مقالات

حديث النفس-١-

 

ماجد بن محمد بن الوهيبي

 

 

من روازن الماضي وشرفات المستقبل، أطل عليكم بكلماتٍ ممزوجة بمشاعر الحب والولاء لأهديها لكم معاشر القراء، فبكم يحلو اللقاء ويتوالى العطاء فينصبُ الفكر ويفيضُ الوجدان وإليكم هذا الهذيان.

شعور يكسر القلب، إذا ماتت مطالبُهُ،

ورأيٌ يهدمُ الحُب، ورأي كم يحاربُهُ،

أنا في نشوة السحر، أُناجي طفلة الخدر،

إليها الحبُ والوُد، رياضٌ ما بها قفر…

بهذا الهذيان الغابر حدثتني نفسي، وهو مما مضى وعبر، معربًا عن خيبة الأمل التي لازمتني، والعوائق التي حالت دون بلوغ المرام، رغم العشق والغرام.

ولحديثِ النفس لحظات ولحظات ولها طموح وتوجهات كما أن لها جماحًا كالفرس وقد تغلب المرء في جماحها لذا يجب ترويضها كما تروض الفرس خشية أن تقود صاحبها إلى المهالك والعياذ بالله.

كنا نركب الكلمات عنوة فيما مضى وفي ذلك الزمان، ويميل نظمنا للزحف وكثيرًا ما كُنا نُخلُّ بالأوزان، وكأننا نستحدث الكلمات ونخرق القواعد، لنبتكر الجديد والمريب، وهذا خطأ فادح بحد ذاته وليس بالحسن.

ولكننا نبتكر بشكل محمود وغير مذموم، لاسيما إن كان لا يسيء للمعنى العام ولا يخرج عن وحدة الموضوع، وكبدايات جريئة ومتعثرة لا بأس من جانب التشجيع فحسب، وإلا فالمستنكر مذموم.

وكثيرًا ما كنا نبتكر الحوار الخيالي، وهو ما يسمى بالمجاز أو التعبير المجازي، وكنا حينها في بداية المرحلة الثانوية وهو ما يعرف بالصف العاشر الآن.

ابتكرنا هذا الحوار وهو من نسج الخيال وحديث النفس، ولي في ذلك ثرثرة وهذيان، منها حواري مع العفريت، ومع العصفور، وحديث العصفور مع الغراب، ثم حديث الحسناء، وأفراح النهار وكآبة المساء، وأخيرًا يكون التحليق.

ولنبدأ بالحوار مع العفريت كما أسلفنا، وهو ضربٌ من الهذيان ومن نسج الخيال، (بالأمس قال لي عفريت، ستموت في علبة كبريت، وستوضع في تابوتٍ من حديد، وستبقى في الأرض وحيد، عندما تعصف بقلبي الرياح، أحنُ كثيرًا لتلك البطاح، يهمس بأُذني شغفًا عصفور، هي تنتظرك عند الزهور، حبها جعلني أبدو كالشريد، فهل هي حقًا من أريد، تسكت ثم تبدأ بالبكاء، ثم تهمس أنت لي شفاء، ولكني أكرهك عندما تغيب، بل أشتاقك عند المغيب…….)

(سمعتُ غرابًا يقولُ لعصفور، ألوانُ ريشك تبدو كالزهور، أما أنا فلوني كالظلام، ليت لي وداعة الحمام، تكرهني الكائنات حتى البشر، منبوذٌ من كل شيء حتى الشجر، أجابه العصفور إنك واهم، فجمال ريشك المظلم القاتم، يوحي بالهدوء يا غراب، ولك منقارٌ يلتقط الذباب، وجسدك القوي يقاوم الأمراض، هكذا خلقت فلا اعتراض……)

(للنهار أفراحٌ وأنوار وللمساء كآبةٌ خرساء، وعيوني معلقةٌ بذاك المساء فلا نهار ولا ضياء، وبجسدي نحولٌ ووهن وبقلبي عاصفةٌ هوجاء، وحياتي بتلك العاصفة التي مات فيها الرجاء……..)

(رغم ذلك كله سأعيش، طائرًا في الأُفقِ بغير ريش، مرغمًا روحي لكي أعيش لا أُبالي بالمصير وضنك العيش…….)

انتهى حديث النفس، وإلى لقاءٍ آخر مع هذيانٍ جديد إن شاء الله..

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق