قالت الدكتورة آسيا بنت محمد النعمانية الطبيبة الاختصاصية بقسم صحة الطفل بدائرة صحة المرأة والطفل بوزارة الصحة إنه كانت ولم تزل لجائحة كورونا المستجد (كوفيد 19) تأثيرات عميقة على الأفراد والمجتمعات منذ بداية انتشار المرض في الصين .
وأشارت الدكتورة آسيا النعمانية إلى أن أهم الفئات المتضررة من هذه الجائحة هي فئة أطفال متلازمة داون المقيدين بالصفوف التعليمية الذين حُرموا من الاستفادة من الخدمات في مراكز التأهيل أثناء الأزمة الحالية، وبقاؤهم في المنازل كان له تأثيرات مختلفة على حياتهم الصحية والنفسية الاجتماعية والسلوكية .
وفيما يتعلق بإمكانية إصابة أطفال متلازمة داون بفيروس كورونا بنسبة أعلى عن غيرهم من الأطفال رأت الدكتورة آسيا أنه بالرغم من أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى بشكل عام والالتهابات التنفسية بشكل خاص إلا أنه لا يوجد دليل في الوقت الحالي على أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة بهذا الفيروس التاجي ” ومع ذلك هناك أدلة تشير إلى أنه قد يشكل خطرًا أكبر على أولئك الذين يعانون من حالات صحية مزمنة أخرى ” بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي الموجودة سابقًا وأمراض القلب والسكري ومرض نقص المناعة.
وللتأكد من صحة وسلامة طفل متلازمة داون في ظل جائحة كورونا أكدت الدكتورة آسيا أنه تتوجب المتابعة الطبية للطفل المصاب بالمتلازمة بحسب استمارة فحص المتابعة المرفقة بسجل صحته الطفل (البطاقة الوردية) للكشف عن أي مشاكل صحية محتملة من خلال عيادات متابعة أطفال متلازمة داون مع التأكيد على متابعة التحصينات المسجلة بسجل صحة الطفل.
وأضافت ” إذا كان الطفل يعاني من مشاكل تنفسية أو يتعافى من عدوى تنفسية أو عدوى رئوية فيروسية فمن الضروري اتخاذ إجراءات واحتياطات لحمايته من فيروس كورونا داخل المنزل واللجوء إلى مقدمي الرعاية الصحية عند الضرورة ” .
ونصحت الدكتورة آسيا النعمانية أولياء أمور الأطفال حديثي الولادة المشخصين بمتلازمة داون بأخذ المعلومات الصحيحة من المصادر العلمية الموثوقة مبينة أن هناك ضغوطات قد تواجه أسر هؤلاء الأطفال من الموجودين في المنازل خلال هذه الفترة تتمثل في القلق والتوتر وهي ما تفرض متابعة ورقابة الطفل على مدار الساعة لضمان سلامتهم الجسدية .
وقالت إن أطفال متلازمة داون يتسمون بحب التجوال والخروج من المنزل وعدم إدراك الأخطار المحيطة و” لذا يجب التنبيه والحرص على أهمية وجود شخص بالغ مع هذا
الطفل للتأكد من سلامته وعدم تعرضه لأي أخطار منزلية ” .
وفيما يتعلق بأهم المشاكل السلوكية التي قد تواجه أسر الأطفال من متلازمة داون في فترة جائحة كورونا اعتبرت الدكتورة آسيا النعمانية أن عدم ممارسة أطفال هذه المتلازمة لحياتهم ونشاطاتهم الحركية اليومية بشكل منظم هي من أهم المشاكل إضافة إلى محدودية المساحات الخارجية في المنازل والتي قد تؤدي إلى ظهور سلوكيات أخرى كفرط الحركة وضعف الانتباه والعناد وعدم الإصغاء إلى توجيهات الأهل ناصحة الأسرة بتغيير النمط السلوكي المعتاد والابتعاد عن السلوكيات المثيرة للطفل.
كما نصحت الدكتورة بتغيير الجو المحيط بالطفل لمنع ظهور السلوك غير المرغوب وتعليمه مهارات جديدة بديلة عن المشكلة السلوكية وإزالة أو تقليل المعززات والمحرضات للسلوكيات غير المرغوبة وإدخال وزيادة المعززات للسلوكيات المرغوبة ومتابعة بعض الدورات التدريبية الخاصة بتعديل السلوك .
