الثقافي
متحف النقود بالبنك المركزي العماني .. نافذة مشرعة على التاريخ
خاص: التكوين
افتتح البنك المركزي العماني متحف النقود في 19 إبريل 1999م، ليكون مصدر معلومات لكل من يرغب في الاطلاع على تاريخ النقود في سلطنة عُمان. ويقع في مبنى البنك المركزي العماني بالحي التجاري بمطرح.
دار السك العمانية
وسنأخذكم في رحلة عبر المتحف للتعرف على مرافقه والنقود الموجودة فيه. فعند الدخول إلى المتحف تقابل الزائر لوحة تخيلية لدار ضرب النقود العمانية تُمثل دار السك العمانية قديمًا، إذ تجسد اللوحة المراحل المختلفة التي تمر بها مرحلة سك الدرهم الفضي الإسلامي، ابتداءً من صهر المعدن وانتهاءً بمرحلة وزن الدرهم ونقله لتخزينه في بيت مال الدولة. ويوجد بجانب اللوحة الأدوات الحديثة التي تستخدم في عملية إنتاج العملات المعدنية التذكارية والمتداولة والأوراق النقدية العمانية الحديثة.
أقدم درهم أموي ضرب في عُمان
وتوجد في وسط المتحف خزانة تضم قطعة نقدية نادرة وهي أقدم درهم أموي ضرب في عُمان سنة 81 هـ/ 700م، مما يؤكد اختيار الدولة الأموية لعُمان كأقدم دار ضرب في شبه الجزيرة العربية. وفي الجهة المقابلة منها ريال تذكاري ذهبي من إصدار عام 1994م بمناسبة مرور 250 عام على حكم أسرة البوسعيد لعُمان.
أقسام المحتف
ينقسم المتحف إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
أولا: قسم النقود القديمة والإسلامية والحديثة:
يحتوي متحف النقود بالبنك المركزي العماني على عدد من الخزانات، منها خزانة العملات القديمة التي تضم النقود التي سبقت بعثة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وتعرض هذه الخزانة أقدم النقود المضروبة في العالم من مقدونيا واليونان وروما والهند وغيرها. بالإضافة إلى الدنانير البيزنطية والدراهم الساسانية التي كانت تستعمل في المعاملات المالية في شبه الجزيرة العربية والتي أقر الرسول، صلى الله عليه وسلم، التعامل بها مع وجود الرموز الدينية النصرانية والمجوسية عليها.
ويعرض المتحف مجموعة متميزة من النقود التي انتشرت في العالم منذ القرن السابع قبل الميلاد كالنقود الإخمينية والبارثية من بلاد فارس، وتترادراخمة بطالمة مصر، وملوك مقدونيا، وكراكاس وملوك السلوقيين في سوريا وفلسطين، بالإضافة إلى الستاتر الذهبي لملوك كاشان وجوبتا في باكستان وأفغانستان وشمال الهند، والتترادراخمة اليونانية التي شاعت في الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية منذ القرن الرابع قبل الميلاد، بالإضافة إلى الدنانير البيزنطية والدراهم الساسانية التي كانت شائعة التداول في منطقة الخليج العربي منذ العهد الجاهلي والتي أقر الرسول، عليه أفضل الصلاة والسلام، بعد بعثته التعامل بها مع وجود التأثيرات الدينية المجوسية والنصرانية عليها. كما شهدت إضافة بعض الكلمات الإسلامية عليها منذ قيام الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله، عنه بفتح بلاد فارس والسيطرة على مدن الضرب الفارسية، واستمرت الإضافات حتى انتهى الخليفة عبد الملك بن مروان من تعريب الدنانير عام 77هـ / 696 م والدراهم عام 78هـ/697م.
ويضم القسم كذلك خزانة النقود الإسلامية المبكرة التي تعرض نقوداً تغطي الفترة من نهاية القرن الأول الهجري إلى القرن الثامن الهجري/السابع الميلادي إلى الرابع عشر الميلادي، ابتداءً من الدراهم الأموية من مدن الضرب المختلفة ومنها درهم عمان المضروب عام 90هـ/710م، ودراهم ودنانير الدولة العباسية والسلاجقة والبويهيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك البحرية، بالإضافة إلى الدويلات التي كانت تابعة للدولة العباسية كالسامانيين والصفارين وولاة عُمان من بنو سامة وبنو وجيه وبنو مكرم، ونقوداً لحكام اليمن بحكم قربها من عُمان واتصالاتها منها: نقود الصليحين والرسوليين وبنو رسي وبنو زريع. ومن ضمن القطع كذلك عملتان صينيتان تعودان لعهد أسرتي يوان وسونغ في القرون السادس والسابع والثامن الهجريين/الثاني والثالث والرابع عشر الميلاديين، التي عثر عليها أثناء أعمال الحفريات في موقع البليد بولاية صلالة بمحافظة ظفار.
أما خزانة نقود الدول التي ارتبطت مع عمُان بعلاقات دولية، فتضم مجموعة من النقود أقدمها دينار ذهبي لايلخانات إيران من القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي، مروراً بمجموعة متميزة من نقود حكام إيران والهند واليمن ومصر والدول الأوروبية كالبرتغال واسبانيا وهولندا وإيطاليا وغيرها، وأحدثها زر محبوب وهو عبارة عن دينار من ضرب الإمبراطورية العثمانية بإسطنبول عام 1203هـ/1789م.
وبجانب ذلك يضم المتحف مجموعة من العملات التي كانت متداولة في عُمان منذ عام 1801م وحتى عام 1970م، وهي المرحلة التي شهدت فيها عُمان ازدهار العلاقات التجارية والاقتصادية مع العالم بظهور أسرة البوسعيد، حيث كان التعامل بعملة ماريا تريزا (تايلر) التي سكت في أوروبا من الفضة الخالصة وغيرها من عملات الدول الأجنبية من أمريكا واسبانيا وإيران والهند وشرق أفريقيا، بالإضافة للعملات التذكارية التي أصدرها السلطان سعيد بن تيمور في منتصف القرن المنصرم.
ثانيا: قسم الأوراق النقدية :
يعرض المتحف العملات الورقية القانونية للإمبراطورية الهندية التي كانت متداولة في سلطنة مسقط وعُمان خلال الفترة من 1927م إلى 1948م والتي يظهر عليها صورتي الملكين جورج الخامس وجورج السادس، بالإضافة إلى العملات الورقية لجمهورية الهند خلال الفترة من 1949م إلى 1957م.
كما يعرض المتحف عملات ورقية لسلطنة زنجبار وبمبا وهي من فئة 20 روبية وصدرت في يناير 1908 م، بالإضافة إلى فئات مختلفة تضم فئات 100 روبية و50 روبية و10 روبيات و5 روبيات التي تم إصدارها خلال السنوات من عام 1916م إلى عام 1920م، والتي تمتاز بالطباعة عليها من جانب واحد.
ويعرض المتحف فئات من الروبية الهندية الخارجية (روبية الخليج) التي أصدرها البنك الاحتياطي الهندي للتداول في دول الخليج العربي في أعقاب استقلال الهند ووضع القيود على النقد الأجنبي في جمهورية الهند في عام 1957م.
أما بالنسبة للعملات الوطنية، فيعرض المتحف الإصدارات الخمسة للعملات العمانية الورقية بدءاً بالإصدار الأول وبإشراف سلطة نقد مسقط في 7/5/1970 م، الذي ضم عملات ورقية من فئات تراوحت قيمتها ما بين 10 ريالات سعيدية إلى 100 بيسة، مروراً بـ 5 ريالات سعيدية، وريال سعيدي، ونصف ريال سعيدي، وربع ريال سعيدي.
كما يعرض المتحف الإصدار الثاني للأوراق النقدية في 18/ 11/ 1972م، الذي أُصدر تحت إشراف مجلس النقد العماني، وبفئات نقدية مماثلة لفئات الإصدار الأول، إلا أن اسم العملة قد غُيَر من الريال السعيدي إلى الريال العماني.
أما الإصدار الثالث للعملة العمانية فيعتبر الأول من نوعه الذي تمت طباعته سنة 1976م، تحت إشراف البنك المركزي العماني الذي باشر نشاطه في أول إبريل 1975م، ولأول مرة تم طرح فئات نقدية بقيمة 20 ريالاً و50 ريالاً و200 بيسة، بالإضافة إلى الفئات النقدية المماثلة للإصدارين الأول والثاني.
كما أشرف البنك المركزي العُماني على الإصدارين الرابع والخامس للعملات الورقية، حيث حملت الأوراق النقدية في الإصدار الخامس على وجهيها الأمامي والخلفي صوراً لمختلف إنجازات النهضة التي شهدتها البلاد في العهد الزاهر لجلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله. بالإضافة إلى توقيعه السامي – طيب الله ثراه.
ثالثا: قسم العملات التذكارية ـ عصر النهضة
يعرض عملات وميداليات تذكارية من الذهب والفضة والبرونز منذ عام 1971م و1974م حتى العام 1995م. وتضم مجموعة عملات تتناول مواضيع الحياة البرية والفطرية في السلطنة، ومواضيع القلاع والسفن العمانية والمناسبات الدولية، كرعاية الطفولة وإنشاء هيئة الأمم المتحدة ومنظمة الفاو، بالإضافة إلى الأعياد الوطنية والأعوام المحتفى بها، كعام الزراعة والصناعة والشباب والتراث وغيرها، بالإضافة إلى الميداليات التذكارية، كميدالية القلاع العُمانية سنة 1995م، وميدالية تقويم سنة 1997م.
كما يضم المتحف صالة عرض تستخدم لعرض الأفلام وإلقاء المحاضرات للزوار؛ ليتسنى لهم معرفة المزيد عن تاريخ النقود العمانية ووظائف البنك المركزي العماني.
ويفتح المتحف أبوابه للزوار طوال أيام الأسبوع من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الواحدة مساءً، عدا يومي الجمعة والسبت والعطل الرسمية. وتبلغ رسوم دخول المتحف 250 بيسة لكل زائر، ويعفى من الرسوم المجموعات الطلابية والوفود الرسمية والأطفال دون سن السادسة.