع الكليات والجامعات في السلطنة، فأحببنا المشاركة، حيث قمنا بتشكيل مجموعة تضم أعضاء من مختلف المجالات والمواهب داخل الكلية، ولله الحمد كوّنا مجموعة منسجمة جدا، وكل فرد فيها لديه الرغبة والاصرار لدخول المسابقة بكل قوة وحب وعطاء. بداية اجتمعنا لمناقشة الأفكار حول ابتكار منتج جديد وفريد للشركة، حينها طرح زكريا الحجي، وهو المدير التنفيذي ومؤسس الشركة، فكرة مادة مستخلصة من سعف النخيل لها عدة عوامل يمكن الاستفادة منها، حيث قام الفريق بمباشرة العمل والتركيز على الفكرة المطروحة. أحببنا فكرة استغلال موارد الطبيعة لتقديم حلول ذات جودة عالية، وتعزيز مفهوم تقنية النانو، واستغلال الموارد المحلية كمواد أولية للإنتاج. اسم الشركة (خوصة) تم استنباطه من سعف النخيل.
سعف النخيل
وبالحديث عن المنتج الرئيسي للشركة ذكر الهاشمي، قائلا: المنتج عبارة عن مادة طبيعية مستخلصة من سعف النخيل بتقنية النانو، أي يتكون المنتج من سعف النخيل (الخوص)، وتقنية النانو التي هي عبارة عن وحدة قياس صغيرة جدا، حيث يساوي واحد من مليون من الملليمتر، أي استحالة رؤيته بالعين المجردة أو المكبرات البسيطة، حيث يستخدم النانو في القياسات الذرية من أجل تحديد أحجام جزيئات المادة فيها، بناء على ذلك يمكن تعريف تقنية النانو على أنها العلم الذي يدرس إمكانية تغيير المادة على مستوى النانو، وذلك لإنتاج مواد جديدة أو أجهزة متطورة لخدمة مصالح الإنسان في مجالات مختلفة، ولابد من الإشارة إلى أن مصطلح «النانو» من المصطلحات العلمية القديمة التي تطرق لها العالم ريتشير فينمان في عام 1959م خلال محاضرة ألقاها في الجمعية الفيزيائية الأمريكية، حيث إنه قال: يوجد حيز كبير داخل الذرة، إلا أن الأمر لم يؤخذ على محمل الجد في ذلك الوقت. ومن الصعوبات التي تواجه مستخدمي تقنية النانو، هو صغر حجم جزيئات المادة، مما يؤدي إلى صعوبة التحكم فيها أو حتى إدراكها، وكذلك صعوبة التحكم في جزيئات المواد بعد إزالتها من أماكنها بهدف توجيهها إلى أماكن جديدة، وأيضا عدم القدرة على التنبؤ بنتائج تغيير الجزيئات، مما يؤدي إلى ظهور نتائج غير مرغوب بها.
تقنية النانو
وأضاف مهند قائلا: اخترنا النانو لأنها المادة الأنسب لاستخراج منتجنا، حيث نقوم بطلاء المركبات بهذه المادة المستخلصة من سعف النخيل لحمايتها من الخدوش والعوامل المؤثرة للطلاء، مثل الحرارة والمياه والأتربة. حيث يعد طلاء المركبات (الصبغ) عبارة عن مزيج من مواد كيميائية وغيرها، فهي قابلة للتغيير والتأثر بالعوامل الخارجية، فالمنتج تم صنعه لحماية طلاء المركبات من الخدوش والعوامل المؤثرة، ولجعل صبغة المركبة على حالتها الأصلية لا يتغير لونها ولا تتشوه مع مرور الوقت. وطريقة عمله تكون بوضعه على أسطح السيارات، وتتم صناعته من مخلفات سعف النخيل التي تقدر حوالي 40% من مجمل المخلفات. نعمل على صناعة المنتج في مختبر جامعة نزوى المزود بأجهزة حديثة، وتحت إشراف الأساتذة المتخصصين في مجالات مختلفة. نسعى إلى تطوير المنتج لتزويد المستهلكين بمنتجات ذات جودة باستعمال مواد طبيعية مستخلصة من سعف النخيل بتقنية النانو. واستغلال الطبيعة لتقديم حلول ذات جودة عالية، وتعزيز مفهوم تقنية النانو، وذلك من خلال استغلال الموارد العمانية الطبيعية كمواد أولية للإنتاج. وتسعى الشركة منذ تأسيسها إلى عدم إهدار أي موارد طبيعية خلال عملية التصنيع.
صديق للبيئة
وعن المميز في منتج الشركة ذكر الهاشمي قائلا: يتميز منتجنا بخواص مختلفة عن المنتجات المتوفرة في الأسواق من حيث التكلفة والاستدامة، وبعد دراسة واستشارات تم تقييم المنتج على أنه من المنتجات ذات استدامة أطول عن المنتجات الموجودة في الأسواق حاليا، وسعره سيكون في متناول الجميع. وهذا الطلاء صديق للبيئة غير ضار، ولا يحوي إضافات كالألوان والصبغات التي تؤثر على سطح السيارة أو زجاج مصابيحها، ولا يؤثر على الأسطح الأخرى كالبلاستيك والمصابيح. ويتميز المنتج بتركيبته الطاردة للمياه والحرارة، وكذلك على قدرته في حماية الصبغة من الخدوش، ويقي صبغة المركبة من التغيير ويبقيها على حالتها الأصلية. والأهم من ذلك هو أن هذا المنتج مستخلص من موارد طبيعية وبأيدي شباب عمانيين، فهو منتج محلي 100%.