وأشارت إلى أن وزارة الصحة ما زالت تقدم خدماتها التأهيلية للأشخاص ذوي الإعاقة كخدمات الإعاقة والايواء والخدمات النهارية في بداية جائحة كورونا عبر وسائل التواصل الاجتماعي إضافة إلى أنها تقوم بالتواصل مع الأسر كما أنه جارٍ العمل حاليًا على دراسة طرح الخدمات التأهيلية ” عن بُعد ” وتقديمها لأسر الأطفال لمختلف الإعاقات .. كما يتم أيضًا بث بعض حلقات العمل والجلسات التأهيلية لأسر أطفال متلازمة داون من خلال المواقع الإلكترونية الخاصة بالجمعية العُمانية لمتلازمة داون .
وتطرقت الدكتورة آسيا إلى بعض المشاكل السلوكية التي قد يعاني منها الأطفال المصابون بمتلازمة داون ومن بينها الصعوبة التي يجدها الأهل في جعل الطفل يخلد للنوم ومشكلة الاستيقاظ المتكرر مما قد يؤدي إلى النوم المفرط والشعور بالكسل في ساعات النهار مؤكدة على أهمية تحديد وقت معين لنوم هؤلاء الأطفال باكرًا والاستيقاظ باكرًا مع إمكانية وضع جدول يتضمن بعض التمارين الرياضية في الصباح الباكر وإشراك بقية أفراد الأسرة في تطبيقه.
وكشفت الطبيبة الاختصاصية بقسم صحة الطفل دائرة صحة المرأة والطفل بوزارة
الصحة عن أن الأطفال المراهقين من متلازمة داون قد يعانون من الاكتئاب والاحباط بسبب الروتين اليومي الذي من شأنه أن يشعرهم بالملل مطالبة الأسر وضع خطة أسبوعية واضحة الأهداف تنفذ بمشاركة أفراد الأسرة لينعم الطفل بجو أسري مرح ومسلٍ .
كما كشفت عن أنواع وأشكال متعددة من الضغوط النفسية التي تعيشها الأسر التي لديها أطفال من متلازمة داون إذ تسبب التباعد الاجتماعي في عدم رؤية الأطفال لأجدادهم .. كما أدى ذلك إلى فقدان الأطفال لمعنى الأسر الممتدة والألفة الاجتماعية رغم أن وجود شبكات التواصل الاجتماعي والشبكات الإلكترونية ساهم في التواصل البصري بين الأسر ومشاركة المشاعر وبث نوع من المشاركة اليومية للأسر بعضها البعض .
ووجهت الدكتورة آسيا النعمانية بعض النصائح لأسر أطفال متلازمة داون في هذه الفترة الاستثنائية لجائحة كورونا تتصل بشرح طريقة غسل اليدين بالماء والصابون وشرحكيفية
العناية الشخصية في المنزل وتعقيم جميع الأسطح والأدوات والألعاب التي يلمسونها وإعطائهم معلومات بطرق مصورة مفهومة حول الفيروس وأهمية الالتزام بوسائل الوقاية وأهمية التباعد الاجتماعي للحد من انتشار الفيروس.
وأكدت الدكتورة النعمانية على ضرورة المتابعة الطبية على حسب الجدول الزمني للطفل بالإضافة الى أخذ التطعيمات الدورية وزيارة المستشفى في حال ظهر عليه أي من أعراض مشاكل الجهاز التنفسي خاصة في وجود أكثر من شخص يعاني منها إضافة إلى متابعة برامج التعليم والتدريب ” عن بُعد ” للأطفال المسجلين في المراكز التأهيلية أو من خلال قنوات شبكات التواصل الاجتماعي أو الانترنت بهدف الاستفادة من البرامج التعليمية المدرجة حسب عُمر الطفل وتقنين استخدام الأجهزة الالكترونية للطفل واستخدامها بطرق مُثلى لتحقيق الأهداف المرجوة منها كالوظائف الأكاديمية.
ورأت الدكتورة آسيا بنت محمد النعمانية الطبيبة الاختصاصية بقسم صحة الطفل بدائرة صحة المرأة والطفل بوزارة الصحة أن على الأسر شغل الطفل بخطة أسبوعية وتقييم نقاط الضعف والقوة وتمكين الطفل من تحقيق الأهداف الأسبوعية وإكسابه المهارات الحياتية اليومية في المنزل وشغله بما يفيده مع إشراك باقي الأسرة في ذلك والتأكد من وجود شخص بالغ قادر على الاهتمام بالطفل في المنزل للحرص على حمايته من أي أخطار أو حوادث منزلية والتأكيد على التنوع الغذائي للوجبات بأن يكون متوازنًا وغنيًا بالألياف والفيتامينات والمعادن بالإضافة إلى البروتين والتقليل من السكر والدهون.