العام
عيد بلا إسراف
د. حمد بن ناصر السناوي
استشاري أول ـ الطب السلوكي
لا يختلف اثنان ان هناك علاقة وطيدة بين الغذاء و الحالة النفسية للفرد. فجميعنا تعود منذ الصغر ان يكون الطعام ،بل الكثير من الطعام متوفرا خلال المناسبات الاجتماعية مثل ايام العيد وما يصاحبه من ماراثون اللحم والشواء والحلوى العُمانية الغنية بالمواد الدسمة حتى عندما نكبر يتشكل في عقولنا ذلك الرابط الشديد بين الاكل والمناسبات السعيدة فلا يكتمل العيد بدون الطعام، لكن هل هناك فرصة لمراجعة هذا المعتقد و اتباع نظام غذائي معتدل خلال العيد؟ خصوصا وان فترة الصيام التي لا تقل عن ١٤ ساعة خلال هذا العام تعتبر فرصة ذهبية للتقليل من الطعام واتباع نظام صحي معتدل . حيث ان صيام شهر كامل يدفع الفرد الصائم الى اتباع نظام غذائي مغاير تمامًا للنمط المتبع طوال العام، فنتيجة للصوم يعتاد الجهاز الهضمي على عدم استقبال أي طعام أو شراب طوال النهار ما يجعله في حالة راحة خلال تلك الفترة في حين يفرز العصارات الهاضمة ويتهيأ لاستقبال الطعام قبيل أذان المغرب، ولكن هذا الحال ينقلب رأسًا على عقب خلال أيام العيد.
من المتعارف عليه اجتماعيا بأن تقديم الطعام للضيوف وبالتحديد ايام العيد من العادات العربية الأصيلة التي تعبر عن كرم المضيف و مكانته الاجتماعية ،كما تعتبر دليلا على تقديره للضيف الا ان البعض يبالغ في هذا الكرم فيتحول الامر الى بذخ وإسراف في تقديم الأصناف العديدة من الطعام رغم ان حالته المادية لاتسمح له بصرف الكثير من المال على هذا الطعام الذي عادة ما ينتهي به الآمر في أكوام النفايات حيث تشير الابحاث العلمية ان الطعام يشكل ثالث أعلى مكون للقمامة في مكبات القمامة عالميا . وعلى مستوى دول الخليج ،فرغم ان ٩٠٪ . من الغذاء في معظم دول الخليج مستورد و معظم المياه تأتي من محطات التحلية الا ان التقارير تشير إلى الطعام المهدر في احدى دول يصل ٣٩٪ من كمية القمامة وترتفع في شهر رمضان والعيد لتصل الى ٥٥٪، كما ان االاسراف في توفير الطعام يدفع بالبعض إلي تناول كميات كبيرة منه مما يؤدي الى زيادة الحالات التي يتم الكشف عليها في المستشفيات اثناء ايام العيد بسبب التغير المفاجئ في مواعيد وأساليب ونوعيات الطعام المتناول مما يسبب آلام المعدة والأمعاء والانتفاخ والإسهال الحاد و غيرها من الاضطرابات الغذائية.
لذا ينصح خبراء التغذية ببعض السلوكيات التي يمكن ان تقلل الإصابة بمشاكل الهضم ايام العيد و هي :
١.قم بتناول وجبة الفطور في الصباح الباكر بعد صلاة العيد مباشرة، وذلك لتعويد المعدة تدريجيًا على وجبة الفطور الصباحي مع تأخير غداء العيد، حتى تتعود المعدة تدريجيًا على الفارق في الوقت بين وجبة الإفطار الرمضاني والغداء الاعتيادي.
٢. تجنب الإكثار من تناول الحلويات التي تقدم في العيد حتى لا تربك المعدة، حيث إن الإكثار منها يؤدي الى زيادة الوزن، كذلك يجب عدم الإكثار من تناول المكسرات أثناء العيد، فرغم كونها مصدرًا غنيًا بالمواد الدهنية خاصة النوع الجيد الذي يساعد على تقليل الكوليسترول، لكن الإكثار منها يودي الى زيادة الوزن، لذلك يجب ألا يزيد عدد حبات المكسرات على 35 حبة خلال اليوم.
٣. قلل من تناول الحلوى العمانيه، فرغم كونها طبقًا اساسيًا من مأكولات العيد في المجتمع العُماني الا انها لا تحتوي على قيمة غذائية تذكر، فهي عبارة عن سمن و سكر ونشا ومكسرات ونكهات، لذا يفضل الإقلال من تناولها والاكتفاء بتناول ملعقة إلى أربع ملاعق من الحلوى خلال اليوم تجنبا لزيادة الوزن.
٤.اذا كنت تفضل تناول الطعام خارج المنزل خلال ايام الأعياد فتجنب المطاعم التي تقدم البوفيه، فان خبراء التغذية يحذرون من أن البوفيه يساعد بصورة كبيرة على زيادة تناول الطعام، مما يؤدي الى زيادة السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد، وينصح الخبراء بتناول الأطعمة الصحية مثل السلطات وعصائر الفاكهة الطازجة واللحوم أو الأسماك أو الدجاج المشوي، وتناول كميات جيدة من الفواكه والخضراوات الطازجة، والتقليل من الكاتشب والماسترد والمايونيز وصلصات السلطات.
٥.احرص على ممارسة الرياضة ايام العيد .حيث ان قلة الوقت واستقبال الضيوفو والزيارات الاسرية قد لا تمنحك الفرصة لممارسة الرياضة مما يؤدي إلى تراكم للدهون في الجسم .
٦.تجنب السهر لساعات طويلة حيث ان اجواء العيد و اللقاءات العائلية ايام العيد قد تؤدي الى السهر لفترات طويلة، علما بان السهر وقلة النوم يجعلان توازن الجسم مختلًا مما يسبب التوتر والقلق وأحيانا تناول المزيد من الطعام في وقت متأخر من الليل، كما أن السهر سيستنفذ طاقاتك ويضر بصحتك. ولذلك احرص على النوم باكرًا لتحافظ على صحتك.
٧.احرص على تناول الماء بكرة، خصوصا وان العيد هذا العام يصادف وقت الصيف، حيث يحتاج الجسم إلى كميات كبيرة من الماء ليعوض ما فقده من السوائل خلال شهر رمضان. و يعتبر الماء من أهم العناصر الضرورية للجسم حتى يتخلص من سمومه. لذلك احرص على تناول ليترين من الماء يوميًا.
وختاما، أتمنى لكم عيدا سعيدا مليئا بالبهجة والسعادة والمسرات
وكل عام وأنتم بخير