مقالات

حركة التجديد مستمرة.. والدور على “الصفوف العليا”

محمد بن سيف الرحبي

“التقاعد” ليس بالمفردة السائرة بخفّة نسمة على حقول الحياة، خاصة إذا جاءت على غير موعد، ودون أن يصل البذار إلى منتهاه، مع بلوغ الأمد القانوني، والمتهيأ له نفسيا على الأقل، فتبدو كزوبعة، مع أنها تبدو للبعض “زوبعة في قاع فنجان”.

لكن حركة التغيير، في النهضة المتجددة، كانت لها كلمتها، ورغم أضرار (متوقعة) لدى ممن لم يتمكّنوا من ترتيب ظروفهم خلال الثلاثين سنة الماضية، إلا أن الإيجابيات كثيرة، حتى ونحن نشهد خروج كفاءات، إنما يبقى “الاستثناء” في الأسماء والأمكنة مفسدة ستكون لها مضارها، من محسوبية وادعاءات تتكاثر، وتتعمّق، وسيكون لها الصوت الأعلى، فوق ما يمكن حصاده من مصلحة عامة في قرار كهذا.

 خلال الأيام الماضية، وربما الأسابيع المقبلة، لا صوت يعلو فوق صوت “كوفيد 19” إلا التقاعد، والجدال فيه، وهذا طبيعي حدوثه، مع كل حركة تغيير، هناك من يقبلها أو يرفضها أو يجادل فيها، وهناك أيضا من لا تسير رياحه بما تهوى سفنه، ويخشى من “مجهول”، دون النظر إلى إيجابيات يمكن حصادها، أو أنها سنّة الحياة، فالخروج بالتقاعد أفضل (بمستويات) من الخروج “بالإقالة” كشأن الكثيرين من العاملين في شركات القطاع الخاص.

هذا التغيير جاء ضمن وعد جلالة السلطان هيثم المعظم في خطابه، نحو هيكلة الدولة وتجديد نهضتها، وهذه الخطوات جاءت مفاجئة كون أنه خلال عدة أشهر بدت العزيمة كبيرة على تحويل الأقوال إلى أفعال، وما نسمعه (رسميا أو متداولا) يدعو للتفاؤل أن ثمة مستقبلا نسير نحوه بثقة، وأن التغيير الذي طالبنا به سنوات عديدة بدأت خطواته واثقة وهي تراجع وتصحّح، فمتغيرات الحياة لا تتوقف، ومستجداتها لا تنقضي.

وخطوة التقاعد هي مفتتح مهم في عملية الهيكلة، حيث تصبح المؤسسات الحكومية، على تنوع مسمياتها، أكثر رشاقة للدمج أو الإلغاء في حالة تشابه الاختصاصات.

إذن حركة التقاعد التي طالت جميع الصفوف الوظيفية، سترتفع لا محالة صوب الصفين الأعليين، من أصحاب المعالي والسعادة، وتأجيل ذلك بعض الوقت، عائد في تقديري الشخصي، كونه مرتبطا بحالة هيكلة واسعة، لها مرئياتها وحساباتها، والإعلان عن تشكيل مجلس وزراء جديد يتطلب وقتا من الدراسة، لأن التغيير غير المحسوب يعود بخلل أكبر مع مرور السنوات، والأهم هو وجود الرجل المناسب في المكان المناسب، فكفانا تجارب في هذا المجال، فلكل شخص اختصاصه، مهما بدا فاعلا وحيويًّا.

من تقاعد، ومن تأخرت رسالة تقاعده، فإن الحياة مستمرة بقدراته التي اكتسبها عبر مراحل عمره، هذه الحياة التي قد لا تعطينا كل ما نتمنّاه، لكن “التعايش” ضرورة إنسانيّة، وفي كل مقال ومقام نقول دوما أننا مع هذا الوطن، في خدمته جميعا، على كرسي الوظيفة أو خارجها، كبر المسمى الوظيفي أو صغر، وحفظ الله بلادنا الحبيبة، وسدد خطى جلالة السلطان هيثم بن طارق، وهو يقود عُمان في نهضتها المتجددة، فمعك على الدرب سائرون، وإنكم بعون الله لماضون.. لما فيه خير البلاد وأبنائها الأوفياء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق