يدرس الدكتور سعيد بن محمد السيابي في كتابه (أسئلة النص أجوبة العرض في المسرح العماني والخليجي) الصادر عن مؤسسة بيت الغشام، جملة من الظواهر والقضايا المسرحية لاسيما في بعديها العماني والخليجي.
يقول الدكتور سعيد السيابي عن الكتاب: في هذا الكتاب وفصوله إبحار حول حقيقة النصوص المقدمة في المسرح العماني والخليجي؛ لذا كان لابد من الإشارة بداية إلى أن المسرح العماني والخليجي خضع كغيره من المسارح إلى تسارع العولمة، والبحث عن الهوية في خضم هذا التسارع؛ فقاد الكتّاب المسرحيين نحو البحث عن المواءمة الاجتماعية والثقافية في نصوصهم المسرحية فطرحوا الكثير من الأسئلة، وقام العديد من المخرجيين والمنتجين بتقديم الأجوبة من خلال العروض المسرحية التي عبرت عن هموم الإنسان وقضاياه الملحة”.
الكتاب يشتمل على ستة فصول. في الفصل الأول “نصّان مسرحيّان مفتوحان على الأسئلة” يناقش الدكتور سعيد السيابي أولا الأسئلة الكامنة في حواريّة (نشيد الأعمى) لسيف الرحبي، حيث يقرر أن جميع الأسئلة مشرعة على لا إجابات محددة ويقينية .. فستسمر الأسئلة في التوالد والتكاثر وقلقل الإنسان ووهجه يحاولان البحث عن ملامح لإجابات لتخلصهم من الحيرة التي تلاحقهم، فها هو الأعمى يطرح السؤال الأول في النص بعد أن تجادلا حول وصف الشمس الذي ليس فيه قسط من صدق وعدالة”.
كما يناقش ثانيا “الارتداد الزماني فرس رهان الشخصية المسرحية:قراءة في الإصدار المسرحي (صوتٌ سمع في الرامة) للكاتب سماء عيسى”، إذ يستنتج أن الكاتب سماء عيسى كان يتدفق مشاعر متنوعة تمازجت في معظمها مع أصوات الشخصيات ومستوياتها وطبقاتها الاجتماعية كما كان الصراع مكتمل الأركان ومحتدما؛ دون أن يكون هناك ما يقطع ذلك الصعود نحو العقدة والذروة المسرحية”.
وفي فصله الثاني يتطرق الدكتور سعيد السيابي إلى “المسرح العماني والانفتاح على تأثير الثقافات”، إذ يتبين له أن هناك عددا من النصوص المسرحية العمانية في الكثير من المواقف تعكس تأثير الآخر وثقافته، كما ظهرت شخصيات مسرحية كثيرة قدمت ثقافة الآخر مواكبة لتطور المجتمع العماني ونموه المتسارع وانفتاحه على وسائل الاتصال الحديثة .. لكننا لا نستطيع الجزم بأن المسرح العماني قد وصل إلى مستوى الطموح، فعدد كبير من المشتغلين فيه من الهواه لا المحترفين، وعروض المسرح العماني مرتبطة بالمواسم والمناسبات”.
أما الفصل الثالث فيخصصه الدكتور سعيد السيابي لأسئلة النص أجوبة الحب في المسرح الخليجي، إذ يرى أن المسرح كان ولايزال هو أقرب الممارسات التعبيرية عن هذا الجانب المهم من جوانب البناء الإنساني للتقارب والاستمرارية في العيش والتكاثر، مما جعل النماذج المسرحية في الحب مضرب مثل كمسرحية روميو وجولييت للكاتب شكسبير”.
وفي الفصل الرابع يدرس الدكتور سعيد السيابي واقع المسرح الخليجي بين وسائل الاتصال الحديثة والتواصل الاجتماعي. وفي هذا الشأن يقول السيابي: وتفتح هذه المباحث مزيدا من النقاش والتساؤلات حول المسرح ومستقبل توظيف وسائل الاتصال الحديثة كقيمة إنسانية قبل كل شيء في ظل تطور التكنولوجيات، وهل التطور التكنولوجي الجديدة لوسائل الاتصال سينتج ثقافة ذات خصوصيات بعيدة عن الرتابة والأحادية؟ وهل يتجه العالم مع تطور تكنولوجيا وسائل الاتصال نحو أحادية ثقافية ترعاها الإيديولوجية التقنية والسياسية والاقتصادية؟ وأين يتموقع المجتمع الخليجي في ظل كل هذا النقاش؟ والكثير من الأسئلة أبوابها مفتوحة في الإبداع المسرحي، ولا شك في أن المسرح الخليجي جزء من منظومة التطور الدائم بتجدد أطروحاته وأفكار القائمين عليه”.
أما في الفصل الخامس فيتناول الدكتور سعيد السيابي توظيف المثل الشعبي في النص المسرحي العماني، مؤكدا أن تواجد الكثير من الأمثال الشعبية في عدد من النصوص المسرحية العمانية ينم عن حس درامي من قبل الكتاب والمشتغلين، ويعكس أهمية توظيف وحضور واستلهام ما تتيحه الذاكرة الشعبية وماتمتاز به في تحقيق التواصل بين الأجيال.
وفي الفصل السادس يناقش المؤلف نصوص المهرجانات المسرحية في سلطنة عمان بين سياق الكلمة ودلالة اختيار الفعل. وهو في هذا السياق يرى أن هناك عدم اكتراث من الأوساط المسرحية في السلطنة بأهمية (النصَّ المسرحي المحلي) إلا إذا كان المخرج هو المؤلف، وقد اعتمد العديد من المخرجين على (مادة نصية) لا على (نص مسرحي)، لهذا لم يعد هناك اهتمام بكتابة نصوص مسرحية قوية، ومع تزاوج الكتابة المسرحية والإعداد المسرحي انحسر النص المسرحي ذي الكاتب المستقل في المهرجانات المسرحية انحساراً أثر سلبا على جودة الإنتاج في الكتابة المسرحية.