فيما تتصاعد التخمينات عن تغيير وزاري مرتقب، وربما مؤجل، فإن يناير (يقترب) أيضا ليضع أسئلة كانت معلّقة بانتظار الإجابة العملية عليها، فيناير المقبل يعني أن خمس سنوات من عمر النهضة المتجددة اكتمل، وواضح أن الدولة تريد الاحتفاء به مع الاستبشار بوضع المزيد من النقاط على الحروف، والتي ما زالت قيد المتابعة والدراسة، بعد معركة صعبة مع الملفات المالية غلّفت السنوات الأولى من عمر هذه النهضة، وآن الأوان للنظر فيما هو أبعد من “خفض الدين العام”، فهناك على المستوى (العام) ما هو حيوي أيضا، وضروري.
يناير بالنسبة لنا ذكرى حزينة حينما رحل عن دنيانا السلطان قابوس طيب الله ثراه بعد نحو خمسين عاما من البناء التنموي، ولكن كان أيضا انطلاقة نهضة متجددة بقيادة السلطان هيثم، حفظه الله ورعاه، ليقود البلاد في مرحلة حساسة ومهمة كونها أنهت فترة يمكنني تسميتها بالرمادية أو الغفلة، حيث ارتفعت ديون البلاد خلال سنوات قلائل بنحو ٥٠ بالمائة.
لقد عبرت البلاد أزمة مالية عميقة رغم فداحة الثمن، وبموازاة نجاحات كثيرة صعدنا بها إعلاميا إلى القمة فإنه علينا الاعتراف بالأخطاء المرتكبة، إذا أردنا العبور إلى المستقبل بثقة، ومن بينها التقاعد المبكر الذي اطاح بالصالح أكثر من الطالح، فخسر الجهاز الاداري للدولة كفاءات دفع لتأهيلها ثروة أهدرت بكل بساطة.
وينظر المراقبون إلى أن عملية التغيير الوزاري مهمة، بعد تعيينات بدت ضرورة مرحلة، ولكن بعد خمس سنوات فإن أمر المراجعة بات ضروريا، وإذا كان هناك من ينتقد الاختيار الشعبي لأعضاء مجلس الشورى (كونه عانى من تضخم القبلية) فإن الانتقادات طالت أيضا التعيين الحكومي لأعضاء الدولة (وتصاعدت فيه المحسوبية)، وعليه فإن مراجعة أمر الغرفتين المشكلتين لمجلس عمان على غاية من الأهمية، فهل نحن بحاجة، وعددنا كعمانيين أقل من ثلاثة ملايين نسمة، ونعاني من أزمة الباحثين عن عمل، ومديونيات شخصية مرتفعة، إلى نحو مائة وستين عضوا برلمانيا ومن المثير أنه لا يؤخذ برأيهم كثيرا؟!
أرى، من وجهة نظر شخصية، إلى أن يكون مجلس عمان من غرفة واحدة، من نحو ستين شخصا، نصفهم منتخب والآخر معين، والانتخاب يكون على اساس المحافظات وليس الولايات.