تخطي العقبات
لابد من تخطي العقبات في كل مشوار يؤدي إلى النجاح، ومن التحديات التي واجهت أعضاء شركة «خوصة» وكيفية التغلب عليها، ذكر مهند قائلا: في بداية مشوارنا لبدء تصنيع المنتج واجه فريق العمل في الشركة العديد من الصعوبات والتحديات في الأفكار والاقتراحات المتعارضة من الأعضاء، وفي اختيار المكان المناسب لإجراء الاختبارات وعملية التصنيع، وكذلك الحصول على الأجهزة والمعدات اللازمة، وأيضا واجهنا تحديا كبيرا في التكاليف العالية لإنتاج المنتج بكميات تجارية والتسويق له، حيث استطعنا تخطي هذه العقبة من خلال الاعتماد على نظام الأسهم وتمليكها لأفراد من داخل الشركة وخارجها، وتغلبنا على الكثير من الصعوبات التي واجهتنا في تصنيع المنتج من خلال الاستشارات التي كانت تقدم لنا من قبل الباحثين والمختصين في مجال الزراعة واستخلاص المواد الطبيعية، وقد تمكنا بسعي وتعاون الأعضاء من حجز ساعات قليلة في بعض المختبرات ضمنها مختبر جامعة نزوى للقيام بتجاربنا وتصنيع المنتج. وتعد شركة خوصة التجربة الإدارية الأولى لأعضائها، وهو السبب الذي دفعنا لمواجهة العديد من التحديات التي كان أبرزها اختيار الأعضاء المناسبين لشغل وظائف متعددة، في كل من المجال البيئي والصناعي ومجالات التسويق والعلاقات العامة، حتى بعد اختيار الأعضاء دخلنا في الكثير من المتاهات المتعلقة في تقسيم الأدوار والمهام بشكل سليم للوصول إلى أهدافنا بسهولة دون عقبات.
تسويق وتواصل
وأضاف الهاشمي قائلا: حتى الآن لم نجد من يتبنى المشروع، فنحن حاليا في بداية المشوار، وسوف نتجه للشركات المعنية من أجل بدء نظام الاستثمار، ولنصل إلى أكبر عدد من المستثمرين لهذا المنتج حتى يتم تبنيه. كباقي المشاريع الشبابية العمانية نحن بحاجة إلى الدعم والتشجيع من أجل بناء طموحاتنا العالية كشباب عمانيين، حصدنا الصدى الكبير والتشجيع والإعجاب بمنتجنا من خلال عرضه على منصات التواصل الاجتماعي ومن خلال مشاركاتنا الاجتماعية، فنحن حقيقة بحاجة إلى الدعم المادي والمعنوي والمعلوماتي كذلك. لذا نتمنى من الجهات الإعلامية أن تفتح لنا المجال لتقديم معلومات منتجنا ومميزاته والحديث عن مشروعنا. وكذلك أحث كل فرد من أفراد المجتمع العماني على تشجيع المشاريع العمانية والمساعدة في تطويرها واستخدامها حتى تكون البديل الأول عن المنتجات الأجنبية. منذ بداية مشوار شركتنا قمنا بالعمل على الجانب التسويقي لانتشار الفكرة ووصولها إلى أكبر شريحة ممكنة من المؤسسات والأفراد، وننخرط في شتى أنواع التسويق سواء التعامل الإعلامي أو من خلال المشاركات المختلفة، ونتفاعل في برامج التواصل الاجتماعي وفي غيرها من النشرات الشفوية والإعلانات المستمرة، ونشارك في بعض الأحداث الاجتماعية.
طموحات مستقبلية
وأضاف مهند قائلا: مشاركتنا الأولى كانت في معرض «يدا بيد» للشركات الطلابية، وكذلك شاركنا في معرض الشركات الطلابية الذي أقيم في أفنيوز مول، وشاركنا في اليوم المفتوح بالكلية التقنية العليا في نزوى. أضافت لنا هذه المعارض قاعدة واسعة من المعلومات التي نستطيع من خلالها تطوير المنتج وكيفية التسويق له بشكل أكبر، وأصبح لدينا تواصل مباشر مع المستهلك، والتمسنا مدى ملاقاتهم الاستحسان بالمنتج. وفي الختام ذكر الهاشمي: تطلعاتنا المستقبلية تكبر يوما بعد يوم، ولدينا أفكار مبتكرة وجميلة نقدمها للمستهلكين، ونتمنى في المستقبل أن نكون أكبر شركة موردة للمنتج في العالم، واستبدال مادة النانو سيراميك بمنتجنا «خوصة»، إضافة إلى طموحنا في الدخول إلى سوق الملابس وصناعة الأثاث، ولا يقتصر عملنا على طلاء السيارات فقط. وأتقدم بالشكر الجزيل لطاقم العمل في شركة «خوصة» على جهودهم الجبارة، وإصرارهم على تطوير المنتج من أجل بيئة طبيعية خضراء، ولهم الشكر على التعاون المستمر، ومواجهة التحديات في تخطي العقبات والصعوبات التي تواجهها الشركة.